قالت مصادر مصرية خاصة، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ هناك اتصالات مصرية إسرائيلية جارية لترتيب أجندة اللقاء المرتقب بين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، عقب انتهاء زيارة الأخير إلى العاصمة الأميركية واشنطن. وأشارت المصادر إلى أنّ الإشارات الواردة من واشنطن ربما تساهم في تحريك الملفات العالقة وخصوصاً على مستوى الملف الفلسطيني، وفي مقدمة ذلك صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس" التي تقود القاهرة وساطتها، والتي تعد حجر الزاوية في مفاوضات التهدئة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
الإشارات الواردة من واشنطن ربما تساهم في تحريك الملفات العالقة
وأضافت المصادر أنّ هناك تطابقاً في الرؤى المصرية الأميركية في ما يتعلّق بمسارات التهدئة في قطاع غزة، إذ ترى القاهرة وواشنطن أنّ الرؤية الإسرائيلية الخاصة بربط صفقة الأسرى بإعادة إعمار القطاع، والأوضاع الإنسانية فيه، غير مجدية في التوصل لاتفاق حقيقي للتهدئة بإمكانه الصمود. وأشارت المصادر إلى أنه على الرغم من رفض الولايات المتحدة لما تسميه "استفزازات الفصائل المسلحة في غزة، وإطلاق الصواريخ من القطاع من وقت إلى آخر باتجاه المستوطنات المجاورة"، إلا أنه في المقابل، ترى الإدارة الأميركية صعوبة في الربط بين مطلب إسرائيل الرئيسي المتعلق باسترداد جثماني جنديين لدى حركة "حماس"، إضافة إلى أسيرين حيّين، وبين إعادة إعمار قطاع غزة ورفع الحصار عنه.
وقالت المصادر، إن أجندة اللقاء بين السيسي وبينت ستكون مليئة بالملفات الملتهبة، وتأتي على رأسها المطالب الإسرائيلية لمصر بتشديد الرقابة على الحدود المشتركة مع قطاع غزة، لمنع، بحسب مزاعم إسرائيلية، تسريب الأسلحة والمواد الخام المستخدمة في تطوير منظومة "حماس" الصاروخية. وأشارت المصادر إلى أن هذا الملف كان قد تم فتحه في أكثر من مناسبة مع القاهرة، وكان المسؤولون المصريون يؤكدون على بذلهم أقصى الجهود لمنع تسريب الأسلحة للقطاع، إلا أن تل أبيب ما زالت ترى أن هناك تراخياً متعمداً في بعض الأحيان، في إطار مواءمات بين القاهرة وحركة "حماس"، على حد تعبير المصادر.
وحول الأوضاع التي شهدها قطاع غزة خلال إحدى فعاليات الإرباك الليلي مساء السبت الماضي، والاعتداء من جانب قوات الاحتلال على الفلسطينيين، واستهداف الطواقم الطبية والصحافية، قبل شروع سلاح الجو الإسرائيلي بتوجيه ضربات لعدد من الأهداف في القطاع، وما إذا كان ذلك من شأنه تأجيج غضب القاهرة مجدداً تجاه فصائل غزة، في أعقاب القرار المصري بإعادة فتح معبر رفح، قالت المصادر: "خلال الأحداث الأخيرة، بدا واضحاً أنه كانت هناك نية مسبقة من جانب الإسرائيليين لتوجيه رسائل عسكرية، حتى في حال ابتعاد المتظاهرين عن السياج، وهو الأمر الذي حذرت منه مصر قيادة حماس أخيراً".
هناك تطابق في الرؤى المصرية الأميركية في ما يتعلق بمسارات التهدئة في قطاع غزة
وأعادت السلطات المصرية، صباح الأحد الماضي، فتح معبر رفح البري مع القطاع في كلا الاتجاهين، في وقت دعت فيه الهيئة العامة للمعابر، المسافرين المسجلين على الكشوفات، التوجه للمعابر وفق الآلية المحددة. وكانت السلطات المصرية أغلقت المعبر في 22 أغسطس/آب الماضي، من دون الإعلان عن أسباب واضحة لهذا الإجراء، في وقت أكدت فيه مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن الخطوة جاءت بسبب غضب القاهرة من الأحداث التي شهدتها المسيرة التي نظمتها الفصائل عند السياج الحدودي بين غزة والأراضي المحتلة في 21 أغسطس الماضي وأسفرت عن إصابة 41 فلسطينياً، وجندي إسرائيلي بطلق ناري توفي لاحقاً. وأعادت مصر فتح المعبر الخميس الماضي لعودة العالقين فقط.
وكانت مصادر مصرية خاصة، قالت لـ"العربي الجديد"، إن الاتصالات المستمرة بين قيادة حركة حماس والمسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية، أسفرت عما يمكن تسميته "بتهدئة مشروطة في غزة لحين"، في محاولة من قيادة الحركة لامتصاص غضب القاهرة، بعد الأحداث التي شهدها قطاع غزة في 21 أغسطس الماضي.
في مقابل ذلك، حمّل المتحدث باسم "حماس" فوزي برهوم، في بيان رسمي قبل أيام، الاحتلال كل تداعيات ونتائج تشديد الحصار على غزة، وتصاعد الأزمة الإنسانية لدى سكانه، كون هذه السياسات المتطرفة ستدفع بقوة باتجاه خلق أجواء التصعيد والانفجار. ودعا الجميع "إلى تحمل مسؤولياته والضغط على الاحتلال لإنهاء حصاره الظالم".