مغريات مادية جديدة للتطوع في جيش النظام السوري

14 سبتمبر 2024
جنود من جيش النظام السوري في محافظة إدلب، 6 مارس 2020 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **فتح باب التطوع**: أعلنت وزارة الدفاع السورية عن فتح باب التطوع في الجيش بعقود تمتد لخمس وعشر سنوات، مع رواتب تتراوح بين 1.8 و2 مليون ليرة سورية، وحوافز مالية وإعفاءات من الخدمة الإلزامية والاحتياطية.

- **أسباب ودوافع التطوع**: تسعى الوزارة لتعويض نقص العناصر بسبب إحجام الشباب عن الخدمة لأسباب مثل الخوف من الموت وضعف الرواتب. يطالب المتطوعون برفع الرواتب بدلاً من الإعلانات.

- **انتقادات ومخاوف**: انتقد ناشطون تخصيص ميزانية كبيرة للجيش، معتبرين أن القرار يعزز عسكرة البلاد. كما تثير مشاركة المجنسين مخاوف من صبغ الجيش بلون واحد لتحقيق السيطرة.

فتحت وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري باب التطوع مجدداً في صفوف الجيش، باستحقاقات مالية وميزات إضافية، وفق عقود تمتد لفترات خمس سنوات وعشر سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة بناءً على رغبة المتطوع وموافقة القيادة العامة، مشترطة ألا يتجاوز عمر المتطوع 32 عاماً.

الوزارة شملت في إعلانها الذي صدر في العاشر من الشهر الحالي العسكريين الإلزاميين والمحتفظ بهم والاحتياطيين، القائمين في الخدمة، والمتخلفين عنها، مشيرة إلى أن رواتب المتعاقدين سوف تتراوح بين مليون و800 ألف ليرة سورية ومليوني ليرة، مع تعويضات إضافية وفقاً للرتبة. (الدولار = 15 ألف ليرة سورية)

وحول تعويضات نهاية الخدمة، يضع إعلان الوزارة نسبة متكررة عن النسب التي اتخذتها سابقاً، حيث فاقت 300% من الراتب المقطوع، موزعة بين تعويض الخدمة الميدانية، وبدل السكن بنسبة، والعبء العسكري، إضافة لبدل 100ألف ليرة عن كل مهمة قتالية، فيما خصصت 150 ألف ليرة بدلا للمواصلات. وإضافة لكل ذلك منحة زواج قيمتها مليونا ليرة سورية، مؤكدة أن أي زيادة على الرواتب ستشمل رواتب المتطوعين. وأشار الإعلان إلى أن المتطوعين سيعفون من الخدمة الإلزامية بعد إتمامهم خمس سنوات في الخدمة، فيما يعفى من الخدمة الاحتياطية من سيتم عشر سنوات.

كما رصدت الوزارة، بحسب الإعلان، مكافأة تتضمن أربعة رواتب مقطوعة عند بدء الخدمة للمتقدمين على التعاقد لمدة خمس سنوات يمنح بعد سنة، وثمانية رواتب لمن سيتقدمون على عقد العشر سنوات، كما رصدت مكافأة سنوية تتراوح بين راتبين وأربعة رواتب شهرية مقطوعة حسب مدة العقد.

"محمد"، وهو مساعد متطوع في جيش النظام السوري (طلب تعمية اسمه لأسباب أمنية)، قال لـ"العربي الجديد"؛ إنّ الوزارة بدأت قبل عام من الآن تنحو باتجاه تشكيل جيش احترافي، كباقي جيوش المنطقة. وأشار "محمد"؛ إلى أن أبرز الأسباب هو نقص العناصر في جيش النظام بسبب إحجام شريحة واسعة من الشباب عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، لعدة أسباب، أبرزها تجنب الخوض في إرهاصات الأزمة، والخوف من الموت، وضعف الرواتب، وعدم تحديد مدة الخدمة.

"علي أبو الحسن"، وهو متطوع في الجيش، ويخدم في درعا جنوبي سورية، قال لـ"العربي الجديد"؛ إنه "يجب على القيادة عوضاً عن أن يقوموا بإعلانات للتعاقد، أن يرفعوا رواتبنا أولا. فليس من المعقول أن لي خدمة بمدة 16 عاماً ولا أتقاضى 40% من الرواتب المعلن عنها".

يتبع النظام السوري في العامين الأخيرين، سياسة الحوافز والإغراءات المادية، لتعزيز قواته بالمتطوعين لتعويض، النقص الحاصل عن الإحجام، بالإضافة للخسائر التي تكبدها في صفوفه خلال الحرب. ومن المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد"، سعي النظام من خلال هذه القرارات لضمان التحكم الكامل في الجيش دون حدوث أي شروخ في موارده البشرية في أيام الحرب كما حصل في السنوات الثلاث عشرة الماضية.

مصدر يخدم في قسم الشؤون بإحدى القطع العسكرية، لفت إلى أن معظم المتطوعين المُستقطبين في الآونة الأخيرة من "المجنسين"، بحسب قوله، وهم من فئة محددة من الدول المجاورة والذين حصلوا وأهاليهم على الجنسية السورية خلال الحرب. المصدر أكد لـ"العربي الجديد"، أن الخطورة تكمن في صبغ الجيش بلون واحد يضمن السيطرة على المنطقة وتحقيق الإثراء لهذه الفئة، على حساب الشعب السوري، بعد أن حصلت انشقاقات كثيرة منذ بداية الحرب في سورية واستخدام الجيش والقوى الأمنية لقمع المدنيين وضربهم بيد من حديد.

وحول الحوافز المالية التي خصصها الإعلان قال الناشط المدني ساري الحمد: "عندما يتعلق الأمر بتقديم دعم للشعب تعجز ميزانية الدولة، لكن أن تصرف مليارات لتمويل جيش الغاية الأولى منه قمع إرادة الشعب وتكميم الأفواه، فإن الميزانية تصبح قادرة على صرف رواتب"، متسائلاً: " أليس من الأفضل لو أن هذا النظام قام برفع رواتب الموظفين وأجور العمالة في البلاد؟ ألم يكن في استطاعته أن يكفي البلاد شر الحرب منذ البداية؟ لماذا صرف هذه المرتبات الكبيرة نسبيا للعسكر الذين لم يطلقوا طلقة واحدة منذ سبعبنيات القرن الماضي لحماية البلاد من أي عدوان خارجي؟".

وختم الناشط حديثه لـ"العربي الجديد"، بالقول إن القرار لا يبشر إلا بمزيد من التضييق على المواطن، من خلال عسكرة البلاد وإيقاف عجلة التغيير، مشيراً إلى أن إعادة تعويم النظام السوري من قبل بعض الأنظمة العربية والعالمية هي السبب في إعادة ترتيب أوراق النظام العسكرية مقابل دمار البنى التحتية الخدمية والمعاشية في البلاد.

في المقابل، يرى بعض المراقبين من نشطاء وأفراد، أن ذلك قد يشكل نقلة نوعية في البلاد في حال تحقق إنشاء جيش احترافي مبني على المتطوعين غير المجبرين على الخدمة إلزاميا، لكن بشرط أن يكون جيشاً مخصصاً لحماية البلاد وغير محتكر للسلطة ولخدمة فئة معينة، رغم قناعتهم بأن الأعداد التي ستنتسب ستكون أقل من المطلوب نظرا لانعدام الثقة الشعبية بالمؤسسة العسكرية في سورية والغاية من إنشائها.

فيما يرى الشاب "مضر .ع"، أن القرار غير مغرٍ وأنه مجرد إعلان لموت مجاني في بلاد تشير كل الأمور إلى أنها مقبلة على موجة جديدة من الحرب، وإن النظام السوري بحاجة لوقود لهذه الحرب لخدمة أجندات شخصية تخص القائمين على النظام وحلفاءهم من الدول الإقليمية المعنية بالحرب في المنطقة. ودعا الشاب أقرانه، إلى "عدم الانجرار وراء هذه المغريات التي قد تكلفهم حياتهم دون غاية نبيلة"، وفق قوله.

المساهمون