ملفات تفرمل ولادة ائتلاف "إشارات المرور" الحكومي في ألمانيا

12 نوفمبر 2021
شولتز ينتظر إقامة الائتلاف لتولي منصب المستشار الألماني (Getty)
+ الخط -

بعد ثلاثة أسابيع من الاجتماعات المضنية، دخلت مفاوضات ائتلاف "إشارات المرور" الحكومي المنتظر في ألمانيا، أمس الخميس، جولة جديدة بعد تقديم النتائج الأولى لعمل المجموعات 22 إلى قيادات أحزاب "الاشتراكي الديمقراطي" و"الخضر" والديمقراطي الحر"، التي يحمل الائتلاف اسمها نسبة لألوان الأحزاب الثلاثة، الأحمر والأخضر والأصفر.

وتم تشكيل 22 لجنة مُؤلف من ثلاثمائة سياسي وخبير من الأحزاب الألمانية الثلاثة للمضي قدماً في تشكيل الائتلاف الحكومي، فيما تعرضت الورقة الاستكشافية التي حملت خطط الأحزاب الثلاثة الطموحة لخدوش، وبقيت نقاط في المجالات الرئيسية محل جدل وتعارض، وأهمها ما يتعلق بحماية المناخ والرقمنة والسياسات المالية والضريبية، وصولاً إلى السياسة الخارجية والدفاعية.

ويعول في الوقت الراهن على استمرار المفاوضات لحلحلة نقاط الخلاف، رغم التأكيد أن الاجتماعات كانت مرضية بشكل عام، وأنّ عقد ائتلاف "إشارات المرور" سيكون جاهزاً نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.

وفي حال سارت المفاوضات بشكل جيد، ينتظر أن ينتخب البرلمان الألماني (البوندستاغ) مرشح "الاشتراكي الديمقراطي"، أولاف شولتز مستشاراً خلفاً لأنجيلا ميركل، وأن تؤدي حكومته اليمين الدستورية اعتباراً من 6 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وفي طليعة نقاط الخلاف المفتوحة، ما يتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية لألمانيا، حيث يرتبط الخلاف بشكل غير مباشر بقضايا المناخ والطاقة. وعلى سبيل المثال ما زالت الخلافات الحزبية قائمة بخصوص كيفية المضي قدماً في التعاطي مع مشروع "نورد ستريم 2" المثير للجدل، مع مطالبة "الخضر" بعدم منح رخص تشغيل للخط الذي ينقل الغاز من روسيا الى أوروبا عبر بحر البلطيق.

ميزانية حلف الأطلسي

وهذا ما ينتقده "الاشتراكي الديمقراطي" بشدة، سيما وأنّ هناك قناعة أنه لا يمكن أن يكون هناك أمن في أوروبا ضد روسيا، ولكن فقط بالعمل معها، إلى قضايا سحب الأسلحة النووية الأميركية التي ما تزال متمركزة في ألمانيا كجزء من مشاركتها في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، عن دوائر قريبة من أطراف التفاوض، بأنه لا يمكن الحصول على التزام صريح بإنفاق ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع ضمن حلف "الناتو"، وهو الهدف الذي اتفقت الدول الأعضاء في حلف الأطلسي عام 2014 على تحقيقه عام 2024.

إلى ذلك، يظهر التباعد في الطروحات بين "الخضر" من جهة و"الاشتراكي الديمقراطي" و"الديمقراطي الحر" ذي التوجه الليبيرالي من جهة أخرى فيما يخص سياسة المناخ، وهذا ما دفع بالزعيمة المشاركة لحزب "الخضر" أنالينا باربوك لمطالبة منظمات حماية البيئة بتقديم الدعم والضغط لدعم مواقف الحزب، مشيرة إلى أن الورقة ما زالت تفتقر إلى الوضوح اللازم.

ويشعر "الخضر" بالقلق والاستياء من مقاربة الآخرين لأهدافهم حول حماية المناخ، رغم أن الورقة الاستكشافية أشارت إلى أنه سوف يتم التحقق من الامتثال للأهداف المناخية على أساس حساب شامل متعدد القطاعات وعلى مدى سنوات.

وفيما يخص توزيع الوزارات، ذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه"، أخيراً أنّ المفاوضين عن "الخضر" طالبوا بست وزارات، بينها الخارجية والنقل والزراعة والبيئة والأسرة، إلا أنّ المتحدثة باسم "الخضر" نيكولا كابل، نفت أن يكون الحزب قد غض النظر طواعية عن المطالبة بالحصول على وزارة المالية. وكان الحزب المناصر للدفاع عن البيئة قد أكد بعد الانتخابات التي جرت في سبتمبر/أيلول الماضي، أنّ وزارة المالية الاتحادية، ضرورية لتنفيذ سياسة المناخ الخاصة به.

علاوة على ذلك، تبرز المشكلة الأكبر فيما يخص التمويل، وسياسات المالية العامة والميزانية والضريبة، مع تمسك "الديمقراطي الحر" بعدم رفع الضرائب، وتمسك "الاشتراكي" بضرورة رفع الضرائب على أصحاب المداخيل المرتفعة والثروات، سيما وأن الشركاء يفكرون باستثمارات إضافية تصل إلى 50 مليار يورو سنوياً.

فرملة الديون

وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة "هاندلسبلات" أنه وإذا ما سارت الأمور على ما يرام، سيوافق صانعو السياسة المالية على بعض الإجراءات، على أن تتماشى التكاليف المتعلقة بمشاريع العمل بطريقة ما مع الميزانية التي سيتم تحديدها، بشكل يتماشى مع التوجه العام بفرملة الديون.

وإزاء ذلك، أوصت المفوضة الفيدرالية للكفاءة الاقتصادية في ألمانيا كاي شيلر، وفق مجلة "فيرتشافت فوخه أونلاين"، بأن تكون الميزانية الاتحادية مستقرة حتى تكون قادرة على التعامل مع الأعباء والتحديات المالية الهائلة والمهام ذات الصلة من حماية المناخ إلى الرقمنة والتعليم وتحديث البنية التحتية وتوسيعها، فضلاً عن التزامات ألمانيا على المستوى الأوروبي والدولي، والتي لا تسمح بالانتظار.

تجدر الإشارة إلى أنّ مجلس الخبراء الدوليين يتوقع نمواً للناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا بنسبة 4,6% عام 2022، بعد حال من الركود بفعل أزمة كورونا، وتوقعات بتحصيل إيرادات إضافية من الضرائب بقيمة 160 مليار يورو بين أعوام 2021 و2025، وهذا ما سيسمح للاقتصاد والدولة بالخروج من الأزمة بسهولة.

المساهمون