استمع إلى الملخص
- أصدرت وزارة المالية السورية قرارًا بحجز أموال عدد من ناشطي الحراك في السويداء، استنادًا إلى مراسيم وقرارات أمنية، في محاولة لتشتيت الاحتجاجات وإسكات الأصوات المعارضة.
- أكد الناشطون والمحامون أن القرار يفتقر إلى الأدلة القانونية، ويهدف إلى إجبار النشطاء على تسويات سياسية، مع إصرارهم على مواصلة مسيرتهم نحو الحرية.
طالب المئات من محتجي ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء جنوبي سورية، في الجمعة الثانية والستين منذ انطلاق الاحتجاجات في المحافظة، برحيل النظام السوري، وإطلاق سراح معتقلي الرأي، وكفّ يد الأجهزة الأمنية والتسلط الحزبي عن المؤسسات القضائية، والمؤسسات والإدارات العامة في سورية. وحمل المتظاهرون لافتات تطالب باستقلالية القضاء، والتوقف عن ملاحقة ناشطي الحراك تحت ذرائع وتهم ملفقة من قبل الأجهزة الأمنية.
ولم تستثنِ الوقفة الاحتجاجية في السويداء مظاهر التضامن مع الأحداث الجارية على الساحة اللبنانية، حيث عبّر المحتجون عن وقوفهم إلى جانب أبناء الشعب اللبناني، والنازحين السوريين في لبنان، مطالبين السلطات بتسهيل دخول السوريين من لبنان دون أي إجراءات قد تعيق دخولهم، وبالتالي تعرضهم لخطر الموت تحت القصف. وفي وقت يثبت الحراك تضامنه مع معاناة الشعبين الفلسطيني واللبناني، اللذين يرى أنهما امتداد للمعاناة السورية، يسعى الإعلام الموالي للسلطة في سورية إلى شيطنة الحراك بكل السبل، من خلال البث والترويج لأنه "مدعوم من جهات معادية للدولة السورية".
وفي هذا الصدد، يقول الناشط المدني حسن حرب لـ"العربي الجديد": "لطالما حاول النظام تأجيج الرأي العام على أي صوت يناهض سياساته ونهجه، من خلال إلصاق تهم التخوين والعمالة، ولكن من يعرف معظم رواد الساحة من المحتجين، سيرى إخوة وأبناء وآباء لرجال استشهدوا في معارك الشرف ضد المستعمرين والمحتلين والمعتدين. كثير منا هنا من مات أجداده في معارك التحرير ضد الفرنسيين، وآخرون استشهد آباؤهم أو إخوتهم في حروب النكبة في فلسطين، أو في حرب النكسة، أو في حرب أكتوبر عام 1973 ضد الكيان الصهيوني".
وفي سياق متصل، لجأت وزارة المالية في سورية أخيراً إلى إصدار قرار حجز احتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من ناشطي الحراك السلمي في محافظة السويداء، حيث حصل "العربي الجديد" على نسخة مصورة من القرار. وتأتي تلك الخطوة، وفق عدد من الذين صدر بحقهم القرار، بهدف تشتيت الحراك وكم الأفواه، بعد يأس النظام من القضاء على الاحتجاجات بأساليب متعددة. وبحسب قرار الحجز المذكور، فقد استندت وزارة المالية في قرارها إلى مراسيم متضمنة ملاك وزارة المالية، بالإضافة لإشارة صريحة أيضاً للاستناد إلى قرار أمني من قبل جهاز المخابرات العامة. وبررت المالية قرارها بأنه يأتي بناء على "تورط الأسماء التي وردت بقرار الحجز بالأحداث التي تجري على ساحة البلاد"، وفق ما جاء في نص القرار.
وأوضح الناشط الحقوقي ثامر أبو الحسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن إجراء المالية غير قانوني، ولا تعتمد التهمة الواردة به والموجبة للحجز على أية أدلة حسية، والكيدية في إلصاق التهمة واضحة. مضيفاً: "لقد اعتدنا على أن تقوم السلطة في سورية بحرف البوصلة، وإلقاء التهم جزافاً لكل من يعارضها، لكن الخطير في الموضوع هو قيام هذه السلطة بإلباس النشطاء تهماً جنائية تداركاً لأي مطالب مستقبلية بالإفراج عن أحد المعتقلين أو حتى مطالبة أي متهم باسترداد أملاكه المحجوزة".
وفي السياق، أوضح أحد المحامين والذي طلب إخفاء اسمه، بشأن ما ورد في القرار من المنطق القضائي غير قانوني، ولم يقدم أدلة عن التهمة الملصقة، مشيراً إلى أن هذا القرار لا يمكن تنفيذه ويمكن للمذكورين فيه توكيل محامين للاعتراض عليه. وأشار المحامي إلى أن الهدف من القرار واضح وضوح الشمس، وهو إجبار الأسماء المذكورة على إجراء تسويات أوضاع، والتعهد بعدم ممارسة أي نشاط سياسي مناهض للنظام، وهذا ما يرفضه كل النشطاء.
ولفت ياسر شقير، أحد النشطاء الذين وردت أسماؤهم في قرار الحجز، لـ"العربي الجديد"، إلى أنهم "لن يستطيعوا ثنينا عما مضينا به في دروب الحرية من خلال تلفيق التهم، كما لن نسمح لهم بحجز أموالنا مهما كان السبيل لذلك". كما لا يرى شقير في هذا القرار سوى محاولة لترهيب النشطاء ليس أكثر.