قتل شاب فلسطيني، قبل ظهر اليوم الأربعاء، إثر إصابته بجروح خطيرة بالرصاص في مخيم طولكرم بمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، خلال مواجهات، إثر قيام الأجهزة الأمنية الفلسطينية بإزالة عوائق حديدية وعبوات محلية الصنع تنشرها مجموعة مسلحة؛ بهدف عرقلة آليات الاحتلال خلال الاقتحامات المتكررة للمخيم.
وأشعل شبان غاضبون من مخيم طولكرم الإطارات أمام مدخل المخيم احتجاجا على مقتل الشاب، وأغلقوا الطريق الرئيسي.
وأكد المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية العقيد لؤي ارزيقات، في تصريح صحافي، مقتل مواطن بإطلاق نار داخل مخيم طولكرم، مشيرا إلى أن الشرطة والأجهزة الأمنية تباشر إجراءات البحث والتحري في ظروف مقتله.
بدوره، أكد منسق القوى الوطنية والإسلامية في طولكرم فيصل سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، مقتل الشاب عبد القادر نضال زقدح، لكنه قال: "ننتظر التقارير الطبية لمعرفة طبيعة الرصاصة، وبالتالي معرفة المتسبب في مقتله".
من جانبها، أفادت مصادر محلية "العربي الجديد" بنقل الشاب المصاب إلى مستشفى ثابت ثابت الحكومي في مدينة طولكرم، وأكدت وقوع اشتباك مسلح بين الأمن الفلسطيني من جهة والمجموعات المسلحة من جهة أخرى، إثر قيام الأجهزة الأمنية بإزالة العوائق الحديدية.
وفي تسجيل مصور، تحدث أحد أعضاء تلك المجموعات، والذي وقف أمام مجموعة من المسلحين في كتائب مخيم طولكرم (كتيبة طولكرم- الرد السريع، وسرايا القدس، وجند الله)، حيث قال: "السلطة الفلسطينية قامت، في ساعات الصباح الباكر، بإزالة الحواجز الموضوعة على مداخل المخيم للتصدي لقوات الاحتلال، وتم إطلاق النار على الكتيبة والمواطنين، مما تسبب في إصابة أحد الشبان إصابة خطيرة جداً".
وتابع المتحدث: "نقول للجميع إننا لن نسكت على هذا الفعل الذي يدل على مساعدة قوات الاحتلال في اعتقال واغتيال مطاردينا، وإن شباب المخيم وكتيبته لن يتهاونوا مع كل من قام بهذا الانتهاك الدموي، ولن نسمح للأجهزة الأمنية بدخول المخيم، ونطالب العقلاء بشرح وتوضيح ما حصل".
أما الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء طلال دويكات فقد قال لـ"العربي الجديد"، إنه لا يملك المعطيات حول طبيعة وسبب الإصابة.
وحول الحادثة بشكل عام، قال دويكات إن الأجهزة الأمنية "وفي سياق عملها لتوفير الأمن والأمان، ومعالجة مظاهر الفوضى والفلتان، وبعد تلقّيها شكاوى من مؤسسات وأفراد حول وجود عبوات ومواد خطرة وحواجز أمام المدارس في المخيم؛ قامت بإجراء كل ما يلزم لإزالتها منعا لأية مخاطر قد تنجم عن وجودها".
وأضاف دويكات: "بعد انتهاء الأجهزة الأمنية من عملها قام مسلحون بإطلاق النار أمام مبنى المحافظة، الأمر الذي استدعى أن يتخذ الأمن تدابير وإجراءات لضبط الحالة الأمنية".
وردا على اتهامات المجموعات المقاومة للأمن بإزالة مواد للمقاومة، أجاب دويكات: "المقاومة شيء، ووجود بعض المواد الخطرة التي من الممكن أن تهدد المارة والطلاب المارين شيء آخر، وأنا أؤكد أن هناك شكاوى من أفراد ومؤسسات، نحن محتارون هل نقبل بوجود هذا الخطر تحت يافطة أننا لا نريد أن (نغضب) المقاومة، أعتقد أن هذا قد يدخلنا في متاهات. بعيدا عن تقديرنا لكل من يرفض سياسة الاحتلال، لكننا في الوقت ذاته يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أننا نريد توفير الأمن للمواطن الفلسطيني".
بدورها، قالت كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان صحافي "من المؤسف والمحزن ما حدث من قبل أجهزة أمن السلطة، ظهر اليوم، خلال دخولهم لإزالة وتخريب الحواجز المنتشرة حول المخيم، والتي وضعها المقاومون لعرقلة أي تقدم أو اقتحام لقوات الاحتلال، وتطور الموقف إلى إطلاق نار تجاه المدنيين والمقاومين، ما أدى إلى ارتقاء الشهيد البطل عبدالقادر زقدح وإصابة آخرين".
وأكدت كتيبة طولكرم أن "هذه الحواجز المنتشرة لا تشكل أي خطر أو ضرر، ولا يوجد عليها أي عبوات ناسفة كما يتم الترويج له"، مؤكدة أن قيادة الكتيبة كانت على اتصال بالمعنيين بالأجهزة الأمنية، إلا أنها فوجئت بما حدث وإطلاق نار صوب المدنيين، وأكدت أن مقاتليها لم يطلقوا النار صوب إخوانهم العاملين في الأجهزة الأمنية كما يشاع، "فرصاصنا وجهته العدو فقط".
في غضون ذلك، طالبت حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، في بيان صحافي، بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ومحاسبة المتسببين في حادثة مقتل الشاب عبدالقادر زقدح من مخيم طولكرم ونشر نتائج التحقيق، وتقديم مطلق النار للمساءلة أمام القضاء المختص.
ودعت حركة المبادرة إلى الحفاظ على السلم الأهلي وحماية الممتلكات الخاصة والعامة، وصون الوحدة الوطنية وحماية حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والاستيطان ونظام الأبارتهايد والتمييز العنصري.
وفي السياق ذاته، طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" الفلسطيني، في بيان صحافي، الجهات المختصة، بضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على الظروف التي أدت إلى مقتل المواطن زقدح ونشر نتائج التحقيق الذي تتوصل إليه اللجنة.
وأكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ضرورة فتح تحقيق جنائي من قبل الجهات القضائية المختصة، وتقديم مطلق النار للمساءلة أمام القضاء المختص وعدم الاكتفاء بتشكيل لجنة تحقيق داخلية.
ودعت الهيئة إلى التزام جميع الجهات والفعاليات والأجهزة الأمنية والمواطنين بضبط النفس والاحتكام إلى القانون، والحفاظ على السلم الأهلي وحماية الممتلكات الخاصة والعامة.
"الجهاد الإسلامي" تحمّل السلطة "المسؤولية التاريخية الكاملة"
في غضون ذلك، دانت حركة "الجهاد الإسلامي"، في بيان صحافي، بشدة ما جرى في طولكرم، ناعية الشاب زقدح (25 عاماً).
وقالت حركة الجهاد الإسلامي: "نحمّل أجهزة السلطة المسؤولية التاريخية الكاملة عن هذه الجريمة النكراء، بإطلاق الرصاص على أبناء شعبنا وإصابة العديد منهم، في جريمة تتجاوز كل الخطوط، وتتنافى مع المبادئ والقيم الدينية والوطنية، وتتساوق مع العدو المجرم في جرائمه وعدوانه".
وتابعت: "إن تمادي السلطة وأجهزتها الأمنية في ملاحقة المقاومة ومحاولات التضييق عليها واعتقال كوادرها، يمثل نهجاً يخدم الاحتلال ويعزز التنسيق الأمني، الذي يعتبر خنجراً مسموماً في خاصرة الشعب الفلسطيني".
وطالبت حركة "الجهاد الإسلامي" بـ"محاكمة ومحاسبة المتسببين في هذه الجريمة البشعة التي وقعت في طولكرم"، داعية الشعب الفلسطيني وقواه الحيّة وكافة تياراته إلى "تكثيف العمل المسؤول والجاد لوقف هذه الممارسات المرفوضة ومنع تغول السلطة وأجهزتها على أبناء الشعب الفلسطيني والمقاومين، وحقن الدم الفلسطيني، وتوحيد كل الجهود في مقاومة الاحتلال، خاصة في ظل تصاعد العدوان بحق الأرض والمقدسات الإسلامية".
"حماس": جريمة خطيرة
من جانبها، أكدت حركة "حماس"، في بيان صحافي، أنّ قتل أجهزة أمن السلطة مواطناً فلسطينياً في طولكرم "جريمة خطيرة تستوجب المحاسبة حفاظاً على السلم الأهلي في مواجهة الاحتلال".
واستنكرت "حماس" بشدة "الجريمة التي ارتكبتها أجهزة السلطة الأمنية في طولكرم اليوم"، واصفةً إياها بأنّها "جريمة خطيرة على الأمن والسلم الأهلي في الضفة الغربية، وتعكس المستوى الخطير الذي انحدر إليه التيار المتنفذ في السلطة".
وشددت "حماس" على "ضرورة الضرب على يد كل من تسوّل له نفسه إطلاق النار على المواطنين، وملاحقة المقاومين، وإزالة تحصيناتهم"، داعية إلى "محاسبة المتورطين في هذه الجريمة، حفاظاً على السلم الأهلي والنسيج المجتمعي، ووحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه الذين يصعّدون جرائمهم بحق أبناء الشعب الفلسطيني ومقدساته، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك".
تشييع جثمان الشاب زقدح
وفي وقت لاحق، شيع آلاف الفلسطينيين مساء الأربعاء جثمان الشاب عبد القادر نضال زقدح الذي قتل خلال مواجهات مع الأمن الفلسطيني شهدها مخيم طولكرم.
ووصل جثمان الشاب زقدح إلى مخيم طولكرم بعد تشريحه في المستشفى الوطني بمدينة نابلس، حيث ألقت عائلته نظرة الوداع الأخيرة عليه، ثم نقل إلى مسجد الشهداء بالمخيم، لأداء صلاة الجنازة عليه، بحسب ما أكده لـ"العربي الجديد" منسق القوى الوطنية والإسلامية في طولكرم فيصل سلامة.
ووسط إطلاق الرصاص في الهواء، انطلق آلاف المشيعين حاملين جثمان زقدح مرددين هتافات غاضبة وأخرى تؤكد على الوحدة الوطنية، قبل الوصول إلى مقبرة ذنابة بمدينة طولكرم، حيث ووري جثمانه الثرى، إذ ألقيت العديد من الكلمات التي أكدت على الوحدة الوطنية، وضرورة محاسبة المتسببين بمقتل الشاب.
وحول المطالبة بمحاسبة المتورطين بمقتل الشاب، أكد منسق فصائل العمل الوطني فيصل سلامة "ضرورة تشكيل لجنة تحقيق بمقتل الشاب زقدح يكون عم القتيل على رأسها".
كما أكد لـ"العربي الجديد" ضرورة محاسبة من يثبت تورطه بالحادثة، مشددًا على أهمية الوحدة الوطنية، وفرض القانون لمحاسبة من تسببوا بمقتل الشاب زقدح.