من فلسطين، أنا شيرين أبو عاقلة، من القدس، أنا شيرين أبو عاقلة، من ميعار، أنا شيرين أبو عاقلة، من الناصرة، من حيفا، من أم الفحم، من بئر السبع من يافا من اللد، من عكا، من الرملة، أنا شيرين أبو عاقلة، من دير ياسين، من لوبية، من أسدود، أنا شيرين أبو عاقلة. هكذا هي شيرين أبو عاقلة، حملت اسم فلسطين، من كل بقعة في فلسطين من النهر شرقاً وحتى الساحل غرباً، من أعالي الجليل وحتى جنوب النقب.
لم توقفها الحواجز ولم ترهبها الدبابات والمدرعات في أوجّ الاجتياح للضفة الغربية. لم تعترف بالحدود داخل الوطن، فكانت من قله قليلة تُعد على أصابع اليد الواحدة من الصحافيات والصحافيين الفلسطينيين الذين جالوا في كل فلسطين وحملوا رسالتها كلها إلى الوطن العربي والعالم أجمع.
في جنين ومخيمها حيث سطرت شيرين أصول العمل الصحافي الوطني، الباحث عن الحقيقة والمنحاز لها والموثق لها لا لشيء غيرها، ارتقت شيرين شهيدة شعب يواصل نضاله من أجل الحرية.
ارتقت في بلد المقاومة، وهي تسعى لتوثيق الحقيقة "حتى تتضح الصورة"، فاغتالتها رصاصات الغدر والحقد والاحتلال والكراهية، لأنهم لم يستطيعوا إسكاتها، فكان ارتقاؤها أمام أعين زملائها في جنين، شذى النحاشين، ومجاهد السعدي، وعلي الصمودي، أكبر إدانة لمحتل غاشم وحشي. ارتقاء قدّمت فيه شيرين خدمة أخرى جليلة لقضية فلسطين بإحيائها للقضية التي يواصل الاحتلال بآلياته العسكرية، ودبلوماسية التطبيع مع أنظمة عربية، تصفيتها للأبد.
قدّمت شيرين نفسها ووظفت كل ما تعرف وتجيده بمهنية قل مثيلها فداء لقضية شعبها، فبادلها شعبها، وعلى مرأى العالم كله الوفاء بالوفاء، والفداء بالعهد ألا تذهب دماؤها هباء.
لكن الاحتلال القاتل، يواصل حربه على فلسطين، وشعبها. يواصل ما بدأه ولم يتوقف عنه منذ النكبة، تزوير الحقيقة والوقائع كي لا تطاوله أيادي العدالة. كيف لا وهو الذي يتمتع بحصانة توفّرها له منظومة دولية منافقة، وأنظمة عربية موالية.
لكننا لا يمكننا أن ننتظر "حقيقة الاحتلال" ولا تحقيقاته، فحقيقة الجريمة ظاهرة للعيان، واضحة وضوح الشمس، تطل من دماء شيرين، ووشاحها المخضب بدمائها، من دموع شذى النحاشين وصرخات علي الصمودي ووجه مجاهد السعدي، من التفاف شعبها حولها وحمله جثمانها من جنين حتى مسقط رأسها في بيت المقدس.
في فلسطين، تحت ثراها المقدسة، وفي وجدان وذاكرة شعبها، ترقد شيرين أبو عاقلة.