يواصل العسكر في ميانمار قمع الاحتجاجات المناهضة لانقلاب الأول من فبراير/شباط الماضي، موقعين المزيد من الضحايا، في الوقت الذي يواصل فيه المعارضون تحدي الجيش والعمل على توثيق انتهاكاته، وهو ما يعمل عليه نواب مقالون، من خلال إعداد ملف في هذا الشأن لتقديمه لمحققي الأمم المتحدة.
إطلاق النار على المحتجين في بلدة كالي بشمال غرب البلاد حصل بشكل متكرر
وذكرت وسائل إعلام أن قوات الأمن أطلقت النار على محتجين مناهضين للانقلاب العسكري اليوم الأربعاء، مما أودى بحياة خمسة أشخاص على الأقل، فضلاً عن إصابة عدد آخر، مع استمرار تحدي النشطاء لحملة قمع دامية وقطع خدمات الإنترنت.
وفتحت قوات الأمن النار اليوم على محتجين في بلدة كالي بشمال غرب البلاد، كانوا يطالبون بعودة الحكومة المدنية بزعامة أونغ سان سو تشي، وفقاً لما ذكره أحد سكان المنطقة. ونقلت مواقع إخبارية عن شهود قولهم إن الأحداث أدت لسقوط قتلى ومصابين، وإن إطلاق النار كان متكرراً. وذكر موقعا "ميزيما" و"إيراوادي" الإخباريان، نقلاً عن شاهد قوله، إنّ خمسة أشخاص لقوا مصرعهم بينما أصيب عدد آخر. وقال الشخص المقيم في بلدة كالي إنه استقى معلوماته من شهود التقطوا صوراً لخمس جثث.
وفي ماندالاي، ثاني أكبر مدن البلاد، نزل المحتجون إلى الشوارع اليوم، وبعضهم رفع شارة الثلاثة أصابع التي ترمز إلى المقاومة، بحسب صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وباتت قدرة الحركة التي يقودها الشباب على تنظيم حملات مناهضة للانقلاب وتبادل المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتبادل الرسائل، محدودة بسبب القيود المفروضة على شبكة التواصل اللاسلكي عبر الإنترنت وعلى خدمات البيانات المحمّلة على الهواتف. أما خدمات الخطوط الثابتة، وهي غير متاحة لكثيرين في ميانمار، فلا تزال تعمل. ومع توقف الإعلام المطبوع أيضاً، سعى المحتجون لإيجاد سبل أخرى لتبادل المعلومات، وأصدروا مطبوعة يومية يتبادلونها بالنظام الرقمي ويطبعونها للتوزيع على الجماهير.
من جهتها، ذكرت "رابطة المعتقلين السياسيين"، في آخر تحديث لبياناتها، أن 581 شخصاً لقوا مصرعهم برصاص الشرطة بينهم عشرات الأطفال خلال الاضطرابات شبه اليومية منذ الانقلاب، وأن قوات الأمن اعتقلت ما يقرب من 3500 شخص لا يزال 2750 منهم محتجزين.
في غضون ذلك، أعلنت مجموعة نواب مقالين من حزب الزعيمة أونغ سان سو تشي، "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، اليوم، أنها جمعت عشرات آلاف الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الجيش منذ الانقلاب وستنقلها إلى محققي الأمم المتحدة.
وقالت مجموعة مقاومة تطلق على نفسها اسم "لجنة تمثيل بيداونغسو هلوتاو"، الهيئة التشريعية البورمية، إنها تلقت "180 ألف دليل يظهر انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان من قبل العسكريين" تشمل إعدامات خارج إطار القضاء وتعذيب واعتقالات غير قانونية. وتضم اللجنة النواب الذين تم تجريدهم من نيابتهم، وهم من "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية"، وباتوا ينشطون سرياً.
مجموعة نواب مقالين جمعت عشرات آلاف الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان
وقالت اللجنة التي تطالب بحق التحدث باسم البلاد، إنّ محاميها سيلتقون اليوم محققين من الأمم المتحدة للبحث في هذه الفظاعات المحتملة. وأوضحت "هدف هذا الاجتماع هو البحث في سبل الحوار" بين الرابطة وآلية التحقيق المستقلة لدى الأمم المتحدة حول ميانمار. وكانت أنشأت الأمم المتحدة هذه الآلية في العام 2018 بعد الانتهاكات التي ارتكبها الجيش ضد أقلية الروهينغا المسلمة، وبدأت في جمع الأدلة على الانتهاكات التي ارتكبت منذ الانقلاب. وفي منتصف مارس/آذار الماضي، ندد توماس أندروز، الخبير الرئيسي المستقل المكلف من قبل الأمم المتحدة، باحتمال وقوع "جرائم ضد الإنسانية".
ويستفيد العسكريون من الانقسامات في صفوف الأسرة الدولية. فبعد الصين، رفضت روسيا أمس الثلاثاء أي فكرة لفرض عقوبات على النظام.
وفي السياق، قالت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرصودي، بعد اجتماع مع نظيرها البريطاني دومينيك راب في جاكرتا، أمس، إن المحادثات تناولت كيف يمكن لبريطانيا والمجتمع الدولي دعم مسعى تقوم به منطقة جنوب شرق آسيا لحل الأزمة في ميانمار. وإندونيسيا من بين عدد من دول جنوب شرق آسيا التي تتصدر مساعي لعقد محادثات عالية المستوى بشأن ميانمار.
(رويترز، فرانس برس)