تظاهر آلاف المحتجين والمحتجات، اليوم الجمعة، في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء جنوب سورية، مطالبين بالتغيير السياسي الشامل في البلاد، وطرد كل الجيوش والمليشيات والاحتلالات من البلاد، والانتقال الفوري لتطبيق القرار الأممي 2254 دون مماطلة.
وشهدت الجمعة، التي تحمل الرقم 26، حشوداً متزايدة، رداً على الشائعات التي تتحدث عن الانكفاء والخلافات السياسية.
وذكر الناشط المدني ساري الحمد لـ"العربي الجديد" أن الحراك الشعبي في السويداء "ما زال يسعى ليكون الجامع من خلال النأي بساحة الكرامة عن التجاذبات السياسية التي تتعثر مرة تلو الأخرى، وتصطدم بنهج وتلاوين التيارات السياسية".
وأضاف الحمد: "بدأت تجمعات الفعاليات المهنية النقابية تظهر في المقدمة كسبيل أمثل لقيادة الحراك نحو أهداف شعبية دون التوغل في متاهات التحزب والانتماء السياسي"، مؤكداً في ذات الوقت أن "هذه التجاذبات حالة صحية رغم كل ما فيها قياساً بما خلفه النظام السوري على مدى خمسين عاماً من التصحر السياسي والقمع الفكري، واللون الواحد لحزب لم يترك أي مساحة للحرية".
وتزينت مظاهرات اليوم الجمعة بحاملي الورود وأغصان الزيتون وشعار (الساحة تجمعنا) في رفض مطلق لأي عملية إقصاء لأي مكون أو تيار، فيما دخل وفد كبير يمثل التجمع المهني الذي يضم النقابات والجمعيات والموظفين، والمعتقلين السابقين مع تجمع الحرفيين الذي انضم ممثلوه للساحة.
وشهد يوم أمس الخميس لقاء واسعاً ضم ممثلين عن جميع الكتل والتيارات السياسية والاجتماعية، وممثلين مستقلين من ساحة الكرامة، بتوجيه من الرئيس الروحي للطائفة الشيخ حكمت الهجري، بهدف بناء جسم سياسي ممثلاً عن هذه التيارات في أي حوار أو تمثيل داخلي أو خارجي. وعلى الرغم من الخلاف حول بنية وتوجهات الحضور والمشاركين، إلا أن الجميع يتفقون على صيغة جامعة لا تقصي أحداً، ولا تمس المبادئ الأساسية التي تدعو لسورية واحدة موحدة.
وحول هذا اللقاء والاختلافات، تقول الناشطة المدنية ميساء العبد الله لـ"العربي الجديد" إن "هناك توجهات لدى البعض مبنية على الفكر "المليشياوي" وتحتاج هذه إلى إعادة تأهيل ووعي شامل بالعملية الديمقراطية هذه، التي ما زالت وافدة وصعبة المراس علينا جميعاً. فنحن ما زلنا نستنسخ هيكل حزب البعث والأحزاب السياسية ذات اللون والشكل والحكم الواحد، ولم نتجاوز هذا الواقع الذي تعبث به المؤسسات الأمنية، المتجسد في حالة الأنا والفردية لصالح الفكر الجمعي والهدف العام، وقد نحتاج للزمن وللمعرفة الشاملة لننهض بأنفسنا، وهذا أمر طبيعي في بلد تعود على الاضطهاد الفكري والسياسي طول خمسين عاماً".
وتضيف العبد الله: "من جهتي بتُ أرى في الحراك النقابي أكثر تنظيماً وفاعلية وتأثيراً في المجتمع المدني، وحتى على سير عمل المؤسسات الحكومية، وربما قدمت تجربة فصل المدرس صدّام النجم وانعكاسها شعبياً، وما لحق بها من تظاهرات واعتصامات أمام مديرية التربية ونقابة المعلمين، دروساً غاية في الأهمية عن فعل العمل النقابي والمؤازرة الشعبية، وفي نفس الوقت خلقت حاجزاً رادعاً للسلطة عن تكرار مثل هذا الفعل بحق الموظفين"، كما قالت.
وفي هذا السياق، بيّن الناشط المدني الشاب ناظم سلوم أن "الظروف المحيطة في الشرق الأوسط، من الحرب الإسرائيلية على غزة، وألاعيب إيران وأذرعها، وتهريب المخدرات عبر الحدود، كانت عوامل خطيرة على حراك السويداء السلمي، حيث حاول المنتفضون ضد النظام السوري تجاوز ذلك باستمرار المظاهرات رغم يأس البعض من جدواها. لكن الصوت وصل، ويجب أن تحمل الأيام القادمة الخير للسوريين جميعاً".