اتفق وزراء خارجية الأردن ومصر والعراق والسعودية في مباحثات عقدت في العاصمة الأردنية عمان الإثنين، على مقاربة جديدة للقضية السورية وفق منهجية "خطوة مقابل خطوة" الأممية، التي "تركز على القضايا الأمنية وتهمل الانتقال السياسي وفق ما نصت عليه قرارات دولية"، وفقا لمراقبين.
وحضر المباحثات وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد الذي زار الأردن للمرة الأولى منذ عام 2011، في خطوة تضاف إلى مسار التقارب العربي مع النظام السوري.
وتقوم منهجية "خطوة مقابل خطوة" التي تبناها المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون وتدفع باتجاهها عمان على "خطوات تبادلية"، بحيث تُخفف العقوبات والعزلة عن النظام مقابل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتأمين العودة الآمنة والطوعية للاجئين، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات من دون أي عوائق إلى كل المناطق.
وقال الباحث السياسي أحمد القربي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "البيان الختامي للاجتماع لم يحمل أي جديد عن مسار خطوة مقابل خطوة"، مضيفا أن هذا المسار "يقوم على التعاطي مع النظام السوري لمعالجة الارتدادات الأمنية والإنسانية لحرب النظام ضد الشعب السوري".
ورفضت عدة شخصيات سورية معارضة التعليق على البيان في إشارة واضحة إلى استياء المعارضة من فحواه الذي لم يشر بشكل واضح إلى حل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، بل اكتفى بمرور "عابر" على القرار الدولي 2254، دون دعوة النظام إلى انخراط جدي في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة للوصول إلى اصلاح سياسي حقيقي في سورية.
وجاء الاجتماع قبيل أسابيع من انعقاد القمة العربية بالرياض، وبعد أسبوعين من محادثات جرت في مدينة جدة السعودية بين مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق لكنها لم تتوصل إلى اتفاق على عودة النظام المحتملة إلى الجامعة العربية، بعد تجميد عضويته أواخر عام 2011.
وأشار القربي إلى أن اجتماع عمان "جمّد المسار السياسي للقضية السورية"، وركز بكل بنوده على ملف اللاجئين ودخول المساعدات الإنسانية والتعافي المبكر ومكافحة المخدرات والإرهاب، وتطرق في بند واحد للعملية السياسية، ما يعني أن التركيز العربي منصب على الملفات الأمنية والإنسانية فقط.
وعمل النظام خلال السنوات الفائتة على اغراق الدول العربية المجاورة بالمواد المخدرة التي تنتج في معامل تشرف عليها جهات أمنية وعسكرية في النظام السوري، وفق تقارير دولية.
ووفقا لمراقبين فإن موافقة النظام على عودة طوعية لحوالي ألف لاجئ سوري في الأردن جاءت كإشارة إلى أن هذا النظام ربما يبدي تعاونا محدودا في ملف اللاجئين في دول الجوار، خاصة في الأردن ولبنان مقابل الدفع نحو تسريع تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، وهو ما يصب في صالح اقتصاد النظام المتهالك.
واعتبر القربي عودة ألف لاجئ سوري من الأردن إلى مناطق النظام، خطوة تجريبية للطريقة التي سيتعامل بها النظام مع اللاجئين حين عودتهم، مضيفا: أخطر ما في البيان إبقاء نظام الأسد كما هو وعدم إحداث أي تغيير في بنيته.
وقال وزراء الخارجية في البيان، إن العودة الطوعية والآمنة للاجئين إلى بلدهم هي أولوية قصوى، داعين إلى "تعزيز التعاون لدفع جهود تبادل المختطفين والموقوفين والبحث عن المفقودين".
وفيما اتفق المجتمعون على دعم النظام السوري ومؤسساته لـ"بسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون، وإنهاء وجود الجماعات المسلحة"، قال القربي إن "الدول التي اجتمعت ترى أن الأجهزة الأمنية التي فتكت بالشعب السوري على مدى أكثر من عقد هي من تقوم بمحاربة الإرهاب".
وحول تطرق البيان للقرار الدولي 2254، أشار القربي إلى انه "مجرد كليشيه لا أكثر".
من جهته، رأى الباحث سياسي في مركز "جسور" للدراسات بسام أبو عدنان في حديث لـ"العربي الجديد"، أن البيان شكل "تحايلا واضحا على القرار الدولي 2254 الذي ينص صراحة على انتقال سياسي ودستور جديد وانتخابات وفقه".
وقال: "يبدو أن العرب بصدد تقديم تنازلات لبشار الأسد الذي يدرك أن العرب لا يملكون أوراق قوة في سورية ولا أي تأثير سياسي فاعل"، مضيفا أن الأسد "يريد الأموال من العرب لا أكثر ولا أقل".
ورجح الباحث السياسي أن الأسد لن يُعيد السوريين من دول اللجوء بشكل واسع، قائلا: هؤلاء خرجوا من السجن الفكري للنظام وباتت لهم أدبيات جديدة تشكل خطرا عليه، لذا سيكتفي بإعادة ربما آلاف منهم لا أكثر.