لم ينتقل رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى الموصل، مثلما كان متوقعاً، ليعلن من هناك تحرير الجانب الأيسر من نهر دجلة رسمياً من تنظيم "داعش"، فاكتفى بمؤتمر صحافي من بغداد ليعلن فيه نصف الانتصار، في انتظار اكتمال تحرير المدينة بجزئها الغربي. وانتهز العبادي المناسبة ليكشف أن الإدارة الأميركية الجديدة بعثت رسائل لبغداد تعرض زيادة المساعدة للعراق. وعلمت "العربي الجديد" أن اجتماعاً موسعاً بحضور قيادات أميركية بارزة سيُعقد مطلع الأسبوع المقبل لوضع اللمسات الأخيرة على خطة اقتحام النصف الثاني لمدينة الموصل بعد اكتمال نصب الجسور للعبور من نهر دجلة إلى الضفة الثانية، وذلك بالتزامن مع بدء عمليات القصف التمهيدي للتحالف الدولي في مناطق عدة، وسط تقارير تؤكد سقوط مدنيين قتلى وجرحى في هذا القصف.
في غضون ذلك، باشرت طائرات التحالف الدولي بعمليات قصف عنيفة ومكثفة لمواقع وأحياء سكنية وسط الساحل الغربي للموصل الذي يضم نحو 600 ألف مدني. وأكدت مصادر محلية من هذا الجانب من نهر دجلة لـ"العربي الجديد" مقتل 13 مدنياً وجرح نحو 30 آخرين بفعل هذا القصف الذي طاول أحياء سكنية عديدة. كما أسقط القصف أيضاً قتلى من تنظيم "داعش".
وقال مسؤولون في الجيش العراقي إن عمليات القصف ستستمر أياماً عدة بهدف إنهاك التنظيم وتم استهداف زوارق ومواقع للتنظيم على الضفة الثانية من النهر، مؤكدين "قرب إلقاء منشورات على الساحل الغربي، في سيناريو مشابه لما حدث بالساحل الشرقي".
وفيما كان متوقعاً أن يصل العبادي للإعلان رسمياً عن تحرير الساحل الشرقي للموصل في محاولة لكسب سياسي جديد على خصومه، أكدت مصادر في الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب أن جيوباً مسلحة وعناصر من التنظيم ما زالوا متفرقين على ستة أحياء سكنية قرب دجلة ويشكلون تهديداً بتنفيذ هجمات، وهو ربما السبب الذي حال دون انتقال رئيس الحكومة إلى الميدان.
ورجّح الضابط أن "تبدأ القوات العراقية بمد الجسور العائمة عبر نهر دجلة نحو الضفة الغربية لمدينة الموصل لنقل القطعات العسكرية المشاركة في العملية العسكرية"، لكنه استطرد أن "مد الجسور العائمة يتطلب السيطرة على المناطق المتاخمة لنهر دجلة والقضاء على عناصر داعش الذين يهاجمون القوات العراقية من الضفة الغربية بأسلحة القناصة والرشاشات الخفيفة والمتوسطة". من جهته، قال قائد المحور الشمالي اللواء الركن نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب تقوم حالياً بعمليات تطهير واسعة"، موضحاً أنه يتم تفتيش البيوت والمباني السكنية بشكل دقيق مع رفع الأسلحة ومخلفات القتال، لافتاً إلى وجود عشرات المباني المفخخة في مناطق الساحل الشرقي تحتاج لوقت طويل وقد تتم الاستعانة بفريق هندسي تابع للأمم المتحدة في هذا الإطار.