معركة الفلوجة في يومها الثاني: مساعٍ لتطويق المدينة

15 يوليو 2015
الانتحاريون يعيقون تقدّم القوات العراقية والمليشيات (فرانس برس)
+ الخط -

بدت معركة الفلوجة أو كما سمّتها وزارة الدفاع العراقية "معركة تحرير الأنبار"، في يومها الثاني أمس الثلاثاء على عكس ما يروّج له الإعلام الحكومي من انتصارات سريعة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إذ إنّ الوقائع الميدانية أشّرت إلى ضعف إمكانات القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي"، والتي واجهت مقاومة وتكتيكاً عسكرياً من "داعش" اضطرها إلى العودة إلى مواقعها السابقة وعدم تحقيق أي تقدّم يُذكر باتجاه الفلوجة.

وسعت القوات العراقية والمليشيات في اليومين الأولين للمعركة، إلى تطويق الفلوجة، ومنع الدخول والخروج منها. وقالت مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد"، إن "القوات المشتركة حفرت خنادق وشيّدت تحصينات جديدة في مناطق تواجدها بعد خسارتها مبنى "قبان الشاحنات" الواقع على بُعد 18 كيلومتراً شمال الفلوجة، إثر هجوم بالسيارات المفخخة المحصنة التي يقودها انتحاريون".

وكشف ضابط يشغل رتبة عميد ركن في الجيش العراقي، طلب عدم ذكر اسمه، أن "اغلب الانتحاريين من دول المغرب العربي، وهم سلاح فعّال ومعيق لتقدّم قواتنا على الأرض خصوصاً أنهم ينتشرون وبكثرة".

وحول مجريات معارك اليوم الثاني، أوضح الضابط لـ"العربي الجديد"، أن "المعارك مستمرة لكنها أخفّ من اليوم الأول، وأخذ القصف الصاروخي المتبادل حيّزاً واسعاً من الصورة"، مشيراً إلى أن "تسعة اشتباكات اندلعت بين الطرفين، كان أعنفها جنوب الفلوجة عندما حاولت قوة كبيرة من القوات المشتركة التقدّم إلى الحي الصناعي في الفلوجة واصطدمت بعشرات المقاتلين الذين نجحوا بإحراق عدد من الدبابات والعربات المدرعة الموجودة ضمن الرتل، وهو ما أدى إلى تدخّل طيران التحالف الدولي لتأمين انسحاب الرتل من المكان، فقصف مواقع داعش وأوقع بينهم خسائر كبيرة"، لافتاً إلى أن "المعارك قد تطول أكثر مما هو متوقع، وتم الدفع بتعزيزات إضافية أخرى إلى محيط الفلوجة".

اقرأ أيضاً: معركة الفلوجة الثالثة: تحالف أميركي إيراني فرنسي عراقي

من جهته، أعلن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة في بغداد العميد الركن يحيى الزبيدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المرحلة الحالية هي تطويق الفلوجة، ونجحنا في ذلك بشكل كبير، فلا يمكن لأي شخص الدخول أو الخروج منها وإليها"، معتبراً ما تحقّق "إنجازاً كبيراً، سنبدأ بعده بعمليات التقدّم".

إلا أن سكاناً محليين في الفلوجة، قالوا لمراسل "العربي الجديد" إن الجانب الشمالي والغربي من الفلوجة مفتوح وبإمكانهم الخروج من دون وجود أي مظاهر للقوات العراقية وهناك مواد غذائية ومساعدات تصل إلى المدينة عبرها.

وقال مصدر محلي من مدينة الصقلاوية (شمال غربي الفلوجة) لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوات الحشد حاولت فتح منفذ إلى الفلوجة عن طريق منطقة الصقلاوية، لكنّها لم تتوقع حجم المقاومة الشرسة والتصدّي من قبل تنظيم داعش، والذي اشتبك معها عند حدود المنطقة، وأجبرها على الانسحاب والتراجع من دون أن تحقق أي تقدّم". وأضاف أنّ "داعش فاجأ الحشد بكمائن وألغام على طريق الصقلاوية، أوقعت خسائر كبيرة في صفوفه"، مشيراً إلى أنّ "داعش لديه أسلحة متنوعة وصواريخ أرض جو استطاع من خلالها إسقاط مروحيتين للجيش العراقي قرب حدود الصقلاوية"، موضحاً أن "نيران المعركة خفتت أمس بشكل كبير، وبدأ داعش بتنظيم صفوفه من جديد".

من جهتها، شنّت المقاتلات الحربية التابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، 29 غارة جوية ضد تنظيم "داعش" في محيط مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار. وأفاد بيان للقيادة المشتركة للائتلاف، بأنّها "نفّذت الغارات قرب الرمادي وأصابت فيها 67 موقعاً لتنظيم داعش، ودمرت آليات عدة يستعملها التنظيم".

إلى ذلك، أعلن قائد القوة الجوية الفريق الطيار الركن أنور حمه أمين، أنّ "طائرات إف 16 الأربع التي تسلّمها العراق أول من أمس من الولايات المتحدة ستشارك في العمليات التي انطلقت لتحرير محافظة الأنبار". وقال أمين في تسجيل مصوّر بثته وزارة الدفاع، إنّه "بوصول هذه الطائرات سيكون سلاح الجو فعالاً ومؤثراً في مقاتلة داعش، وسنقتص بها من الإرهابيين"، موضحاً أنّه "سيتم اكتمال الطلعات القليلة التي ستجريها فوق العراق، وبعدها نباشر بالمهام المقاتلة في الأنبار". وأكّد أنّ "هذه الطائرات مجهّزة بالأسلحة والمعدات اللازمة لخوض المعارك، وستصل أعداد أخرى منها تباعاً خلال الأسابيع القليلة المقبلة".

في غضون ذلك، قُتل ثلاثة من كبار قادة مليشيات "الحشد الشعبي" أثناء الاشتباكات في مدينة الصقلاوية. ولم تُعلن "الحشد" عن مقتلهم حتى الآن، فيما بعث نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي برقية تعزية إلى الأمين العام لمليشيات "بدر"، المنضوية ضمن "الحشد"، هادي العامري، بمقتل القادة الثلاثة. وأكّد المالكي في برقيته، أنّ "هذه الدماء العزيزة في هذه المرحلة الحرجة أتت لتؤكد أنها بمثابة صرخة مدوية وصفعة شديدة، في وجه دعاة القتل والتكفير"، مشدّداً على أنّ "مقتلهم لن يكسر إرادة المقاومة، ولن ينال من عزيمتها، بل سيزيدها إصراراً وقوةً ومنعةً على خط الجهاد والتحرير".

يشار إلى أنّ الهجوم على مدينة الفلوجة الذي انطلق فجر الإثنين، يُشارك فيه نحو 12 تشكيلاً برياً وجوياً ونهرياً متفاوت العدد والقوى، مقابل نحو ثلاثة آلاف مقاتل من تنظيم "داعش" يُقدّر وجودهم في الفلوجة.

اقرأ أيضاً: معركة الفلوجة: تنسيق أميركي إيراني وحقول الألغام تعرقل التقدم

المساهمون