أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي أنه سيعقد اجتماعاً مع الرئيس ميشال عون قبل نهاية الأسبوع الجاري لبحث الخطوات الواجب اتخاذها في ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك قبيل الزيارة المرتقبة للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت.
وأكد ميقاتي أنه لن يتقاعس أبداً في دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد عند الضرورة. وذلك في أعقاب مطالبة نيابية باجتماع عاجل للحكومة، ولو كانت في مرحلة تصريف الأعمال، لبحثِ التطورات الأخيرة، وذلك بعد وصول سفينة وحدة إنتاج وتخزين الغاز الطبيعي "إينرجيان باور" اليونانية البريطانية إلى حقل كاريش في بحر فلسطين المحتلة، والمتنازع عليه بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي بما يهدد بخسارة الجانب اللبناني جزءا كبيرا من ثروته الوطنية في حال عدم تصدّيه لـ"الاعتداء".
ووجه عون وميقاتي، يوم الاثنين، دعوة إلى الوسيط الأميركي حامل الجنسية الإسرائيلية لـ"الحضور إلى بيروت للبحث في مسألة استكمال مفاوضات ترسيم الحدود والعمل على إنهائها في أسرع وقتٍ ممكن وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة".
وأفاد مسؤولون لبنانيون بأن هوكشتاين سيزور البلاد إما الأحد أو الاثنين، في وقتٍ أكد فيه مصدر دبلوماسي في السفارة الأميركية في بيروت، لـ"العربي الجديد"، أن أي بيان أميركي رسمي لم يصدر بعد بهذا الشأن ولم يحدَّد توقيت معيّن.
ولم ترضِ الدعوة اللبنانية التي وجهت إلى وسيطٍ يعتبر غير حياديٍّ كتلاً نيابية تغييرية ومستقلة وخبراء نفط وطاقة يصرّون على ضرورة تعديل المرسوم 6433 المقترح من قبل قيادة الجيش اللبناني، والذي يصحح حدود لبنان البحرية واعتماد الخط 29 بدلاً من 23 للاستفادة من حقل كاريش النفطي وإيداعه الأمم المتحدة مع الإحداثيات وتوجيه كتاب إنذار لشركة "إينرجيان" أو أي شركة أخرى قد تتعاقد مع الاحتلال لاستخراج الغاز والنفط ضمن المنطقة المشمولة بالخط 29.
وناشد ميقاتي الجميع وقف السجالات "لأن المسألة قيد الحل سلمياً"، وقال "الخط 29 هو أصلاً خط تفاوضي وأنا شخصياً لست على استعداد للقيام بأي عمل ارتجالي يعرّض لبنان للمخاطر"، مشيراً إلى أن "هذا الموضوع يحلّ بدبلوماسية عالية وروية وقد أجريت العديد من الاتصالات لما فيه مصلحة لبنان، والأساس أن نبدأ باستخراج النفط من مياهنا مما يعطي البلد نوعاً من الازدهار".
على صعيد الملف نفسه، اطلع وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب الرئيس عون، اليوم، على "الاتصالات الجارية في إطار معالجة قضية التحركات البحرية التي تقوم بها سفينة إينرجيان قبالة المنطقة الحدودية المتنازع عليها"، وفق ما أوردت الرئاسة اللبنانية في بيان.
وأوضح بو حبيب أن "الاتصالات الدبلوماسية جارية لمعالجة الوضع الذي نشأ في المنطقة الجنوبية الحدودية في انتظار مجيء الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين إلى لبنان".
وبحث بو حبيب، اليوم، مع السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا في موضوع ترسيم الحدود إلى جانب أزمة الغذاء العالمية.
واكتفى بيان صادر عن وزارة الخارجية اللبنانية بالإشارة إلى أنه "تم التطرق إلى اللقاءات التي عقدها بو حبيب في بروكسل وواشنطن ونيويورك ومسألة اللجوء السوري (تصر السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين)، وتداعياتها على لبنان، كما تم البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين".
على المقلب الحكومي، ردّ ميقاتي على الحديث المثار بإمكان تسلمه رئاسة الحكومة الجديدة وفرضه شروطاً للعودة، وذلك في تصريحات أدلى بها خلال جولة له اليوم في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت لمعاينة التدابير والإجراءات المتخذة لا سيما ما يتعلق منها بالسلامة العامة، وقال "أنا لا أضع شروطاً على أحد، ولكن المطلوب أن يكون هناك التزام من الجميع وخاصة من قبل مجلس النواب بإقرار الخطوات الإصلاحية المطلوبة والتي باشرنا بها".
وأضاف "الخطة التي وضعت مع صندوق النقد الدولي ديناميكية وقابلة للتغيير والنقاش والتعديل"، لافتاً إلى أنه "عملنا ما نراه مناسباً ومستعدون للنقاش مع أي طرفٍ بهدف إنقاذ البلد".
كذلك، قال ميقاتي في معرض رده على أسئلة الصحافيين: "نحن في حكومة تصريف أعمال وأنا ضد أي فكرة تعويم، والمطلوب اتخاذ الإجراءات الدستورية لتكليف شخصية تتولى تشكيل الحكومة الجديدة"، مضيفاً "لكن أمام الضرورة الوطنية فالحكومة الحالية تصرف الأعمال بكل مسؤولية وبشكل طبيعي، ولو لم يعجب الأمر البعض. ويبقى القرار النهائي في يد أعضاء مجلس النواب لاتخاذ القرار الذي يرونه مناسباً".
ولم تصدر بعد أي دعوة عن الرئيس ميشال عون للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية شخصية تكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، والمتوقع توجيهها بعد انتهاء البرلمان من جلسة انتخاب أعضاء لجانه النيابية ورؤسائها ومقرريها والمحددة بعد غدٍ الجمعة، وكذلك بعد إتمام زيارة الوسيط الأميركي وبالتالي سترحل إلى الأسبوع المقبل.
في سياق آخر لبناني، أحال وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي رئيس بلدية طرابلس رياض يمق إلى النيابة العامة المالية بناءً على الشكوى المقدمة من بعض أعضاء بلدية طرابلس، شمال لبنان، والتحقيق الذي أجري من قبل المديرية العامة للإدارات والمجالس المحلية، وذلك بجرم هدر المال العام.
وذكر بيان صادر عن وزارة الداخلية اللبنانية أن "رئيس بلدية طرابلس أحيل إلى ديوان المحاسبة بناءً لمحضر تحقيق آخر يتعلق بصرف أموال دون إبراز المستندات".