لم تنجح الأطراف الكردية في سورية باستئناف الحوار الكردي – الكردي منذ وصول الإدارة الأميركية الجديدة، إذ تعد واشنطن الراعية الرئيسية للحوار، بين كل من أحزاب الوحدة الوطنية التي يقودها حزب "الاتحاد الديمقراطي" من جهة، والمجلس الوطني الكردي من جهة أخرى.
وفي حين خرجت في الأيام الماضية أصوات لتعطيل الحوار، لا سيما من جهة حزب الاتحاد، فإن هناك من يسعى لمعاودة استئنافه وتحقيق نتائج بحلول وسطية بين الطرفين. على ذلك، انعقد في مدينة القامشلي، مساء أمس السبت، ملتقى تحت عنوان "الخلافات الكردية-الكردية، وقائع وحلول"، بهدف تنقية الأجواء بين الأطراف والدفع بالحوار الكردي إلى الأمام، وذلك إثر تصعيد وتراشق إعلامي بين طرفي الحوار في الفترة الماضية. ورغم أن ممثلي المجلس الوطني الكردي غابوا عن الملتقى، إلا أن محسوبين على المجلس من منظمات مدنية كانوا حاضرين.
وحضر الملتقى، كذلك، مثقفون ومستقلون وفعاليات دينية واجتماعية، لمحاولة حث طرفي الحوار على مواصلته، وتحدثت للملتقى شخصيات كردية من الخارج عبر تقنية الفيديو، كما كان لمظلوم عبدي قائد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، كلمة مصورة.
وعلى هامش الملتقى، الذي حضره مراسل "العربي الجديد"، قالت فوزة اليوسف، القيادية في حزب الاتحاد الديمقراطي: "منذ بداية الأزمة السورية حاولنا دائماً أن يكون هناك حوار وتواصل بيننا وبين قوى المعارضة الأخرى في سورية، لكن كان هناك تحفظ من قبلهم طبعاً نتيجة للاختلافات الفكرية والاختلاف في التوجه".
وعرجت القيادية الكردية على مسألة عدم تمثيلهم في أجسام المعارضة في المسارات التفاوضية لحل الأزمة السورية بالقول: "عدم وجودنا كقوى سياسية في شمال وشمال شرقي سورية في هذه المفاوضات هو من أحد الأسباب الرئيسية في عدم تقديم الحل أو تقديم البديل"، داعية إلى "تشكيل معارضة جديدة تعتمد على القوى الذاتية لشعوب سورية، وأن يكون لها برنامجها الخاص وأن تكون أجنداتها تخدم السوريين لا الدول الإقليمية والخارجية".
وأشار نوري محمود، المتحدث باسم "وحدات حماية الشعب" الكردية، أبرز مكونات "قسد"، إلى أن الهدف من حضورهم الملتقى، هو حل مشكلة الخلافات الكردية-الكردية والوصول إلى وحدة الصف الكردي، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن في وحدات حماية الشعب، وكقوة عسكرية، قدمنا منذ بداية الثورة وحتى الآن الكثير من التضحيات، واليوم نرى الأطراف السياسية وكل أطياف الشعب من كرد وعرب وأرمن وشركس وتركمان قدموا شهداء في القتال ضد الإرهاب والاحتلال والفاشية"، مشيراً إلى أن "الأحزاب الكردية مختلفة وربما هذا شيء طبيعي، لا يمكن أن تتحد الأحزاب سياسياً ولكن يمكن توحيد المبادئ، المهم أن تحل الخلافات ولا بد من توعية الشعب وتفعيل دور المؤسسات".
من جهتها، قالت جيهان محمد، عضو اللجنة التحضيرية للملتقى، إن "من المهم إقامة هذا الملتقى، لأن الكرد يمرون في وضع استثنائي وما يزال هناك خطر على الشعب الكردي"، وبما أن الملتقى عقد بمبادرة من "مركز الدراسات الإستراتيجية"، الناشط في شمال وشرق سورية، فقد أشارت جيهان، وهي أيضاً عضو إدارة المركز، لـ"العربي الجديد"، إلى أنهم قاموا بالمبادرة "لكي يجتمع كل الأحزاب والسياسيين ويناقشوا مشاكلهم ويتجاوزوا هذه الخلافات ويصلوا إلى إستراتيجية ويوظفوا هذه الإستراتيجية في خدمة الشعب الكردي ووجوده".
وأشادت محمد بحضور طيف واسع من المكونات الكردية، سواء من داخل سورية بشكل فعلي، أو من الخارج عبر الفيديو، مشيرة إلى أنه إضافة للخلافات بين طرفي الحوار الكردي، تمت مناقشة "المشاكل والحلول على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، بما يسخر النتائج لصالح المجتمع الكردي".
من جهته، كشف فارس عثمان، عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي، المقرب من حزب الاتحاد، عن ورقة تم تداولها خلال الملتقى لإنهاء هذه الخلافات، تحمل بعض النقاط التي تمت مناقشتها للخروج بصيغة توافقية، موضحاُ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنهم في الحزب يأملون "توافق أطراف الحركة السياسية الكردية في سورية ووضع جدول عمل نستطيع أن نتفق على بنوده الرئيسية من خلال اختيار مجموعة الكوادر من الحركة الكردية ومن المجتمع المدني ومنظمات المرأة للتوصل إلى رؤية للنقاط المشتركة بين أطراف الحركة الكردية لإنهاء الخلافات"، عارضاً أن يكون لهم كحزب دور في الوساطة بين الأطراف كجهة مستقلة، وفق قوله.
ووجه قائد "قوات سورية الديمقراطية"، مظلوم عبدي، كلمة مصورة للحاضرين في الملتقى أشار فيها إلى أنه "بقدر ما تكون هناك خلافات بين القوى الكردية، إلا أنها ليست أهم من مصلحة القومية الكردية"، مضيفاً: "ما يدعو للتفاؤل هو أن هناك إجماعا على الحوار والوقوف ضد أي حرب أهلية، وبداية العام علت أصوات داعية للحوار الكردي ونبذ أي صوت للتفرقة، وهنا نستطيع القول إن العوامل الخارجية هي الأقوى والتي تقف عائقاً أمام الوحدة ونأمل من كافة الأحزاب تقديم المصلحة القومية على المصالح الحزبية الضيقة".
وترعى الولايات المتحدة عبر ممثليها الحوار الكردي – الكردي الذي انطلق في أبريل/نيسان من العام الماضي، وانتهت المرحلة الأولى منه بالتوصل لرؤية سياسة مشتركة أُقرت في منتصف يونيو/حزيران من العام ذاته، فيما انتهت المرحلة الثانية من الحوار في أغسطس/آب باتفاقٍ يقضي بتشكيل مرجعية سياسية واحدة، على أساس اتفاقية "دهوك 2014"، وبعد وصول الرئيس بايدن للبيت الأبيض وتعيين ممثلين جدد للإدارة الأميركية الجديدة إلى شمال وشرق سورية، حاول الممثلون الجدد الذين وصلوا قبل أكثر من أسبوع إلى الحسكة، الدفع باتجاه التوصل لموعد جديد لاستئناف الحوار، لكن حالت بعض النقاط الخلافية دون ذلك.