بعد أكثر من سبع سنوات من الحبس بلا أحكام، أي ما يقرب من 2700 يوم، منها أكثر من ثلاث سنوات من الحبس الاحتياطي بلا محاكمة بعد براءتين، قال أنس البلتاجي، نجل القيادي البارز في جماعة "الإخوان المسلمين"، محمد البلتاجي، إنه يشعر بالخطر على حياته وملّ الصمت. وحسب ما نقلته مصادر أسرية ومحامون، قال أنس البلتاجي للقاضي في آخر جلسة أمام النيابة، إنه يعاني من تدهور في صحته الجسدية والنفسية، نتيجة سوء أوضاع الاحتجاز والحبس الانفرادي بلا أفق ولا محاكمة، وتجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بكثير. وأضاف "أوضاع الحبس سيئة ومخالفة للائحة السجون والمواثيق، والاحتجاز نفسه غير قانوني بعد تجاوز مدة الحبس والتجديد المستمر من دون نيّة للإحالة ومن دون أي داع منطقي".
مع ذلك، وبعد ثلاثة أحكام بالبراءة من محاكم الجنايات والجنح وقرار محكمة جنايات القاهرة الدائرة الثانية إرهاب بإخلاء سبيله، تم التحقيق مع أنس محمد البلتاجي، في قضية جديدة تم إعدادها بينما كان قد قضى في السجن خمس سنوات، ليتواصل حبسه منذ اعتقاله في 2013.
حُرم البلتاجي من استكمال دراسته، ورُفضت كافة الطلبات التي تقدّمت بها أسرته ومحاموه لدخول الامتحانات الجامعية
لم يخرج أنس البلتاجي من محبسه منذ عام 2013، بل جرى احتجازه في زنزانة فردية، يتعرض داخلها للتنكيل والحرمان من التريض والطعام والشراب حتى ساءت حالته الصحية بصورة كبيرة، من دون توفير أي رعاية طبية له، كما أنه حُرم من استكمال دراسته، وقد رُفضت كافة الطلبات التي تقدّمت بها أسرته ومحاموه لدخول الامتحانات الجامعية، حسب أسرته ومحاميه، علماً أنه طالب بكلية التربية النوعية في جامعة عين شمس. كما أن إدارات السجون التي تنقّل بينها لم تسمح له بإدخال كتبه الدراسية أو أي كتب أخرى، بالإضافة إلى انتهاك حقه وحق أبيه في أن يحتجزا معًا، وفقاً لما ينص عليه قانون لمّ الشمل.
ألقي القبض على أنس البلتاجي، في اليوم الأخير من عام 2013. لم يخرج أنس من محبسه منذ عام 2013 وكان عمره حينها 19 عاماً، وتم تدويله في أربع قضايا مختلفة، حصل على البراءة في قضيتين منها، من محاكم الجنايات والجنح، وإخلاء سبيل من قضية ثالثة. لكن السلطات المصرية، قررت أن تضمه إلى قضية رابعة لتبقيه سجيناً في قضية رابعة بتهمة الانضمام إلي جماعة إرهابية.
حصل أنس البلتاجي على أحكام البراءة في قضية الاعتداء على أحد الموظفين في سجن العقرب أثناء زيارة والده وكانت والدته متهمة معه في القضية نفسها، وتمت تبرئتها أيضاً من القضية التي وقعت أحداثها قبل اعتقاله بعدة أيام. وحصل على البراءة في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "خلية الماريوت" رقم 1145 لسنة 2014 والتي حكم عليه فيها بسنتين وذلك عام 2016، لكنه في مارس/آذار 2018 تم نقض الحكم وحكم له بالبراءة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 حُكم عليه بالسجن خمس سنوات في قضية ثالثة اتُهم فيها بحيازة سلاح، من دون تقديم أي دليل على ذلك، سوى المقطع المصور الذي أجبر هو وشقيقه على تصويره، إلا أن محكمة النقض ألغت الحكم وقضت ببراءة أنس عام 2018، ومع ذلك ظل محبوساً.
وبعد إخلاء سبيله، في 13 فبراير/شباط 2020، تم تدويره للمرة الثالثة على ذمة قضية جديدة، وقررت نيابة أمن الدولة العليا، حبسه 15 يوماً على ذمة قضية جديدة بعد قرار إخلاء سبيل صادر منذ أسبوع من تاريخ صدور هذا القرار في القضية رقم 640 لسنة 2018.
وكانت إدارة السجنين تخبر أسرته صراحة أنه كونه نجل البلتاجي، فإن هذا يعطيه امتيازاً سلبياً عن بقية المعتقلين الآخرين، ونتيجة لذلك، تم احتجازه في زنزانة فردية، يتعرض داخلها للتعذيب.
منظمة مصرية: النظام في مصر يحاكم ويعاقب أشخاصاً لكونهم فقط أقرباء ومن أسر معارضين أو منتقدين له
لكن "النظام في مصر يحاكم ويعاقب أشخاصاً لكونهم فقط أقرباء ومن أسر معارضين أو منتقدين له وسواء كانوا متهمين أو مغتربين، وبالطبع ينال ذوو أعضاء وقيادات جماعة الإخوان نفس الأذى، إذ توجّه لهم نفس الاتهامات التي توجه لذويهم، ويتم استخدام هذا النهج أحياناً للضغط على المتهم أو المغترب المعارض والمنتقد، أو كانتقام منه عبر استهداف أقربائه، دونما اعتبار للدستور أو القانون ودون أي احترام لقيم واتفاقيات حقوق الإنسان"، هذا ما خلصت إليه ورقة حديثة صادرة عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) بعنوان "أسرتك تحت إيدينا"، في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وكان أنس البلتاجي أحد نماذج هذه الورقة.
وعلى الرغم من أن الدستور المصري ينص في المادة 95 منه على أن "العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون"، إلا أن "القانون والدستور شيء، وما يحدث على أرض الواقع في مصر شيء آخر مختلف ومتعارض معهما"، حسب الورقة، التي وثّقت قيام الأجهزة الأمنية باستخدام القانون كأداة للقمع والانتقام من خصومه السياسيين أو المعارضين بشكل عام، وسواء كانوا بالداخل أو خارج مصر، وذلك من خلال القبض على ذويهم وتلفيق الاتهامات الكيدية لهم.
الورقة نفسها وصفت ما يحدث مع أنس البلتاجي بـ"أسوأ صور الانتقام من شخص لكونه ابن أبيه كما تقول أسرته"، ليواجه أنس مصيراً محتوماً ما دام يحمل والده محمد البلتاجي. لذا "فالخروج من السجن أمر مستحيل، وهو يواجه شبح التدوير على مدار سنوات ليتم التحقيق معه في سبع قضايا متتالية حصل على حكمين بالبراءة من محاكم الجنايات والجنح وفي قضايا أخرى حصل على إخلاء سبيل على ذمة القضية، وكل مرة يحصل على إخلاء سبيل يعاد تدويره مرة أخرى على ذمة قضية جديدة بنفس الاتهامات".