لا تلوح في أفق قريب بوادر حسم للمعارك الدائرة في شرقي سورية، بين تنظيم "داعش"، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، في ظل مؤشرات تؤكد أن أطراف الصراع غير ميّالة للحسم ولكلٍ أسبابه، فيما يدفع عشرات الآلاف العالقين في المنطقة الثمن الأكبر، إذ يعيشون في ظروف كارثية، وقد قتلت العمليات العسكرية العشرات منهم في الأسابيع القليلة الماضية.
ولا يزال الموقف العسكري في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات غير واضح المعالم، إذ عجزت "قوات سورية الديمقراطية" عن تحقيق أي اختراق مهم من شأنه تعجيل حسم هذه المعارك الدائرة منذ أكثر من شهرين، والقضاء على ما تبقى من مسلحي "داعش" في هذا الريف الذي جلب له غناه بالبترول ويلات هذا الصراع. وكانت قوات "قسد" قد بدأت في العاشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، عملية عسكرية واسعة النطاق، قالت إنها "تهدف لطرد داعش من آخر جيوبه في هجين ومحيطها، بدعم جوي من طيران التحالف الدولي". وحققت المعارك في بداياتها تقدماً للقوات المهاجمة على بعض محاور القتال، خصوصاً في محيط قرى السوسة وباغوز والشعفة ومدينة هجين، لكن التنظيم شنّ لاحقاً هجمات معاكسة وأبدى شراسة في الدفاع عن آخر معاقله في ريف دير الزور.
ويسيطر تنظيم "داعش" على جيب جغرافي في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات يمتد لنحو 40 كيلومتراً، من قرية البحرة غرباً إلى مشارف مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية شرقاً، وبعمق 10 كيلومترات، ويضم مدينة هجين التي باتت معقل التنظيم الأبرز شرقي سورية، وقرى: السوسة، الباغوز، الشعفة، أبو الحسن، البوخاطر، الكشمة، البوبدران، موزان، السفافنة. واستغل التنظيم سوء الأحوال الجوية أخيراً، فاستعاد ما خسره من مواقع انتزعتها "قوات سورية الديمقراطية"، مكبّداً إياها خسائر فادحة في أرواح مسلحيها، وهو ما دفع التحالف الدولي إلى إعادة النظر في استراتيجية المعركة بعد أن لمس عدم قدرة هذه القوات على القتال مع التنظيم من دون غطاء جوي كثيف.
وفيما يشارك الجيش العراقي بشنّ هجمات على التنظيم داخل سورية في النقاط القريبة من الحدود العراقية، وتقود قوات التحالف الدولي عمليات القصف الجوي، وتدعم بالكامل قوات "قسد" على الأرض، فإن العديد من المؤشرات تدل على أن هناك أسباباً سياسية واضحة تقف دون تحقيق حسم عسكري في المنطقة. فمن الواضح أن الوحدات الكردية، وهي تشكل النواة الصلبة في "قوات سورية الديمقراطية"، دخلت المعركة مرغمة بدفع من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، خصوصاً أن المعارك تدور في مناطق سكانها عرب ولا وجود كردياً فيها على الإطلاق.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن قيادة هذه القوات زجّت بمسلحين عرب غير مدربين في المعارك، في محاولة لتجنيب عناصرها الأكراد تبعات هذه المعركة وهو ما أدى إلى مقتل عدد كبير من مسلحي هذه القوات بنيران تنظيم "داعش" خلال المعارك. وأشارت المصادر إلى أن الوحدات الكردية تعتبر هذه المعركة ليست معركتها، لافتة إلى أن الفصيل الكردي أوقف العمليات العسكرية مطلع الشهر الحالي للضغط على واشنطن كي تتدخّل وتوقف هجمات الجيش التركي على مواقع هذا الفصيل في منطقة شرقي الفرات، ما يدل على أن الوحدات الكردية ليست معنية بتحقيق حسم سريع لا تصب نتائجه في صالحها. وأكدت المصادر أن "قوات سورية الديمقراطية" تضم فصائل غير متجانسة، "ومن ثم لا تملك عقيدة قتالية واحدة"، وهو أحد أهم الأسباب التي حالت من دون تحقيق تقدّم كبير في المعارك.
ولفتت المصادر إلى أن "تنظيم داعش اعتمد تكتيكات قتالية شتّت شمل القوات المهاجمة وأجبرتها على التراجع"، مشيرة إلى أن الكمائن والمفخخات وعمليات التسلل الليلي أسهمت في صمود عناصر التنظيم في المواجهات، إضافة إلى أنه يدرك أن هذه المعركة هي معركته الأخيرة ربما في سورية كلها، ويريد تحسين شروط أي صفقة قد يبرمها مع التحالف الدولي. وأوضحت المصادر أن مسلحي "داعش" على دراية كافية بجغرافية المنطقة بسبب وجودهم فيها منذ منتصف 2014، العام الذي سيطر فيه التنظيم على شرقي سورية برمته.
اقــرأ أيضاً
من جهته، رأى رئيس تحرير موقع "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أطراف الصراع كلها في ريف دير الزور غير ميالة للحسم، مفصّلاً بالقول: "قوات سورية الديمقراطية غير جاهزة حالياً لإدارة المنطقة، لذا هي كما يبدو غير مستعجلة في حسم الصراع لصالحها، إضافة إلى وجود خلافات بينها وبين الأميركيين، فضلاً عن مخاوفها من وجودها داخل العمق العربي في شرقي سورية، مع ما يحمل ذلك من مخاطر اندلاع صراع عرقي بين العرب والأكراد، خصوصاً في شرقي وشمال شرقي البلاد".
وأشار علاوي، وهو من أبناء محافظة دير الزور، إلى أن الأشخاص الذين تعتمد عليهم هذه القوات من أبناء الريف الشرقي "غير مقبولين شعبياً"، مضيفاً: "يبدو أن التحالف الدولي ليست لديه ثقة بقوات سورية الديمقراطية لإدارة المنطقة، ويبحث عن جهات بديلة يمكن أن تدير هذا الريف الغني بالثروات وتحديداً البترول، لا سيما أن الأميركيين يخططون لوجود طويل الأمد في المنطقة، ومن ثم فإن التحالف الدولي يتريث في حسم المعركة في الوقت الراهن".
وأشار إلى أن الأميركيين يريدون أن يبقى التنظيم ورقة ضغط على الروس والإيرانيين في شرق سورية، وبالتالي هم لا يسعون إلى القضاء عليه في الوقت الراهن. وأعرب عن اعتقاده بأن تنظيم "داعش" يريد استمرار المعارك في ريف دير الشرقي، مضيفاً: "التنظيم يراهن على الوقت لتحسين شروط التفاوض مع الجانب الأميركي للخروج من المنطقة".
إلى ذلك، يدفع آلاف المدنيين العالقين في المنطقة ثمن المعارك التي تدور رحاها في مناطقهم، وتؤدي إلى مقتل العشرات منهم بقصف طيران التحالف الدولي، الذي ارتكب أخيراً أكثر من مجزرة بحق المدنيين، الذين قدّرت مصادر عددهم بنحو 40 ألف مدني يعيشون ضمن ظروف إنسانية تكاد تصل إلى حدود الكارثة. وبات هؤلاء المدنيون خارج حسابات الأطراف المتصارعة، في ظل تعتيم إعلامي على معاناة تكبر كل يوم مع انسداد أفق أي حل ينجيهم من الموت، خصوصاً أن "داعش" كما يبدو يتخذ منهم دروعاً بشرية. ولكن هذا الأمر لم يمنع طيران التحالف الدولي من قصفهم بـ"قسوة"، وفق مصادر محلية، أبدت خشيتها من تكرار سيناريو الرقة والموصل الكارثي في ريف دير الزور الشرقي، تحت ذريعة القضاء على مسلحي التنظيم الذين قتلوا في الأيام القليلة مدنيين بحجة التواصل مع "قوات سورية الديمقراطية".
وحاول التحالف الدولي التنصّل من مسؤولية مقتل عشرات المدنيين، فنفى في بيان صدر قبل أيام أن يكون تسبّب بمقتل مدنيين في منطقة هجين. ولكن المصادر المحلية أكدت أن طيران التحالف الدولي قتل السبت أكثر من 40 مدنياً في قربة البقعان معظمهم نساء وأطفال. وسبق هذه المجزرة العديد من المجازر في مختلف البلدات والقرى التي يسيطر عليها "داعش"، سقط خلالها المئات من المدنيين قتلى ومصابين في هذا الريف المنكوب الذي يدفع ثمن صراع على النفوذ.
ولا يزال الموقف العسكري في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات غير واضح المعالم، إذ عجزت "قوات سورية الديمقراطية" عن تحقيق أي اختراق مهم من شأنه تعجيل حسم هذه المعارك الدائرة منذ أكثر من شهرين، والقضاء على ما تبقى من مسلحي "داعش" في هذا الريف الذي جلب له غناه بالبترول ويلات هذا الصراع. وكانت قوات "قسد" قد بدأت في العاشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، عملية عسكرية واسعة النطاق، قالت إنها "تهدف لطرد داعش من آخر جيوبه في هجين ومحيطها، بدعم جوي من طيران التحالف الدولي". وحققت المعارك في بداياتها تقدماً للقوات المهاجمة على بعض محاور القتال، خصوصاً في محيط قرى السوسة وباغوز والشعفة ومدينة هجين، لكن التنظيم شنّ لاحقاً هجمات معاكسة وأبدى شراسة في الدفاع عن آخر معاقله في ريف دير الزور.
وفيما يشارك الجيش العراقي بشنّ هجمات على التنظيم داخل سورية في النقاط القريبة من الحدود العراقية، وتقود قوات التحالف الدولي عمليات القصف الجوي، وتدعم بالكامل قوات "قسد" على الأرض، فإن العديد من المؤشرات تدل على أن هناك أسباباً سياسية واضحة تقف دون تحقيق حسم عسكري في المنطقة. فمن الواضح أن الوحدات الكردية، وهي تشكل النواة الصلبة في "قوات سورية الديمقراطية"، دخلت المعركة مرغمة بدفع من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، خصوصاً أن المعارك تدور في مناطق سكانها عرب ولا وجود كردياً فيها على الإطلاق.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن قيادة هذه القوات زجّت بمسلحين عرب غير مدربين في المعارك، في محاولة لتجنيب عناصرها الأكراد تبعات هذه المعركة وهو ما أدى إلى مقتل عدد كبير من مسلحي هذه القوات بنيران تنظيم "داعش" خلال المعارك. وأشارت المصادر إلى أن الوحدات الكردية تعتبر هذه المعركة ليست معركتها، لافتة إلى أن الفصيل الكردي أوقف العمليات العسكرية مطلع الشهر الحالي للضغط على واشنطن كي تتدخّل وتوقف هجمات الجيش التركي على مواقع هذا الفصيل في منطقة شرقي الفرات، ما يدل على أن الوحدات الكردية ليست معنية بتحقيق حسم سريع لا تصب نتائجه في صالحها. وأكدت المصادر أن "قوات سورية الديمقراطية" تضم فصائل غير متجانسة، "ومن ثم لا تملك عقيدة قتالية واحدة"، وهو أحد أهم الأسباب التي حالت من دون تحقيق تقدّم كبير في المعارك.
ولفتت المصادر إلى أن "تنظيم داعش اعتمد تكتيكات قتالية شتّت شمل القوات المهاجمة وأجبرتها على التراجع"، مشيرة إلى أن الكمائن والمفخخات وعمليات التسلل الليلي أسهمت في صمود عناصر التنظيم في المواجهات، إضافة إلى أنه يدرك أن هذه المعركة هي معركته الأخيرة ربما في سورية كلها، ويريد تحسين شروط أي صفقة قد يبرمها مع التحالف الدولي. وأوضحت المصادر أن مسلحي "داعش" على دراية كافية بجغرافية المنطقة بسبب وجودهم فيها منذ منتصف 2014، العام الذي سيطر فيه التنظيم على شرقي سورية برمته.
من جهته، رأى رئيس تحرير موقع "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أطراف الصراع كلها في ريف دير الزور غير ميالة للحسم، مفصّلاً بالقول: "قوات سورية الديمقراطية غير جاهزة حالياً لإدارة المنطقة، لذا هي كما يبدو غير مستعجلة في حسم الصراع لصالحها، إضافة إلى وجود خلافات بينها وبين الأميركيين، فضلاً عن مخاوفها من وجودها داخل العمق العربي في شرقي سورية، مع ما يحمل ذلك من مخاطر اندلاع صراع عرقي بين العرب والأكراد، خصوصاً في شرقي وشمال شرقي البلاد".
وأشار علاوي، وهو من أبناء محافظة دير الزور، إلى أن الأشخاص الذين تعتمد عليهم هذه القوات من أبناء الريف الشرقي "غير مقبولين شعبياً"، مضيفاً: "يبدو أن التحالف الدولي ليست لديه ثقة بقوات سورية الديمقراطية لإدارة المنطقة، ويبحث عن جهات بديلة يمكن أن تدير هذا الريف الغني بالثروات وتحديداً البترول، لا سيما أن الأميركيين يخططون لوجود طويل الأمد في المنطقة، ومن ثم فإن التحالف الدولي يتريث في حسم المعركة في الوقت الراهن".
وأشار إلى أن الأميركيين يريدون أن يبقى التنظيم ورقة ضغط على الروس والإيرانيين في شرق سورية، وبالتالي هم لا يسعون إلى القضاء عليه في الوقت الراهن. وأعرب عن اعتقاده بأن تنظيم "داعش" يريد استمرار المعارك في ريف دير الشرقي، مضيفاً: "التنظيم يراهن على الوقت لتحسين شروط التفاوض مع الجانب الأميركي للخروج من المنطقة".
وحاول التحالف الدولي التنصّل من مسؤولية مقتل عشرات المدنيين، فنفى في بيان صدر قبل أيام أن يكون تسبّب بمقتل مدنيين في منطقة هجين. ولكن المصادر المحلية أكدت أن طيران التحالف الدولي قتل السبت أكثر من 40 مدنياً في قربة البقعان معظمهم نساء وأطفال. وسبق هذه المجزرة العديد من المجازر في مختلف البلدات والقرى التي يسيطر عليها "داعش"، سقط خلالها المئات من المدنيين قتلى ومصابين في هذا الريف المنكوب الذي يدفع ثمن صراع على النفوذ.