مواجهات جديدة في الصين رغم "قمع" الاحتجاجات

30 نوفمبر 2022
تصاعد الاحتجاجات في الصين (فريدريك براون/فرانس برس)
+ الخط -

يتواصل التوتر في الصين، حيث سُجلت مواجهات جديدة بين متظاهرين وقوات الأمن ليل الثلاثاء/الأربعاء، رغم الدعوة إلى "القمع" التي أطلقتها السلطات لاحتواء احتجاجات الغضب على القيود الصحية وللمطالبة بهامش حريات أكبر. وتواجه السلطات حركة الاحتجاجات الأوسع منذ التحركات المنادية بالديمقراطية في ساحة تيان أنمين في عام 1989 والتي قُمعت بعنف.

وفي ظل هذه الأجواء يصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الأربعاء، إلى بكين حيث يلتقي الخميس الرئيس الصيني، شي جين بينغ، ورئيس الوزراء، لي كيكيانغ، ورئيس اللجنة الدائمة للجمعية الوطنية الشعبية (البرلمان)، وو بانغو.

وكانت لجنة الشؤون السياسية والقانونية المركزية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم، أعلى هيئة أمنية والتي تشرف على تطبيق القوانين المحلية في الصين، أكدت أنه "من الضروري اتخاذ إجراءات قمعية ضد نشاطات التسلل والتخريب التي تقوم بها قوى معادية (..) وإجراءات صارمة ضد الأفعال الإجرامية غير القانونية التي تعطل النظام الاجتماعي، طبقاً للقانون، وتحمي بشكل جدي الاستقرار الاجتماعي العام".

وأتت الاحتجاجات جراء قيود صحية صارمة جداً مفروضة منذ ثلاث سنوات تقريباً في إطار مكافحة كوفيد-19، وعلى خلفية استياء شعبي حيال النظام السياسي الصيني بعد شهر على التجديد لشي جين بينغ لولاية ثالثة غير مسبوقة على رأس الدولة.

اندلعت التظاهرات في بكين وشنغهاي ووهان وكانتون ومدن أخرى في البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما باغت المنظومة الأمنية الصينية التي تمكنت بعد ذلك من اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي تجمع جديد.
ورغم ذلك اندلعت مواجهات جديدة ليل الثلاثاء-الأربعاء بين متظاهرين وعناصر من الشرطة في كانتون في جنوب البلاد، على ما أفاد شهود ومقاطع فيديو نشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتحققت منها وكالة فرانس برس.

توقيفات  

وتظهر المشاهد عناصر من الشرطة يرتدون بزات بيضاء كاملة ويحملون دروعا شفافة لمكافحة الشغب، وهم يتقدمون في صفوف متراصة في أحد شوارع إقليم هايزو فيما تلقى زجاجات من حولهم. وفي المقاطع المصورة التي حددت وكالة فرانس برس موقعها تسمع صيحات في حين يُلقى بالحواجز البرتقالية والزرقاء أرضاً. ويُشاهد أشخاص يلقون بقطع باتجاه الشرطة وفي مشهد آخر يبدو نحو 12 شخصا أوثقت أيديهم موقوفين على ما يبدو من قبل قوى الأمن.

وروى أحد سكان كانتون الذي أعطى اسم عائلته فقط وهو تشن لوكالة فرانس برس، أنه رأى نحو مائة عنصر أمن يتوجهون إلى بلدة هوجياو الواقعة في إقليم هايزو، وأوقفوا ما لا يقل عن ثلاثة رجال مساء الثلاثاء. ويشكل إقليم هايزو في كانتون حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون نسمة مركز بؤرة جديدة للإصابات بكوفيد-19 وفرض فيه الإغلاق منذ نهاية تشرين الأول/أكتوبر.

وما أشعل شرارة هذه الاحتجاجات في أرجاء البلاد، حريق اندلع في مبنى في أورمتشي عاصمة مقاطعة شينجيانغ في شمال غرب البلاد، أسفر عن سقوط عشرة قتلى. وحمل رواد الإنترنت القيود الصحية المعمول بها في هذه المدينة مسؤولية عدم وصول فرق الإنقاذ بسرعة الأمر الذي نفته السلطات. إلا ان التظاهرات اتخذت بعد ذلك منحى سياسيا مع المطالبة حتى برحيل شي جين بينغ.

"اعطونا الحرية"  

وحال انتشار الشرطة الواسع في بكين وشنغهاي دون أي محاولة للتظاهر في المدينتين. لكن تجمعات في مناطق أخرى حصلت يومي الاثنين والثلاثاء.

ففي أقدم جامعة في هونغ كونغ، قاد أكثر من عشرة أشخاص الحشود مردّدين هتافات مثل "أعطونا الحرية أو أعطونا الموت"، بعد أيام قليلة من تظاهرة تضامنية مماثلة دفعت مسؤولي المؤسسة إلى الاتصال بالشرطة.

وقالت امرأة: "لسنا قوى أجنبية، إننا مواطنون صينيون. يجب أن يكون للصين أصوات مختلفة" فيما رفعت أخرى لافتة حداد على ضحايا حريق أورومتشي.في، وفي مدينة شنجن المجاورة في جنوب الصين، قال شاهد لوكالة فرانس برس إنه رأى وجودا مكثفا للشرطة في هواشيانغبي، وهي منطقة تسوق مزدحمة في وسط المدينة، بعد انتشار شائعات عن احتجاجات على الشبكات الاجتماعية، وأضاف أن نحو 150 شرطياً شوهدوا على مسافة 500 متر من طريق هواشيانغ بالإضافة إلى عشرات من سيارات الشرطة السوداء.

في هانجو على بعد 170 كيلومتراً جنوب غرب شنغهاي سجلت تظاهرات صغيرة، مساء الاثنين، رغم الانتشار الأمني. ويُعقد الإشراف الصارم للسلطات على المعلومات والقيود الصحية على السفر داخل الصين، تقدير العدد الإجمالي للمتظاهرين عبر البلاد، إلا ان احتجاجات بهذا الاتساع أمر نادر الحدوث في الصين نظرا إلى قمع أي شكل من أشكال المعارضة للحكومة.

وفي حين تبقي بكين على سياساتها الصارمة جداً في مكافحة كوفيد، اتخذت بعض تدابير التخفيف في الأيام الأخيرة في حين وعدت السلطات بتسريع تلقيح المسنين. وتُشكل نسبة التلقيح غير الكافية في الصين ولا سيما في صفوف المسنين أحد الحجج التي تقدمها السلطات للإبقاء على التدابير الصارمة.

(فرانس برس)

المساهمون