نتنياهو يحث الخطى نحو حكومته السادسة

28 ديسمبر 2022
نتنياهو ودرعي (يسار) وسموطريتش (يمين)، نوفمبر الماضي (رونين زفولون/رويترز)
+ الخط -

تمكن رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبل، بنيامين نتنياهو، والكتل المتحالفة معه، أمس الثلاثاء، بعد ليلة مداولات طويلة في الكنيست استمرت حتى السابعة من صباح أمس، من تخطي عقبات شروط شركائه في الائتلاف بشأن إجراء تعديلات على قانون أساس الحكومة، حتى قبل تنصيبها، في إشارة واضحة من هؤلاء الشركاء لعدم ثقتهم بوعود نتنياهو الانتخابية، ومحاولاته تشكيل الحكومة أولاً ونيل ثقة الكنيست، ثم إدخال التعديلات القانونية لاحقاً.

وقرأ شركاء نتنياهو هذه المحاولات بأنها وسيلة منه للتهرب لاحقاً من وعوده لهم، من جهة، ومن جهة أخرى فتح حوار وقنوات اتصال مع من سينتقلون إلى صفوف المعارضة، ولا سيما الجنرال بني غانتس وشريكيه في تحالف "المعسكر العمومي" غدعون ساعر والجنرال غادي أيزنكوط.

إقرار تعديلات في قانون أساس الحكومة

وأقرت الكنيست عند السابعة من صباح أمس، بعد ليلة طويلة، تعديلات قانون أساس الحكومة، بما يسمح أولاً لرئيس حركة "شاس"، أريه درعي، بتولي حقيبة وزارية، على الرغم من إدانته بتلقي الرشاوى والتهرب الضريبي.

ويسمح ذلك ثانياً بتعديل القانون الذي طالب به حزب "الصهيونية الدينية" بقيادة بتسليئيل سموطريتش، بتمكين تعيين وزير إضافي (وليس نائب وزير) مع صلاحيات على الإدارة المدنية ومنسق أعمال حكومة الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، إضافة إلى تعديل قانون أمر الشرطة الذي اشترطه إيتمار بن غفير لتخويله صلاحيات واسعة في حقيبة الأمن الداخلي التي ستتحول إلى وزارة الأمن القومي.


يجند غانتس وزراء أمن سابقين، ممن يسعون لتصفية حسابات مع نتنياهو

ومع أن التصويت على التعديلات أعلاه مرّ بالقراءات الثلاث، إلا أنه من المتوقع أن حكومة نتنياهو الجديدة، التي ينتظر أن يتم تنصيبها رسمياً غداً الخميس، ستواجه في الأسبوع الأول لها عقبة طارئة، بعد أن أمهلت رئيسة المحكمة العليا استير حيوت الحكومة المقبلة أسبوعاً، حتى الخميس من الأسبوع المقبل، لتوفير رد على تعديل القانون الخاص بدرعي، وتحديد هيئة من 11 قاضياً للبت في شرعية التعديل.

ومع أن بإمكان المحكمة أن ترفض التعليل الذي قد تقدّمه الحكومة، إلا أن ذلك سيأخذ أسبوعاً إضافياً على الأقل، وربما أكثر، تكون فيه حكومة نتنياهو قد نُصبت رسمياً، ومن الصعب إدارة العجلة للوراء، حتى لو اضطرت الحكومة إلى إلغاء تعيين درعي وزيراً والمجازفة بخروج حزب "شاس" من التشكيل الحكومي، لكن من دون أن يكون ضد الحكومة الجديدة معارضة تزيد عن 61 عضواً يمكنها إسقاطها.

وسيفتح هذا السيناريو المتشائم، من وجهة نظر درعي، الباب على مصراعيه، لتعزيز فرص إدخال شركاء من خارج المعسكر الحالي لنتنياهو، ولن يكون بمقدور أي من شركاء نتنياهو الحاليين (الصهيونية الدينية والحريديم) التحالف مع المعارضة بقيادة يئير لبيد لإسقاط حكومة "اليمين المليان"، بحسب التعبير الذي يتبناه معسكر نتنياهو منذ الانتخابات في العام الماضي.

في غضون ذلك، ستشهد الحلبة الإسرائيلية مزيداً من التباكي من قبل معسكر لبيد وغانتس على مستقبل إسرائيل والخطر الذي يدفع به "الدولة" نحوه، في كل الميادين والأصعدة، بدءاً من تهديد أمن الدولة بتصعيد خطير في الضفة الغربية في حال تسليم صلاحيات فعلية لبتسليئيل سموطريتش.

وهو ادعاء ردده أمس الثلاثاء على نحو خاص، وزير الأمن الحالي، الجنرال بني غانتس، بهدف مناكفة نتنياهو من جهة، وتنقية صفحته من جرائم الاحتلال المتواصلة يومياً بفعل العدوان المستمر الذي بدأته حكومة نفتالي بينت - يئير لبيد، تحت مسمى "كاسر الأمواج"، من جهة أخرى.

ويجند غانتس في هذا السياق وزراء أمن سابقين، ممن يسعون لتصفية حسابات مع نتنياهو تحت ستار "الحرص على أمن دولة الاحتلال"، ومكانتها الدولية والإقليمية، كما حاول توصيف ذلك أمس وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون، الذي اضطر إلى ترك حكومة نتنياهو بعد عدوان "الجرف الصامد" (ضد غزة في عام 2014)، ووجد نفسه خارج "الليكود" وخارج الحياة السياسية كلياً.


نتنياهو لن يحتاج إلى جهد كبير لتمرير مخططات ائتلافه الحكومي

بموازاة هذا "الندب" على أمن إسرائيل، ستتواصل محاولات معارضي نتنياهو التهويل من أخطار شركاء نتنياهو في الحكومة على ميادين الحياة العامة، وكل ما يتعلق بقضايا الدين والدولة، وتعزيز دور الدين في مختلف المجالات، بدءاً من إدخال وفرض مناهج تعليمية توراتية متشددة وظلامية، وحتى قوانين تتيح عدم تقديم خدمات أو علاج طبي لغير اليهود مثلاً، في أيام السبت، وفق مطالبات عضو الكنيست العنصرية عن "الصهيونية الدينية" أوريت ستروك.

نفوذ نتنياهو في الحكومة

في المقابل، يواصل نتنياهو بمواجهة هذه السيناريوهات التي يبثها معارضوه، تكرار ادعاءاته بأنه لن يسمح لشركائه في اليمين الديني الحريدي والديني الصهيوني، بتغيير طبيعة النظام في إسرائيل أو تحويلها إلى دولة "شريعة يهودية" تنتهك حقوق الأقليات ولا سيما المثليين، أو تعرّض أمن إسرائيل للخطر، في سياق الحديث عن تعيين سموطريتش وزيراً ثانياً في وزارة الأمن.

وأكد أنه سيكون صاحب الكلمة الأخيرة، في كل ما يتعلق بتشريعات العمليات الاستيطانية، أو في محاولات وزير الأمن القومي المقبل، إيتمار بن غفير، السيطرة على جهاز الشرطة وتحويل الشرطة الإسرائيلية لشرطة "سياسية"، أو السماح بتسييس الجيش.

وعملياً فإن نتنياهو لن يحتاج إلى جهد كبير لتمرير مخططات ائتلافه الحكومي الجديد، فيكفي أن يواصل السير على خطى حكومة بنيت - لبيد، في كل ما يتعلق بمواصلة العدوان على الضفة الغربية، ومواصلة مسار الاستيطان، حيث لم يوقف غانتس، بصفته وزير الأمن المسؤول عن الجيش وعن البناء في الضفة الغربية المحتلة، أي مخطط بناء، بل على العكس من ذلك وسع نطاق البناء الاستيطاني بشكل كبير خلال العام ونصف العام للحكومة المنتهية ولايتها في الأسبوع الحالي.

لكن نتنياهو خلافاً للحكومة السابقة، سيحاول تفادي التوتر مع الإدارة الأميركية، في كل ما يتعلق بمسألة حل الدولتين، عبر التعلل بخطر سقوط حكومته، والاعتبارات والضغوط الداخلية فيها، وتكرار ادعاء عدم وجود شريك فلسطيني يقبل بإسرائيل "دولة الشعب اليهودي القومية"، وينبذ أو يتخلى عن فكرة تدميرها، بموازاة إبراز مسار التطبيع والسلام مع الدول العربية أولاً، ثم العودة للملف الفلسطيني.

وعلى صعيد الفلسطينيين في الداخل، سيواصل نتنياهو معزوفة فرض الحوكمة في الجليل والنقب، تماماً مثلما فعلت الحكومة السابقة، خصوصا لجهة زيادة تضييق الخناق على الحريات السياسية، والظروف الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين في الداخل، وتكثيف سياسة هدم البيوت في البلدات الفلسطينية في الداخل الفلسطيني.