بعد 15 عاماً على رأس المستشارية.. ميركل لا تزال قدوة في العمل السياسي والتأييد الشعبي  

24 نوفمبر 2020
استطاعت ميركل تثبيت الاستقرار في أزمات عديدة خلال سنوات حكمها (Getty)
+ الخط -

أدت أنجيلا ميركل قبل 15 عاماً اليمين الدستورية، يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، كمستشارة اتحادية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، كأول امرأة تتبوأ هذا المنصب.

 ولم يكن يشك أحد في ذلك الحين بأنه سيكون بداية لعصر طويل، وهي التي أصبحت أيقونة للنساء على مستوى العالم، رغم المآخذ عليها داخلياً بالتقصير في بعض الإصلاحات، بينها حماية المناخ والرقمنة وبعض القصور في الاقتصاد المليء بالمشاكل الهيكلية، إلى الأمن الداخلي المعرض للخطر منذ العام 2015.

واستطاعت ميركل تثبيت الاستقرار في أزمات عديدة خلال سنوات حكمها، من الخضات المالية والمصرفية عام 2010 إلى أزمة  اللاجئين عام 2015 وكورونا عام 2020، حتى أن هناك تحولات كانت مذهلة بالنسبة للرئيسة السابقة للحزب المسيحي الديمقراطي، أكبر الأحزاب التقليدية شعبية على مساحة البلاد. 

 وبات لميركل مكانة سياسية وأخلاقية لدى الزعماء وقادة الدول، ولم تفقد بريقها السياسي وحضورها الرصين، وبقيت مثيرة للإعجاب على مر السنوات بحفاظها على نبرتها الهادئة وقدرتها المذهلة على تلبية الحاجات الإنسانية، حتى أنه قيل إن المستشارة تُفضل "عدم فتح قدر الضغط أثناء الطهي، لكنها تنتظره حتى يبرد".

ويستذكر الجميع عبارتها عام 2016، وفي خضم أزمة موجات اللجوء إلى ألمانيا وأوروبا "يمكننا أن ننجز ذلك"، وهذا ما جعل معارضيها يضحكون بشكل ساخر، لكنها تجاوزت كافة المطبات وحققت النجاحات.

وأكثر من ذلك، أبرزت المستشارة أسلوبها البراغماتي في السياسة، وحنكة لافتة في إدارة الملفات مكنتها من فرض نفسها وبلادها كقوة مؤثرة على الساحة السياسية والاقتصادية العالمية، وهي التي حثت قبل أيام، وخلال "قمة العشرين" على التضامن، وشددت على ضرورة توزيع لقاح كورونا. 

كذلك، فإن ميركل تميزت بسيطرتها المبكرة على مواقف الخصم السياسي (يسار الوسط)، أفضت إلى الوحدة والاتفاق. ووفق "دي فيلت"، فهي عكس الكثيرين من القادة الذين فقدوا، وعلى مر السنوات في السلطة، حِكمتهم العلمية والسياسية، ومن بين هؤلاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أودت تعبئته للجمهور إلى الانقسامات والفوضى.

من جهة ثانية، مهدت ميركل الطريق أمام كثيرات من النساء في ألمانيا وأوروبا، لتولي المسؤوليات وأصبح حزبها أكثر جاذبية للنساء، وفي مقدمتهم أورسولا فون ديرلاين، التي تولت أولاً منصب وزيرة الدفاع قبل أن يتم انتخابها في بروكسل رئيسة للمفوضية الأوروبية، إضافة إلى الأمينة العامة لحزبها أنغريت كرامب كارنباور التي وصلت لزعامة الحزب بعد أن كانت أمينة عامة له.

وخلال رحلاتها الخارجية، اعتادت ميركل على حث النساء على دور القيادة والريادة في الأعمال، وفق "إيه آر دي" الإخبارية، كما حصل في المملكة العربية السعودية أو النيجر أو كوريا الجنوبية، عندما طالبت الشباب بالانخراط في السياسة، والتي على ما يبدو أنها مقتنعة بأن المجتمعات تنشط وتعمل بشكل أفضل حين يكون للمرأة أدوار في القيادة.

ومن المعروف أن الحضور القيادي لميركل مكنها من تجاوز التحديات، والوضع جيد مقارنة بالدول الصناعية الأخرى، والمستشارة لا تزال تحصد في الاستطلاعات داخل يسار الوسط التأييد، فمثلاً يعتقد 57% من مؤيدي حزب اليسار أن الوضع الاقتصادي جيد، و58% منهم راضون عن عمل الحكومة الاتحادية، علماً أن النسبة كانت خلال سبتمبر/أيلول الماضي بحدود 70%، وفق ما ذكرت "دي فيلت".

وفي شأن ذي صلة، بينت صحيفة "زود دويتشه" أن العام الأخير من وجودها على رأس المستشارية، قد يكون الأكثر صعوبة في فترة ولايتها، بعد أن فرض وباء كورونا إجراءات صارمة وتكاليف مالية باهظة على الخزينة، ولن يفسح لها الوباء بأن ترتاح من الأزمات، بينها أزمة اللاجئين التي هزت حكومتها عام 2015، بعد تمرد الشقيق الأصغر، الحزب الاجتماعي المسيحي، على سياستها تجاه اللجوء، حتى أنها ستكون مضطرة، وخلال الأيام المقبلة، لحث المواطنين على التقيد بالإغلاق والتقليل من التواصل للحد من تفشي كورونا. 

في المقابل، برزت تعليقات تفيد بأن كورونا لم يضر بميركل، بل أنه سمح لها بأن تثبت ميزاتها، إذ لا يسعها التصرف إلا وفقاً لقناعتها الشخصية. وعلى أي حال، يبدو أن غالبية الألمان في الوقت الحالي سعداء للغاية لأن الحكم بيد شخصية قيادية مثل ميركل في فترة الوباء، ومن المؤكد أنه سيكون من الصعب على خليفتها الخروج من ظلها.