مطالب بتفعيل مسار العدالة الانتقالية في تونس والاعتذار للضحايا

09 يونيو 2021
يعتصم عدد من الضحايا بساحة القصبة لمطالبة الحكومة بالاستجابة لمطالبهم(العربي الجديد)
+ الخط -

يطالب عدد من ضحايا أنظمة الاستبداد السابقة في تونس بتفعيل مسار العدالة الانتقالية، خاصة وأن تاريخ 24 يونيو يعتبر آخر أجل بحسب الفصل 70 من قانون العدالة الانتقالية لتقديم خطة عمل الحكومة في هذا المجال، ووضع برنامج لتنفيذ توصيات "هيئة الحقيقة والكرامة".

ويعتصم عدد من الضحايا بساحة القصبة وسط العاصمة لمطالبة الحكومة بالاستجابة لمطالبهم، مؤكدين أن اعتصامهم سيظل مفتوحا إلى حين تحقيق العدالة.

ويؤكد محمد الجميعي (50 عاما)، الناشط السياسي في حركة النهضة وأحد ضحايا التعذيب في فترة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أن ما مر به بعد الخروج من السجن من المراقبة الأمنية الشديدة والحرمان من العمل أشد وطأة من دخوله السجن، وقد اعتقل في التسعينيات ونال كغيره من النشطاء شتى أنواع الضرب والتعنيف والصعق بالكهرباء وصولا للاعتداء على كرامته وإنسانيته.

وأشار محمد الجميعي إلى أن وضعيته كسجين سياسي لا تختلف عن مئات الوضعيات التي ظلمت في التسعينيات، مبينا أنه خضع للمراقبة والتجويع والحرمان من مواصلة الدراسة وتحصيل رزقه، وفي الحقيقة جل عائلته نالها بطش النظام حينها، إلى جانب الحرمان من الحياة، مبرزا وجود 29 ألف ملف للضحايا ممن أودعت ملفاتهم ويطالبون بحقوقهم.

ويعتصم محمد كغيره من الضحايا بالقصبة، مؤكدا في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "لا بد من تفعيل مسار العدالة الانتقالية وإعادة إدماج الضحايا وجبر الضرر والاعتذار لهم"، موضحا أن "صندوق الكرامة لا يزال غير مفعل ولم يتم تنفيذ مخرجات هيئة الحقيقة والكرامة".

ويضيف الجميعي أنه "لو توفرت الإرادة السياسية لتفعيل مخرجات الهيئة لتم ذلك في ظرف وجيز"، مشيرا إلى أن "إنصاف ضحايا الاستبداد ضرورة من أجل ثورة تونس ولتخطي حالة الاحتقان التي يعيشها جل الضحايا من اليوسفيين إلى اليسارين والإسلاميين وحتى جرحى الثورة، إذ لا بد من إنفاذ توصيات هيئة الحقيقة والكرامة قبل يوم 24 يونيو الجاري لكي لا يقبر ملف العدالة الانتقالية".

وبين أن هذا التاريخ نص عليه القانون رقم 53 ولكن الصراع السياسي والتجاذبات الحاصلة في تونس وغياب المحكمة الدستورية، عطل مسار العدالة وأثار عدة مخاوف من دخول هذا الملف ضمن مسار التجاذبات السياسية ما يعيق إنصاف الضحايا، مشيرا إلى أن عددا من الضحايا غادروا الحياة ولم ينالوا حقوقهم، مؤكدا أن "هناك استحقاقات محمولة على الدولة لأنها استباحت في فترة ما حقوقهم وسلبتهم سنوات من عمرهم".

ولفت إلى أن "هناك أيضا جهات تصنف كضحية وعددها يقدر بـ 250 وقد تم نهب مدخراتها وإفلاسها وحرمانها من التنمية، وهي تعاني إلى غاية اليوم من التهميش في حين أن العدالة تأسست لفائدة الجهات ومن أجل التنمية والنهوض بالإنسان المضطهد من 1953 إلى 2013".

ويرى عضو "الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية"، العلمي الخذري، أن هدف اعتصام القصبة هو المطالبة بتفعيل المسار، فقد نشر تقرير هيئة الحقيقة والكرامة في 24 يونيو/حزيران 2020، مؤكدا أن الحكومة تتحمل المسؤولية في تنفيذ مشروع العدالة الانتقالية بتونس.

وتابع المتحدث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا بد من الضغط على الحكومة لترتيب المسار المهني وإعادة إدماج الضحايا"، مبينا أن المسار ظل معطلا باستثناء الإعلان عن وضع صندوق للكرامة، ولكنه لا يزال دون إدارة ومقر للعمل ما يعني غياب الإرادة السياسية لذلك.

وأشار الخذري إلى عديد التحركات من المجتمع المدني التي نجحت في الضغط ودفع المنسوب إليهم الانتهاك للحضور مستقبلا بعد تفعيل الفصل 142 من مجلة الإجراءات الجزائية، والذي ينص على التحجير على ممتلكات المنسوب إليهم الانتهاك ممن يرفضون الحضور إلى جلسات المحكمة، مبينا أن هذا الأمر خطوة إيجابية حيث استجابت عدة محاكم لهذه النقطة.

وأكد أن التلويح بالمصالحة الشاملة، والتي أثيرت سابقا ستكون نقطة سلبية في حق الضحايا قبل الاعتذار لهم، مؤكدا أن رئيس الجمهورية مطالب باسم الدولة بالاعتذار للضحايا، مشيرا إلى أن على الحكومة تقديم خطة لتنفيذ مخرجات العدالة الانتقالية، والتي تشمل اعتذار الدولة للضحايا وإنصافهم وحفظ الأرشيف وتصحيح التاريخ، مؤكدا أن مرور الوقت دون إنصاف الضحايا الذين يعانون الجوع ونقص الدواء وفقدانهم العمل هو خسارة للدولة ككل.

المساهمون