افتتح نائب أمير الكويت وولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، دور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة (البرلمان) الكويتي.
يأتي ذلك عقب الانتخابات التي جرت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، التي شهدت مشاركة واسعة أسفرت عن تغيير بنسبة 54 في المائة عن المجلس السابق، وهي الانتخابات الثانية في عهد حاكم الكويت الجديد، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عقب توليه منصب الإمارة أواخر سبتمبر/أيلول 2020، بعد قراره حلّ مجلس الأمة رسمياً في 2 أغسطس/آب الماضي، عقب أزمة حادة بين الحكومة والبرلمان.
وتقضي المادة 104 من الدستور، أن "يفتتح الأمير دور الانعقاد السنوي لمجلس الأمة، ويلقي فيه خطاباً أميرياً يتضمن بيان أحوال البلاد وأهم الشؤون العامة، التي جرت خلال العام المنقضي، وما تعتزم الحكومة إجراءه من مشروعات وإصلاحات خلال العام الجديد"، وللأمير أن "ينيب عنه في الافتتاح أو في إلقاء الخطاب الأميري رئيس مجلس الوزراء".
كما قضى مرسوم أميري صدر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باستعانة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد بولي العهد لـ"ممارسة بعض الاختصاصات الدستورية للأمير وبصفة مؤقتة"، وبذلك تشمل صلاحياته حلّ مجلس الأمة، وتشكيل الحكومة، وقبول استقالتها، وممارسة كافة الأمور السيادية التي تقع ضمن صلاحيات أمير البلاد الدستورية نيابةً عنه.
رسم ملامح المرحلة القادمة
وافتتح نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، دور انعقاد مجلس الأمة، في خطاب ألقاه نيابةً عن أمير الكويت، قائلاً: "لئن كان خطابنا في 22 يونيو/حزيران الماضي (خطاب أمير الكويت الذي أعلن من خلاله حل البرلمان)، هو خطاب العهد الجديد، فإن خطابنا اليوم أمام مجلسكم هو خطاب وثيقة العهد الجديد، الذي يُعتبر خطاب توجيه وإرشاد ومتابعة، ورسالة موجهة من القيادة السياسية إلى أبناء وطني وإلى السلطات، لما يجب أن يكون عليه العمل في المرحلة القادمة".
وأكّد نائب الأمير أن الجميع شركاء في تحمّل المسؤولية وعملية البناء والإصلاح، قائلاً: "أتحدث إليكم حديث الأب لأبنائه، والأخ لإخوانه، وحديث الحريص على وطنه وشعبه، وحديثي معكم سيكون موجّهاً إلى أبناء وطني العزيز، وإلى جميع السلطات في الدولة، على اعتبار أن الجميع شركاء في تحمّل المسؤولية، وشركاء كذلك في عملية البناء والإصلاح، شعباً وأسرة حكم، كل من موقعه ومركز عمله".
وأشاد نائب الأمير بمشاركة المواطنين في الانتخابات، ومخرجات مجلس الأمة، وطالب بعد حسن الاختيار، بمتابعة ومساءلة ومحاسبة النوّاب في حال تقصيرهم.
وأكد نائب الأمير على التعهدات التي قطعتها القيادة السياسية في البلاد، كما أكّد على عدم تدخل الحكومة في التصويت على اختيار رئيس مجلس الأمة ونائبه، أو التصويت على اختيار أعضاء اللجان البرلمانية.
وشدد نائب الأمير على أعضاء مجلس الأمة، بضرورة ترتيب أولوياتهم للمرحلة القادمة.
كما طالب الحكومة بـ"تطبيق القانون بكل حزم على المخالفين له، وعلى كل من يتهاون أو يهمل أو يتقاعس عن أداء واجبه الوطني"، وعلى أن "تضع خطة استراتيجية توضح فيها برنامج عملها، ليتم من خلاله محاسبتها ومساءلتها عند الإخلال أو التقصير"، وعلى كونه "شخصياً أول من يتابع ويحاسب الحكومة عن تنفيذ برنامج عملها، قبل أعضاء مجلس الأمة".
وختم نائب الأمير خطابه متأثراً بالدموع، قائلاً: "نسأل الله أن يسدد على دروب الخير والتوفيق جميع خطاكم، وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه، وأن يبعد عنا كيد الكائدين وحقد الحاقدين وشر الحاسدين، وأن يجعل الكويت بلد أمن وأمان في ظل قيادة المقام السامي سيدي حضرة صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه وسلمه وعافاه وجزاه الله عنا وعن الوطن خير الجزاء".
انتخاب أعضاء مكتب مجلس الأمة
وسيؤدي أعضاء البرلمان اليمين الدستورية اليوم، كما سينتخب البرلمان أعضاء مكتب المجلس: رئيس مجلس الأمة ونائب الرئيس وأمين السر ومراقب المجلس خلال الساعات القادمة، إلى جانب انتخاب أعضاء اللجان البرلمانية.
ومن المتوقع أن يُزكّى عرّاب العمل البرلماني منذ سبعينيات القرن الماضي، النائب أحمد عبد العزيز السعدون، في منصب رئيس البرلمان، في ظل القبول الواسع له من الشارع الكويتي، وتأييد كافة أطياف المعارضة، التي تسيطر على تركيبة مجلس الأمة المنتخب أخيراً، كما يتمتع السعدون بقبول من طرف الحكومة، التي تُفضله في منصب رئيس البرلمان على سواه، لقدرته على إدارة الجلسات بحيادية من دون انحياز لطرف ضد آخر، وذلك لتحقيق التوازن المنشود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.