أصدرت وزارة الدفاع الصينية إشعاراً أعلنت فيه أن "جيش التحرير الشعبي" سيجري تدريبات وأنشطة عسكرية مهمة، بما في ذلك تدريبات بالذخيرة الحية في ست مناطق بحرية كبيرة وفي مجالها الجوي المحيط بجزيرة تايوان.
وأضافت بأنه لأسباب تتعلق بالسلامة يحظر دخول السفن والطائرات المدنية إلى تلك المناطق خلال فترة التدريبات التي تبدأ من ظهر غد الخميس حتى ظهر يوم الأحد.
وحسب المتحدث باسم قيادة المسرح الشرقي لـ"جيش التحرير الشعبي الصيني"، شي يي، ستجرى المناورات المشتركة في المساحات البحرية والجوية بمنطقة الشمال (الشمال الشرقي والشمال الغربي) والجنوب الغربي والجنوب الشرقي من جزيرة تايوان، وسيتخلل ذلك إطلاق نار طويل المدى بالذخيرة الحية في مضيق تايوان.
كما ستجرى تجارب إطلاق صواريخ تقليدية في المنطقة الشرقية، ما يعني أن جزيرة تايوان ستكون مطوقة بتدريبات ومناورات عسكرية من جميع الاتجاهات لأول مرة منذ انفصالها عن الصين قبل أكثر من سبعة عقود.
وكشف نائب رئيس أركان قيادة المسرح الشرقي لـ"جيش التحرير الشعبي الصيني" جو تشونغ، أن التدريبات ستشمل اختبارات متنوعة مثل الحصار المشترك، والهجوم البحري والبري، وإطلاق النار بالذخيرة الحية من أسلحة دقيقة. وقال إن التدريبات ستختبر بشكل شامل أداء الأسلحة والمعدات إلى جانب القدرات العملياتية المشتركة للقوات من أجل الاستعداد لجميع الأزمات.
إجراء المناورات في هذه المناطق وتحديداً اختبار قاذفات الصواريخ بعيدة المدى يعني بأن تايوان ستكون تحت رحمة الراجمات الصينية خلال الأيام المقبلة.
وكان التلفزيون المركزي الصيني قد نشر لقطات مساء الثلاثاء أظهرت إقلاع طائرات مقاتلة من طراز جي -20، بالإضافة إلى تحرك قاذفات صواريخ في مناطق لم يتم الإعلان عن مكانها، ولكن يعتقد بأنها في مقاطعة فوجيان الشرقية المقابلة لجزيرة تايوان.
كما بُثت صور تظهر إطلاق ما يبدو أنه صاروخ من طراز 17 -دي إف الذي تفوق سرعته الصوت. فيما ذكرت وسائل إعلام تايوانية أن حاملة الطائرات التابعة للبحرية الصينية لياونينغ شوهدت يوم الأحد الماضي قبالة الساحل في مقاطعة شاندونغ شرق الصين.
وتأتي التطورات الأخيرة في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، حيث كانت بكين قد حذرت من عواقب الزيارة، وحملت الرئيس الأميركي جو بايدن المسؤولية عن الأضرار التي ستنجم عنها.
باحث في الشؤون العسكرية: الصين استفادت إلى حد كبير من أخطاء الساسة الأميركيين أمثال نانسي بيلوسي، ووفقا للتطورات الأخيرة تستطيع أن تفرض أمراً واقعاً بشأن تايوان.
حرب وشيكة
في رده على سؤال لـ"العربي الجديد" حول أهمية المناطق التي حددتها الصين لإجراء مناورات عسكرية ودورها في أي غزو محتمل، قال محرر الشؤون العسكرية في صحيفة "كانتون" المحلية، لياو ليانغ، إن اللافت في المناطق المحددة أن جميعها تقع في المياه المحيطة بالجزيرة من جميع الاتجاهات، ما يشير إلى أن أي عمل عسكري محتمل لاستعادة تايوان سيعتمد بصورة رئيسية على القوات البحرية، وفي ذلك دلالة أخرى على استكمال الصين عمليات تحديث قطاعاتها البحرية التي بدأت منذ تولي الرئيس شي جين بينغ، مقاليد السلطة في عام 2013.
وأضاف بأن إجراء المناورات في هذه المناطق، وتحديداً اختبار قاذفات الصواريخ بعيدة المدى يعني بأن تايوان ستكون تحت رحمة الراجمات الصينية خلال الأيام المقبلة، وأن بإمكان سلاح البحر والجو الصيني أن يضرب أهدافاً مباشرة في الجزيرة في أي لحظة.
ولفت إلى أن وجود حاملة الطائرات الصينية لياونينغ في مقاطعة شاندونع بالتزامن مع إطلاق مناورات متعددة في المنطقة يوحي بحرب وشيكة، معتبراً أن المشهد يمنح الصين فرصة اختبار قدراتها البحرية والجوية معاً وعلى عدة جبهات. وأضاف بأن الجديد في انتشار القوات الصينية ضمن الخطة الموضوعة هو تواجد فريق من البحرية الصينية في المنطقة الشرقية من الجزيرة لأول مرة، وفي ذلك رسالة إلى القوى الخارجية التي قد تفكر في مساعدة تايبيه في حال قررت الصين استعادة الجزيرة بالقوة.
فرصة سانحة
من جهته، اعتبر الباحث في الشؤون العسكرية في معهد "نان جينغ للبحوث والدراسات الاستراتيجية"، يوان تشو، أن الصين استفادت إلى حد كبير من أخطاء الساسة الأميركيين أمثال نانسي بيلوسي، وأنها وفق التطورات الأخيرة تستطيع أن تفرض أمراً واقعاً بشأن تايوان، كأن تعزز مطالبها بالسيادة وتثبت قواعدها وتمركزها العسكري في محيط الجزيرة، وبالتالي يصبح تحليق سلاح الجو الصيني فوق أجواء تايوان أمراً روتينياً واعتيادياً، وكذلك تحريك القطع البحرية في المضيق، ما يضمن تفوقاً استراتيجياً يعزز قدرة الجيش الصيني على القتال تحت أي ظرف.
وعبر يوان تشو خلال حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن الفرصة سانحة بالنسبة للصين من أجل استعادة تايوان سواء على مستوى الظرف الدولي أو على مستوى التمركز والاستعداد القتالي أو حتى على مستوى التعبئة الشعبية.
ولفت إلى أن الوضع الراهن يمكّن الصين من تنفيذ أي قرار بشأن الجزيرة، مثل فرض حظر جوي أو بحري، ومحاصرة تايبيه بالكامل، وسن تشريعات تعزل الجزيرة اقتصادياً، كما أنه بإمكانها توجيه ضربات مباشرة في العمق، حسب قوله، لكنه استبعد أن تقدم بكين على مثل هذه الخطوات، على اعتبار أن الهدف من الإجراءات الصينية هو ردع القوى الانفصالية وكف يد الغرب عن التدخل في شؤونها الداخلية.