دانت منظّمات وجمعيّات تونسية، في بيان لها أمس السبت، "إقدام السُّلطات المصريّة على إعلان إعدام تسعة أشخاص من بينهم شيخ سنّه 82 عاماً"، مشيرة إلى أن "هذا الإعدام خلال شهر رمضان سابقة لم تحصلْ في تاريخ مصر حيث كان يُؤجّلُ التنفيذ إلى الأشهر الموالية له".
وكانت منصة "نحن نسجل" الحقوقية، قد كشفت الاثنين الماضي، تنفيذ وزارة الداخلية المصرية حكماً بإعدام 17 متهماً شنقاً، في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "اقتحام قسم شرطة كرداسة".
وأفادت المنصة بأن مصلحة السجون أبلغت ذوي الضحايا بتنفيذ حكم الإعدام تمهيداً لاستلام جثامينهم، مشددة على أن أوراق تلك القضية افتقدت إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة، وهي تعود إلى 19 سبتمبر/أيلول 2013، إثر اقتحام قوات من الشرطة والجيش مدينة كرداسة، لضبط عدد من المتهمين في "قضايا عنف".
وادعت مواقع إعلامية مقربة من المخابرات المصرية أن تنفيذ حكم الإعدام تم بحق تسعة محكومين فقط.
ومن بين الجمعيات التونسية الموقعة على البيان، "المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب" و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين" و"الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام" وجمعية "برسبكتيف العامل التونسي" و"رابطة الكتاب التونسيين الأحرار" و"مركز تونس لحرية الصحافة" و"الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين".
وطالبت هذه المنظمات والجمعيات، السُّلطات المصريّة، بوقف تنفيذ باقي أحكام الإعدام والانخراط في الالتزام العالمي بعدم تنفيذ أحكام الإعدام الذي أقرّته غالبية الدول أعضاء الأمم المُتّحدة، وإعادة محاكمة المُتّهمين في قضايا مشابهة وفق المعايير الدُّوليّة للمحاكمة العادلة وأن يُتاح للمتّهمين كل سُبل الدّفاع عن أنفسهم.
ولفتت الى أن "أحكام الإعدام الأخيرة وإجراءات تنفيذها جاءت اثْر مُحاكمات غير عادلة لم تتوفّر فيها مُقوّمات حقوق الدّفاع حيث مُنع المُتّهمون من مقابلة محاميهم خلال احتجازهم وخلال الاستنطاق وتعرّضوا للتعذيب لإرغامهم على الإدلاء باعترافات".
واعتبرت أنها "تندرجُ ضمن حملة انتهاكات واسعة للحقوق والحرّيات وانعدام استقلاليّة القضاء وإيقافات بالجملة لم تشهد مصر لها مثيلا في تاريخها المعاصر"، مشيرة إلى أن الاعتقالات "شملت آلاف المُعتقلين من حقوقيين ونقابيين ومحامين وصحافيين وأطباء عُرف عنهم مناهضتهم للاستبداد بكل مرجعياته بداية من عهد حسني مبارك ومرورا بعهد محمد مرسي، إضافة لحصار الجمعيات المدنية ومنع حقّ التنظّم وحظر السفر والإخفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسّفي دون مُحاكمة طيلة سنوات".
وأكد رئيس "الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام"، شكري لطيف، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "مصر في وضع يتسم بخنق الحريات ومصادرة حرية التعبير والتنظم، حيث تم سجن آلاف المصريين ممن ساهموا في الثورة ومواجهة الاستبداد منذ عهد حسني مبارك وبالتالي، هم ليسوا من لون سياسي معين".
وتابع قائلا: "المقموعون في مصر ليسوا فقط من الإسلاميين بل هناك أيضا محامون وحقوقيون وبالتالي هناك مواجهة بين نظام الحكم والمجتمع المصري، والإعدامات تجسيم لأقصى درجات القمع للمخالفين، وهي ضد أول حق من حقوق البشر وهو الحق في الحياة"، معتبراً أن أغلب المحاكمات تتم في جو عام يتسم بضرب الحريات ما يجعلها غير عادلة وجائرة.
وأضاف أن "أغلب المحاكمات في مصر والمتهمين الذين أعدموا هذه الفترة وقبلها، قائمة على ضرب حقهم في الدفاع واحتجازهم أثناء البحث والتحقيق معهم دون حضور محاميهم وانتزاع اعترافات بالإكراه وهذا قد يكون أول مأخذ على مثل هذه المحاكمات".
وأكد لطيف أن الإعدام "عقوبة قاسية وتنتهك الحق في الحياة، ومن ناحية أخرى هذه المحاكمات لا تحترم حقوق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم وهذا الأمر محل إجماع من عديد الجمعيات والمنظمات".
وأفاد المتحدث ذاته بأن "هذه الإعدامات غير مسبوقة في مصر وحصلت في شهر رمضان، وفي التقاليد العربية الإسلامية الإعدام لا يتم في رمضان أو العيد"، مشيرا إلى أن "ما حصل بعيد عن كل الأعراف والتقاليد الدينية ويعكس تحدي السلطة المصرية لكل الأعراف الموجودة في المجتمعات الإسلامية وتعطش النظام للدم".
وأردف بالقول: "هذا يذكرنا بإعدام الرئيس العراقي صدام حسين من قبل أميركا ليلة العيد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تقريبا يمارس هذه العقوبة باحتقار شديد لمشاعر أغلب الناس".
ولفت لطيف إلى أن "هناك عنصرا يجعل عملية الإعدام في مصر مشينة وهي إعدام شيخ يبلغ 80 عاماً، فماذا يعني هذا من قبل السيسي؟ وما الذي سيتحقق له بإعدام إنسان في هذا العمر؟"، مضيفا: "هذا يعد جريمة من جرائم النظام المصري".
وفيما أشار إلى أن الإعدامات في مصر مقلقة وجعلت النظام يصل إلى المراتب الأولى عالميا في تطبيق الإعدامات متفوقا على عديد الدول، ختم لطيف بالقول: "كل الإعدامات مرفوضة مهما كان السبب والانتماء السياسي أو الأيديولوجي".
بدوره، يرى نائب رئيس "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، بسام الطريفي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن البيان "تأكيد على موقف مبدئي ضد عقوبة الإعدام وهي عقوبة لاإنسانية وقاسية ولا يمكن تداركها خاصة إذا وقع خطأ"، مضيفا أن "ما يحصل في مصر صادر على خلفية محاكمات غير عادلة وهو تصفية لحسابات سياسية".
وشدد على أن "أغلب الإعدامات في مصر جاءت لتصفية خصوم سياسيين في ظل الحكم الحالي"، مشيراً إلى أن "هذه العقوبة مرفوضة وشملت عدة فئات وقد تشمل جميع الشرائح نساءً ورجالاً وشيوخاً وشباباً".