معركة "القاسم الانتخابي" في المغرب مستمرة: "العدالة والتنمية" يقرر اللجوء للمحكمة الدستورية
كشف رئيس فريق حزب "العدالة والتنمية" بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) نبيل شيخي، اليوم الثلاثاء، عن أن حزبه قرر اللجوء إلى المحكمة الدستورية، في خطوة جديدة لإسقاط تعديل احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، بدل الأصوات الصحيحة، بعد أن كان قد خسر، نهاية الأسبوع الماضي، الجولة الأولى بإقرار مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) بالأغلبية للتعديل المثير للجدل.
وقال رئيس فريق "العدالة والتنمية" بمجلس المستشارين، خلال تدخله بلجنة الداخلية بالمجلس اليوم، إنه "لا زال أملنا معلقا على حكماء هذا الوطن، من أجل الاحتكام إلى المنطق والمصلحة الحقيقية والعليا لبلادنا، كما لا يزال أملنا كبيرا في المحكمة الدستورية التي سنرفع لها دفوعاتنا، قياما بما يمليه علينا ضميرنا من أجل الاستدراك والتصحيح، وتلافي جملة من التناقضات المسيئة لمسار تجربتنا الديمقراطية، ومن بينها مهزلة اعتماد قاسم انتخابي مختلف بين الانتخابات النيابية والجماعية، في مشهد سوريالي، حيث يحتسب كل صوت انتخابي في كليهما بوزنين مختلفين".
شيخي: "لا زال أملنا معلقا على حكماء هذا الوطن، من أجل الاحتكام إلى المنطق والمصلحة الحقيقية والعليا لبلادنا، كما لا يزال أملنا كبيرا في المحكمة الدستورية التي سنرفع لها دفوعاتنا، قياما بما يمليه علينا ضميرنا من أجل الاستدراك والتصحيح"
وعاد شيخي، خلال اجتماع لجنة الداخلية الذي خصص لمناقشة القوانين التي ستؤطر الانتخابات المنتظرة هذه السنة، للتأكيد على رفض حزبه لاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، لما له "من مس بجوهر العملية الديمقراطية، وما يمثله من إخلال بالاختيار الديمقراطي الذي كرسته بلادنا ثابتا دستوريا"، لافتا إلى أن اعتماده "من شأنه تكريس العزوف عن المشاركة السياسية الانتخابية، وتعزيز التوجهات المشككة في جدواها، والإساءة بعمق لصورة المؤسسات المنتخبة ومكانة ودور الأحزاب السياسية".
من جهة أخرى، جدد شيخي على رفض فريقه لإلغاء العتبة، لما سيترتب عنه من "بلقنة للمجالس المنتخبة، لا سيما بالجماعات الترابية، مما سيعرضها لصعوبة بناء تحالفات قوية ومنسجمة ولسيادة منطق العرقلة و"البلوكاج" (الانحباس)، والترضيات، وما يترتب عن ذلك من عدم الاستقرار وضياع مصالح المواطنات والمواطنين، وفسح المجال أمام الفساد، وتعطيل مشاريع التنمية".
وأضاف أن "ما تقدمنا به من ملاحظات لا يندرج في إطار ادعاء المظلومية والتباكي كما يحلو للبعض أن يصفها، وإنما في إطار حقنا ودورنا وواجبنا كأحزاب سياسية وكممثلين للأمة في التنبيه إلى بعض الانحرافات التي تمس جوهر العملية الديمقراطية وتسيء لصورة بلادنا، والتي إن لم يتم الاستدراك بشأنها فنخشى أن تجعلنا يوما نبكي جميعا على تفريطنا بسبب لحظة غرور وحسابات صغيرة ضيقة على ما راكمته بلادنا من مكتسبات".
وكان منافسو الحزب قد خطوا، ليل الجمعة الماضية، خطوة كبيرة بعد أن تمكنوا من تحقيق انتصار أول في معركة إقرار تعديل احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها حالياً.
ووحّدت أحزاب المعارضة (الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية) والأغلبية (التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية) صفوفها، خلال جلسة التصويت على مشاريع القوانين الانتخابية، من أجل تمرير التعديل الذي كان محط خلاف قوي خلال المشاورات السياسية التي قادتها وزارة الداخلية مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، بعد أن حصلت على 162 صوتاً لصالح المقترح، مقابل رفض 104 نواب يمثلون حزب "العدالة والتنمية".
كان منافسو الحزب قد خطوا، ليل الجمعة الماضية، خطوة كبيرة بعد أن تمكنوا من تحقيق انتصار أول في معركة إقرار تعديل احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها حالياً
ويخشى حزب رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، من أن يتم فرض الأمر الواقع عليه بالاستناد إلى الأغلبية العددية لإقرار التعديل المثير للجدل داخل المؤسسة التشريعية، والذي سيحدد إلى مدى بعيد، وربما حاسم، نتائج الانتخابات المقبلة، وطبقاً لذلك طبيعة الخريطة السياسية والحكومة المقبلتين.
وسيمكّن إقرار التعديل الخاص بالقاسم الانتخابي من منع الحزب الذي سيحصل على أكبر عدد من الأصوات من الحصول على أكثر من مقعد واحد في الدائرة الانتخابية، وهو ما قد يحرم حزب "العدالة والتنمية" في حال فوزه من نحو 40 مقعداً، ومن تكرار سيناريو اكتساحه لصناديق الاقتراع في 2016 بحصوله آنذاك على 125 مقعدا.
واقترحت أحزاب "الأصالة والمعاصرة" و"الاستقلال" و"التقدم والاشتراكية"، في تعديلاتها على مشاريع القوانين الانتخابية، تعديل المادة 84 من مشروع القانون التنظيمي، بالتنصيص على توزيع المقاعد على اللوائح بواسطة "قاسم انتخابي" يُستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية على عدد المقاعد المخصصة لها، وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.
وعللت ذلك التعديل بـ"تحقيق تمثيلية موسعة للناخبين برسم الدائرة المحلية، وفتح المجال أمام كافة القوى السياسية للمشاركة في القرار من خلال المؤسسة التشريعية".