توجه ناخبو هونغ كونغ، اليوم الأحد، لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي للمدينة، حيث يتم انتخاب أقلية منهم بالاقتراع العام، بموجب قواعد جديدة فرضتها بكين ولا يمكن أن يترشح لها سوى "الوطنيين".
وأغلقت مراكز الاقتراع في الساعة الثانية والنصف بتوقيت غرينيتش وقبل ساعة من ذلك، لم تتجاوز نسبة المشاركة 29,3%.
وجرى التصويت من الساعة 08,30 (01,30 توقيت غرينتش) إلى الساعة 22,30 (14,30 توقيت غرينتش) في هذه الانتخابات التي كان على المرشحين الـ153 فيها أن يقدموا تعهدات بالولاء السياسي للصين و"الوطنية" للسماح لهم بالتنافس على مقعد في المجلس.
نتيجة لذلك، لم يتمكن الناشطون المؤيدون للديمقراطية من الترشح أو تخلوا عن الفكرة، وهؤلاء هم الذين ليسوا في السجن أو فارين في الخارج. لذلك يبدو التشابه كبيراً بين معظم المرشحين.
ومن أصل تسعين مقعداً في المجلس التشريعي، هناك عشرون فقط يجري التنافس عليها في الاقتراع العام، وتشكل نصف العدد السابق. أما المقاعد الأخرى فيعين أعضاؤها من قبل لجان ومجموعات مصالح موالية للنظام الصيني.
وتشكل نسبة المشاركة في الاقتراع المقياس الحقيقي لمدى قبول سكان المنطقة للنظام الانتخابي الجديد.
وفرضت بكين القواعد الجديدة في إطار إحكام سيطرتها على هونغ كونغ بعد الاحتجاجات الكبيرة المؤيدة للديمقراطية في 2019.
والتصويت متاح لجميع سكان هونغ كونغ الذين هم في سن الاقتراع، أي نحو 4,5 ملايين شخص من إجمالي عدد السكان البالغ 7,5 ملايين نسمة.
وسائل نقل مجانية
وكان دانيال سو (65 عاماً) من أوائل الذين اصطفوا خارج مركز اقتراع في منطقة ميد-ليفلز الثرية. وقال بأسف إن "الشباب ليسوا مهتمين بهذه الانتخابات، لأن السياسيين ووسائل الإعلام الأجنبية يضللونهم".
وعندما وصلت الرئيسة التنفيذية كاري لام للتصويت، هتف ثلاثة متظاهرين من "رابطة الاجتماعيين الديمقراطيين" المؤيدين للديمقراطية: "أريد اقتراعاً عاماً حقيقياً".
وصرح الناشط تشان بو يينغ، لوكالة "فرانس برس"، أن كاري لام "قالت إن هذا تحسين في النظام الانتخابي، لكنه في الواقع يحرم سكان هونغ كونغ من حقهم في التصويت".
وكثفت كاري لام ووزراؤها الدعوات للتوجه إلى صناديق الاقتراع. ونشرت الحكومة صفحات إعلانية في الصحف، ووزعت منشورات في صناديق بريد، وأرسلت رسائل نصية ضخمة لتذكير سكان هونغ كونغ بالتصويت. ووسائل النقل العامة مجانية طيلة يوم الانتخابات.
ورغم هذه الجهود، توقعت استطلاعات الرأي الأخيرة مشاركة 48 في المئة من الناخبين، وهي نسبة منخفضة تاريخياً. لكن لام أكدت قبل الاقتراع أن مشاركة منخفضة "لن تعني شيئاً".
وصرحت لام لواحدة من وسائل الإعلام الصينية الأسبوع الماضي أنه "عندما تحقق الحكومة أموراً جيدة، وتكون مصداقيتها قوية، تصبح مشكلة الناخبين أقل، لأن الناس لا يشعرون فعلياً بالحاجة إلى اختيار ممثلين جدد".
وتشير استطلاعات الرأي المستقلة الأخيرة إلى أن شعبية لام تبلغ نحو 36 في المئة.
وقالت محاسبة شابة في العشرينات من العمر، تطلق على نفسها اسم لوي، ولا تنوي التصويت، إن "صوتي لن يفيد في شيء، لأن الموالين لبكين سيفوزون في نهاية المطاف".
والمجلس التشريعي (ليغكو) هو الهيئة المسؤولة عن التصويت على القوانين في المستعمرة البريطانية السابقة التي ما زال نظامها القانوني مختلفا عن نظام الصين القارية.
وكانت الشخصيات الموالية للصين مُنحت دائماً غالبية المقاعد في المجلس، لكن كان يسمح لأقلية من المعارضين بشغل عدد من المقاعد فيه، ما جعله ساحة لمناقشات حيوية جداً في أغلب الأحيان. ووضعت القواعد الجديدة التي فرضتها بكين حدا لهذا التقليد.
عناصر "معادون للصين"
يقبع أكثر من عشرة من أعضاء المجلس الذين انتخبوا في اقتراع 2016 في السجن حالياً بموجب قانون "الأمن القومي" الصارم الذي فرضته بكين العام الماضي، بينما فر ثلاثة آخرون إلى الخارج.
وتقول بكين إن هذا النظام الانتخابي "المحسن" سيسمح بالقضاء على العناصر "المعادين للصين"، ويسمح بالتأكد من أن "المجلس التشريعي" الذي كان يشهد مناقشات طويلة وساخنة من قبل، سيبتنى القوانين الجديدة بسرعة أكبر.
وعدم التصويت أو وضع ورقة بيضاء أو لاغية أمر قانوني في هونغ كونغ. لكن في المقابل، التشجيع على ذلك بات مخالفة جزائية اعتباراً من العام الحالي.
واعتقل عشرة أشخاص بموجب القانون الجديد، خصوصاً بسبب دعوات إلى مقاطعة الانتخابات أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي. وصدرت مذكرات توقيف ضد ناشطين مؤيدين للديمقراطية لجأوا إلى الخارج ودعوا هم أيضاً إلى عدم التصويت.
ونشرت الشرطة أكثر من عشرة آلاف شرطي في شوارع هونغ كونغ الأحد لمنع وقوع أي حوادث.
(فرانس برس، العربي الجديد)