من يعاقب إسرائيل؟

26 فبراير 2024
مهجرون غزيون في رفح (فرانس برس)
+ الخط -

ناشد سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا جميع الدول الإدلاء بشهادتها في القضية التي رفعتها بلاده أمام محكمة العدل الدولية من أجل معاقبة إسرائيل على جريمة الإبادة الجماعية. السفير وجّه دعوة إلى الدول الأطراف في "اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية" لحضور جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية، وعرض وجهات نظرها برفقة الأدلة المتوفرة لديها، لـ"تظهر للمحكمة أن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة جماعية". وأوضح، في مقابلة مع "الأناضول"، أنه "إذا توصلت المحكمة إلى هذا الاستنتاج، فإنّنا ننتظر معاقبة إسرائيل بالشكل المناسب".

تقف جنوب أفريقيا صوتاً من الأصوات القوية المدافعة عن فلسطين، تقف في وجه آلة دولية غاشمة تدهس بكل إمكانياتها العسكرية والمالية والدبلوماسية كل من يحاول أن يقف بوجه الدبابة الإسرائيلية وهي تقتل شعباً بأكمله على مرأى ومسمع من البشرية قاطبة. ولكن جنوب أفريقيا ليست وحدها، فهناك محاولات كثيرة لجرّ إسرائيل أمام المحاكم الدولية من أطراف عديدة، مثل اللقاء الذي جمع محامين عرب في تونس، أول من أمس السبت، لبحث توحيد الجهود وملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ولا تخلو هذه الخطوات من نوايا صادقة لمحاولة الوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية، ومن يقف وراءها، أميركا أساساً، وهي بمثابة توثيق تاريخي للمجازر، ومحاكمة رمزية من جزء من الإنسانية لا يزال يتمسك بفكرة الحق والعدل، لجزء آخر ظالم يريد استعباد الناس بأي طريقة، ريثما تتغير موازين القوى وتصبح هناك قوة بإمكانها إنفاذ العدل بين المتقاضين. والسؤال الذي يطرحه الناس منذ عشرات السنين هو من يعاقب إسرائيل التي تنتهك كل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية منذ أن زُرعت كوَرَم سرطاني في قلب العرب، وهي لا تقيم وزناً لأي سلطة أو مرجع دولي، ولا تخفي استهزاءها من تلك القرارات وتمضي في اتجاه تنفيذ كل مخططاتها، أحب من أحب وكره من كره، تحاصر شعباً وتبيد عشرات الآلاف، وتقتل الأطفال جوعاً، وتشرد العائلات، تحت غطاء أميركي واضح، وبعض التأييد العربي الصامت.

وأمام كل هذا الظلم وهذا الإحساس بالعجز، يُطرح السؤال من جديد، من يعاقب إسرائيل؟ وجوابه الواضح والوحيد لغاية اليوم هو المقاومة الباسلة التي تحارب نيابة عنا جميعاً وتدافع عما تبقّى من إنسانية الإنسان وحقه في الدفاع عن الحق والعدل والحرية، ورفض الاستعباد والظلم، وهي القيم التي تنتصر في النهاية، ولذلك وجب علينا إسنادها بكل الأشكال وعدم تركها وحيدة في مواجهة الشر الدولي لأنها تتحدث باسمنا جميعاً.

المساهمون