أسقط رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خطابه العنصري القومي على الاحتجاجات التي تشهدها مدن الداخل المحتل، ورمى بالتهمة على "العرب" -حسب وصفه- ليقدّم بتصريحه هذا غطاءً للمتطرفين الصهاينة، الذين حشدوا حتى من مستوطنات الضفة، وهاجموا آخرين من فلسطينيي الداخل بشكل مباشر، وكسروا مركباتهم ومحلاتهم التجارية، واعتدوا عليهم حتى داخل بيوتهم، وقتلوا منهم الشاب موسى حسونة في اللد بعد إطلاق النار عليه بشكل مباشر.
وعقد نتنياهو، اليوم الجمعة، اجتماعًا في مقر شرطة الحدود في اللد استمع خلاله إلى تقييم للوضع الأمني من وزير الأمن الداخلي أمير أوحانا، ورئيس بلدية اللد يائير ريفيفو، ومسؤولين أمنيين، ووصف ما يحدث في مدن الداخل "خطير للغاية"، مؤكدًا أن المستوى السياسي يتعامل مع تلك الأحداث على أنها "أعمال إرهاب".
وقال إن "مجموعات من المشاغبين تخرج من أوساط العرب وتهاجم اليهود لمجرد أنهم يهود". وحاول التخفيف من حدّة تصريحاته زاعمًا أن من يقصدهم "ليس الجمهور العربي بأكمله، ولا حتى جزءاً من الجمهور العربي، بل هي أقلية"، ووصفها بأنها "أقليّة مهمة تنشر العنف وتحاول الإضرار بنسيج الحياة التي بنيناها على مدار السنين بين اليهود والعرب".
ولا يقدّم نتنياهو باتهامه هذا مبرّرًا لآلاف المتطرفين الصهاينة المنتشرين في الشوارع يتربًصون لـ"العرب" وحسب، بل يدفع قدمًا الاحتجاجات التي كانت حصيلة سنوات من التمييز والعنصرية والشعور بالاضطهاد لدى مواطني إسرائيل الأصلانيين، قبل أن تفجّرها شرارة أحداث القدس، في الوقت الذي يحاول فيه مسؤولون إسرائيليون، وعلى رأسهم رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، ووزير الأمن بني غانتس، تليين خطابهم خشية مما أسماها الأول "حربًا أهلية".
ولم يكن الرئيس الإسرائيلي وحده من حذّر من ذلك، إذ يتردد مصطلح "الحرب الأهلية" كثيرًا هذه الأيام في الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي، بعد أن أصبحت الاعتداءات على الهويّة، وإطلاق النار، واستهداف البيوت، مشهدًا يوميًّا في بعض المدن والبلدات في الداخل المحتلّ، لا سيما المدن المختلطة التي يقطنها صهاينة وآخرون من أصلانيي البلاد. وثمّة خشية بالفعل من أن تتطوّر الأمور حدّ الخروج عن السيطرة، يعكسها إصرار نتنياهو على استخدام الجيش في قمع الاحتجاجات -وهو التوجه الذي يرفضه غانتس تمامًا- وتعكسها أيضًا تقارير إعلامية تحدّثت عن توجّه إسرائيل لإخماد نيران الحرب المشتعلة في غزّة من أجل التفرّغ لجبهة الداخل باعتبارها التحدّي الأهم.
وأقرّ غانتس، أثناء تفقده للجنود على حدود قطاع غزة، بأن التحدّي الأصعب يكمن فعلًا في الجبهة الداخلية، قائلًا: "هذه أيام معقدة بالنسبة لنا جميعًا، وخاصة في الداخل".
وحاول غانتس، رغم ذلك، التقليل من حجم الأزمة، واتساع رقعتها، قائلًا "نحن نلحق ضررًا شديدًا بالعدو، لكن ثلة صغيرة تلحق الضرر بإسرائيل والمجتمعات التي بنيناها على مدار السنوات".