معاناة المعتقل السياسي أنس حمدي في سجون السلطة الفلسطينية.. يتجه للإضراب عن الطعام رغم تدهور وضعه الصحي

20 نوفمبر 2022
يتجه حمدي إلى الإضراب عن الطعام والماء (محمود حمص/فرانس برس)
+ الخط -

يمر على اعتقال الفلسطيني أنس حمدي (32 عاماً)، من مخيم العين في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، أربعون يوماً داخل سجون السلطة الفلسطينية، فيما يتجه إلى الإضراب عن الطعام والماء والدواء رغم تدهور وضعه الصحي.

وليس المعتقل السياسي أنس حمدي وحده من يعاني الأوجاع والأسقام، ولا يقوى على النهوض، فوالدته الستينية عائشة حمدي تعاني من انتكاسة صحية مشابهة "كمداً وحزناً على ابنها المغيب عنها في سجون السلطة الفلسطينية من دون أن توجه إليه أي تهمة"، كما تقول الأم.

تقول والدته لـ"العربي الجديد: "لقد خسر من وزنه ما لا يقل عن عشرين كيلوغراما، جراء حالته النفسية الصعبة، وبات يعاني من تعب جسدي كامل وآلام في معدته وأعضائه الداخلية، ويتقيأ بشكل مستمر لسوء الوضع داخل سجون السلطة التي تنقل فيها بين مدينتي نابلس وأريحا".

وكان جهاز المخابرات العامة قد اعتقل حمدي بعد استدعائه لمقابلة في مقره بنابلس في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبعدها بيوم، فوجئت العائلة بنقله على ذمة اللجنة الأمنية العليا إلى سجن أريحا "سيئ الصيت والسمعة"، ومكث فيه نحو شهر، ومن ثم أعيد إلى سجن الجنيد في نابلس، وخلال تلك المدة، أضرب حمدي عن الطعام نحو أسبوع تأكيداً على حقه بالعيش حراً كريماً بين والديه وزوجته وأطفاله الثلاثة، وجرى نقله إلى المستشفى تحت حراسة أمنية مشددة عدة مرات، وفق الأم.

تتساءل الأم: "ما الجرم الذي ارتبكه ابني؟ عندما نزوره ونسأل عنه، يبلغنا عناصر الأمن أنه لا يوجد عليه أي شيء، ولم توجه إليه أي تهمة، فنجيب فوراً لماذا تعتقلونه إذن؟ هنا لا نسمع جواباً مطلقاً".

وفي الـ26 من الشهر الماضي، حصل حمدي، وهو أسير محرر أمضى في سجون الاحتلال نحو تسعة أعوام، على قرار قضائي بالإفراج عنه، لكن الأمن الفلسطيني لم يلتزم بالقرار وأبقى عليه قيد الاعتقال، في مخالفة واضحة وصريحة لقرارات القضاء.

وتعلق الأم على ذلك: "ابني أبلغني بآخر زيارة له، الأربعاء الماضي، أنه سيخوض إضراباً عن الطعام والماء والدواء حتى الإفراج عنه، ولو وصل به الأمر إلى حد الموت، وطلب منها إبلاغ هذه الرسالة لوسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية".

احتجاز رغم قرارات القضاء

يرى المحامي مهند كراجة، مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة"، في حديث مع "العربي الجديد"، أن استمرار احتجاز السلطة المعتقلين السياسيين، رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم، يعد جريمة حجز حرية خارج نطاق القانون، وجريمة عدم تنفيذ قرار قضائي، معرباً عن تخوفه من أن يكونوا قد تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة.

يقول كراجة: "إن أنس ليس الأول، ولن يكون الأخير، الذي يصدر بحقه قرار قضائي بالإفراج ولا ينفذ، رغم أن التهمة التي وجهت إليه، وهي حيازة سلاح، توجه عادة للغالبية العظمى من المعتقلين السياسيين، وهي تسقط خلال المحاكمة لعدم قدرة الأجهزة الأمنية على إثباتها، ومثلها أيضاً تهمة المس بالأمن العام والتحريض وغيرها من التهم، التي تكون حقيقتها سياسية لكنها تغلف بغلاف جنائي".

بدورها، أكدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، في بيان سابق، أن امتناع أجهزة السلطة عن تنفيذ قرارات المحاكم بشكل عام هو جريمة يعاقب عليها القانون، وأن استمرار احتجاز أشخاص خلافاً لقرارات القضاء يعتبر احتجازاً تعسفياً ويرقى إلى جريمة حجز حرية.

ولفتت إلى أن "ذلك يستدعي من النيابة العامة التدخل للإفراج عنهم واتخاذ المقتضى القانوني بحق من يمتنع، حيث إن ذلك يساهم بتقويض سلطة القانون وله ارتدادات على السلم الأهلي".

كما أكدت الهيئة أنها "تتابع تزايد حالات رفض الأجهزة الأمنية، في الآونة الأخيرة، تنفيذ قرارات الإفراج الصادرة عن المحاكم الفلسطينية، والمماطلة في تنفيذ بعضها"، مطالبة النيابة العامة بمتابعة تنفيذ قرارات المحاكم وتحريك الدعوى الجزائية إذا اقتضى الأمر. وطالبت المحافظين بالتوقف عن إصدار قرارات حجز حرية الفلسطينيين بقرارات إدارية.

تقارير عربية
التحديثات الحية

تعاظم الاعتقال السياسي

ووفق الإحصائيات التي نشرتها مؤسسات حقوقية وأهلية، فإن الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية سجلت أرقاماً غير مسبوقة وصلت إلى أكثر من 600 حالة اعتقال سياسي، منذ بداية عام 2022 حتى نهاية الشهر الماضي، بينما وثقت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين 409 انتهاكات ارتكبتها أجهزة السلطة بالضفة الغربية خلال الشهر الماضي.

يأتي هذا، بعد الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين في ما يعرف بقضية منجرة بيتونيا، التي تعد أبرز قضية اعتقال سياسي خلال السنوات الأخيرة، لكن هذا، وفق "محامون من أجل العدالة"، لا يعني أنّ هذا الملف انتهت فصوله، حيث تُعقد جلسة جديدة لمحاكمة المفرج عنهم في الثلاثين من الشهر الحالي.

ويشدد كراجة، الذي ترافع مع زملائه عن الموقوفين، أنهم لم يتلقوا بعد خلاصة ما يعرف بتقرير لجنة التحقيق التي شكلها النائب العام للوقوف على ادعاءات التعذيب، بعد طلب تقدمت به منظمة العفو الدولية (أمنستي) حول ادعاء معظم المعتقلين المفرج عنهم على ذمة هذا الملف تعرضهم للتعذيب والتعذيب الشديد وسوء المعاملة.

وفي الشأن، يقول القيادي في حركة "حماس" فتحي قرعاوي، لـ"العربي الجديد": "إن استمرار هذا النهج يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، عدم وجود نوايا صادقة لدى القيادة الفلسطينية والحكومة وحركة فتح بإنهاء ملف الاعتقال السياسي وتطبيق ما جاء في الاتفاقيات الموقعة بين الفصائل، وآخرها اتفاق الجزائر".

ويشير قرعاوي إلى أنّ "الاعتقال السياسي خنجر مسموم في خاصرة الشعب الفلسطيني، وهو يدمر البنية النفسية والاجتماعية للفلسطينيين، واستمرار وجود السلطة مرتبط بمواصلتها الاعتقال السياسي، على اعتبار أنه جزء من الاتفاقيات التي وقعتها مع الاحتلال الإسرائيلي، وأبرزها التنسيق الأمني ومحاربة الإرهاب"، مشدداً على ضرورة التصدي لاستمرار هذه السياسة.

المساهمون