منظمة "العفو" توثق شهادات فاضحة لانتهاكات تحالف حفتر-القذافي وتطالب الحكومة الليبية بوقف "مكافأة الجناة"

07 اغسطس 2021
رجال جهاز الأمن في عهد القذافي يعاودون الظهور في ليبيا (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت منظمة "العفو" الدولية عن تحالف بين قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورجال أمن النظام السابق وقيامهم بانتهاكات مروعة بحق المدنيين في شرق البلاد، مطالبة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بضرورة تراجعه عن منح المليشيات المسلحة أموالاً ضمن مقترح ميزانية حكومته الحالي. 

وقالت المنظمة، في بيان صدر أمس الجمعة، إن ضباط ورجال جهاز الأمن في عهد معمر القذافي عاودوا الظهور في السنوات الأخيرة، من خلال العمل "في معاقل من نصبوا أنفسهم القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة الجنرال خليفة حفتر"، موضحة أنهم يعملون تحت مسمى جهاز الأمن الداخلي. 

ووصفت المنظمة هذا الجهاز بأنه "جهاز أمن ومخابرات مكروه يتمتع بصلاحيات لا رادع لها"، مؤكدة أن هؤلاء الضباط ورجال الأمن "ارتكبوا انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان لإسكات المنتقدين والمعارضين"، بما في ذلك الاعتقالات غير القانونية والإخفاء القسري والتعذيب بشتى الطرق. 

ونقل البيان عن الرئيسة الإقليمية للشرق الأوسط بالمنظمة هبة مرايف تأكيدها أن هؤلاء الضباط والأمنيين، بالتحالف مع قيادة حفتر، "اختطفوا وعذبوا وأخفوا قسرًا المئات على أساس انتماءاتهم القبلية أو انتقامًا بسبب آرائهم، بهدف واضح هو سحق أي انتقاد لمن هم في السلطة في شرق ليبيا"، مشيرة إلى أن المنظمة أجرت مقابلات مع 15 شخصاً من المعتقلين السابقين وأسر ضحايا النشطاء. 

وبناء على شهادات من تمت مقابلتهم، أوضحت المنظمة أنها وجدت أن مسلحي حفتر ورجال جهاز الأمن السابق استهدفوا، في مدن بنغازي والمرج وأجدابيا ودرنة وسرت، "أفراداً على أساس انتماءاتهم القبلية، وكذلك نشطاء وصحافيين ومنتقدين للجماعة المسلحة الليبية (قوات حفتر) والجماعات المسلحة التابعة". 

وأضافت أن "رجالا مدججين بالسلاح ينتمون إلى جهاز الأمن الداخلي احتجزوا رجالاً ونساء وأطفالاً من منازلهم أو شوارعهم أو أماكن عامة أخرى من دون أمر قضائي"، مشيرة إلى أن طريقة الاعتقالات جرت بربط أعينهم وتغطية وجوههم والاعتداء عليهم جسديا أثناء اختطافهم. 

وقالت "احتُجز أولئك الذين أُخذوا في مواقع خاضعة لسيطرة جهاز الأمن الداخلي من دون السماح لهم بمقابلة المحامين والعائلات لفترات طويلة، في ظروف ترقى إلى الاختفاء القسري وتسهل التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة". 

وبدأ التحالف بين مليشيات حفتر ورجال الأمن التابعين لأجهزة نظام القذافي السابقة منذ العام 2014، وفقاً لبيان المنظمة، مؤكدة أنهم اختطفوا المئات أثناء سيطرة مليشيات حفتر على مناطق في شرق ووسط البلاد.

ونقلت المنظمة عمن التقتهم من المعتقلين تأكيدهم أنهم "ضربوهم أو أقرباءهم بأشياء من بينها أعقاب البنادق والأنابيب، وهددوهم بالإعدام والعنف الجنسي والاحتجاز إلى أجل غير مسمى والعنف ضد أفراد عائلاتهم بغرض انتزاع معلومات أو اعترافات"، ونقلت عن هؤلاء المعتقلين أنهم وُضعوا في زنازين "مكتظة وعديمة التهوية وتعرضوا للعمل القسري". 

وعن أسباب الاعتقالات، أشارت المنظمة إلى أن رجلا اعتقل في منتصف عام 2020 بسبب نشره تدوينة في وسائل التواصل الاجتماعي، ينتقد فيها ضعف الإجراءات المتخذة لمكافحة تفشي وباء كورونا في مدينته، ونقلت عن هذا المعتقل أنه وغيره "تعرضوا للضرب بالأسلحة النارية وأنابيب المياه واللكمات والركلات لمدة أربعة أيام". 

كما نقلت المنظمة شهادات جماعة من أبناء قبيلة المغاربة في مدينة أجدابيا، تؤكد تعرضهم للتعذيب على يد جهاز الأمن المتحالف مع حفتر بسبب انتمائهم القبلي للقائد السابق في حرس المنشآت النفطية "إبراهيم الجضران"، مشيرة إلى أنها فحصت صوراً تظهر جثة رجل عليها آثار ضربه بأنابيب مياه وربط ساقه بسلك شائك. 

وأكدت المنظمة أن مطاردات هذا الجهاز طاولت النساء أيضاً باختطافهن وحرمانهن من حريتهن بشكل غير قانوني، بسبب معارضتهن مليشيات حفتر، وضربت مثالا باعتقال "حنين العبدلي"، ابنة الناشطة الحقوقية حنان البرعصي، التي قُتلت وسط بنغازي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقالت إن حنين اُعتقلت "في 25 مارس/آذار الماضي من الشارع، واحتجزوها حتى 28 يونيو/حزيران الماضي، بسبب دعواتها العلنية للمساءلة عن مقتل والدتها". 

وبينما أكدت المنظمة أن مئات المعتقلين من المدنيين أُحيلوا إلى محاكمات عسكرية بعد حسبهم سنوات من دون محاكمة، أشارت إلى أن بعضهم أُفرج عنهم بعد إجبارهم على التوقيع على مستندات تتعهد بعدم انتقادهم مليشيات حفتر، بما في ذلك الانتقاد على وسائل التواصل الاجتماعي. 

وأكدت المنظمة أن جهاز الأمن بالتحالف مع حفتر لا يزال يهدد المدنيين والنشطاء من خلال المكالمات الهاتفية والاستدعاء للاستجواب والتهديد بالحبس المطول والتعذيب "وحتى الموت"، إذا انتقدوا قيادة حفتر أو مليشياتها، مشيرة إلى أن هذا السلوك لا يزال يحافظ على "قبضتهم الخانقة على شرق ليبيا، من خلال مضايقة وترهيب المعارضين السياسيين ومنتقدي القوات المسلحة الليبية". 

مطالبات بعدم مكأفاة المليشيات

فيما عبرت منظمة العفو الدولية عن أملها في قيام حكومة الوحدة الوطنية باتخاذ إجراءات عاجلة للضغط من أجل إطلاق سراح جميع المحتجزين، أشارت إلى "أنه بدلاً من متابعة المساءلة ووضع حد لدوامة الانتهاكات من قبل جهاز الأمن الداخلي، فإن السلطات الليبية مرة أخرى تشرعن وتسترضي المليشيات والجماعات المسلحة غير الخاضعة للمساءلة". 

وطلبت المنظمة من الحكومة "عدم مكافأة المليشيات والجماعات المسلحة المسيئة بالشرعية والرواتب"، لافتة إلى أن مجلس النواب ينظر حاليا في مقترح ميزانية الحكومة، والذي خصص أموالا لهذه المليشيات والمجموعات الأمنية. 

وطالب بيان المنظمة الحكومة "وأولئك الذين يسيطرون بحكم الأمر الواقع على الإقليم"، في إشارة إلى حفتر وقيادته، بضرورة اتخاذ خطوات لـ"محاسبة الجناة ووجوب أن تنطوي أي محاولات لدمج أعضاء المليشيات أو الجماعات المسلحة على فحص فردي صارم وشامل". 

وكشفت المنظمة أن مقترح الميزانية المقدم من الحكومة لمجلس النواب اقترح تخصيص 260 مليون دينار ليبي لـ"جهاز الأمن" المشار إليه في البيان، و"2.5 مليار دينار للقوات المسلحة العربية الليبية"، في إشارة لقيادة حفتر. 

كما لفت البيان إلى أن مقترح الميزانية الحكومية خصص أموالاً لمجموعات مسلحة أخرى تعمل في غرب البلاد، من بينها "146 مليون دينار لقوات الردع الخاصة بقيادة عبد الرؤوف كارة، و40 مليون دينار لجهاز دعم الاستقرار بقيادة عبد الغني الككلي المعروف بغنيوة، و35 مليون دينار لجهاز الأمن العام بقيادة عماد الطرابلسي". 

المساهمون