مطالب إسرائيلية وخطة غربية متجددة لـ"إغراء مصر"

17 نوفمبر 2023
خلال تظاهرة في الأزهر دعماً لغزة، أكتوبر الماضي (محمد حسام/Getty)
+ الخط -

كشف تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أمس الأول الأربعاء، عن "خطة أوروبية لدعم مصر بقيمة 9 مليارات يورو، مع إجراء محادثات حول الديون"، وهو ما فسره مراقبون بأنها قد تكون جزءا من "حزمة إغراءات" ستقدّم إلى مصر، لضمان دعمها لأي تصور غربي لحل الأزمة في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه شركة "شيفرون ميديترينيان ليمتد"، الثلاثاء الماضي، استئناف تدفق الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط من إسرائيل إلى مصر بعد توقف دام شهراً، بحجة تصاعد العمليات العسكرية. وأثارت تلك الإجراءات، الهواجس من جديد، بشأن وجود خطة لتصفية القضية الفلسطينية، ولو على حساب الدول العربية المجاورة، لا سيما مصر. 

الضغوط على مصر بشأن غزة لم تتوقف

وفي السياق، قالت مصادر مصرية إن "الضغوط والإغراءات التي تمارس على مصر، للقبول بالخطط الغربية الخاصة بمستقبل قطاع غزة، ومنها مسألة تهجير الفلسطينيين، لم تتوقف منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة".

مصادر مصرية: كل السيناريوهات لغزة تحتاج إلى دعم القاهرة

وأضافت أن "هذه الخطط تتغير بطبيعة الحال حسب تطورات الوضع الميداني، فبعد أن كانت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، تتوقعان أنه مع اشتداد القصف الإسرائيلي لقطاع غزة، سوف يفر الغزيون من ديارهم باتجاه مصر، فإن ذلك لم يحدث، وهو ما جعل هناك تفكيرا في سيناريوهات أخرى، مثل الممرات الآمنة، والنقل الطوعي للسكان، ثم الحديث عن علاج الجرحى والمصابين في مصر، كمقدمة لتفريغ القطاع، وصولاً إلى فكرة إنشاء منطقة آمنة جنوب قطاع غزة تشرف عليها مصر".

ولفتت المصادر إلى أن "إسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموماً، يعلمون جيداً أن مصر يجب أن تكون جزءاً أساسياً من أي خطة خاصة بقطاع غزة، نظراً لاعتبارات جيوسياسية معروفة، وأن كل هذه السيناريوهات، لن تمر إلا بموافقة ودعم القاهرة".

وأكدت المصادر أن "مسؤولين غربيين كثرا، تحدثوا إلى القيادة السياسية في مصر، حول العديد من تلك السيناريوهات، في اجتماعات واتصالات متعددة، وأن القيادة السياسية، أوضحت صعوبة القبول بأحد هذه الحلول، نظراً لأنها تلقى رفضاً قاطعاً من جانب المؤسسة العسكرية وهيئة الأمن القومي (تتبع المخابرات العامة)، نظراً لخطورتها على الأمن القومي المصري، في المقام الأول، وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام". 

استعداد مصري لدراسة مقترحات لتسوية الأزمة

وأضافت المصادر أنه "على الرغم من تأكيد القيادة السياسية المصرية، رفض فكرة التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر، إلا أنها أبدت استعدادها لدراسة مقترحات أخرى لتسوية الأزمة".

في مقابل ذلك، ذكر مصدر اقتصادي بارز أن "عودة ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر، جاء بعد مفاوضات استمرت لعدة أيام، مع المسؤولين المصريين، جرى خلالها تقديم طلبات من حكومة الاحتلال حول عدة قضايا، من بينها تخفيف حدة النقد الموجه لإسرائيل، وترشيد التظاهرات ضد الاحتلال، وتخفيف لهجة البيانات التي تصدر من المؤسسات الدينية في مصر، خصوصاً الأزهر".

وقال المصدر إن "وقف إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، والذي أثّر بشدة على إنتاج الكهرباء في البلاد، لم يكن بسبب عوامل تتعلق بالحالة الأمنية وتداعيات عسكرية، كما كانت تزعم تل أبيب، والدليل أنها عادت على الرغم من تصاعد العمليات العسكرية في الوقت الحالي"، مؤكداً أن "إمدادات الغاز الطبيعي، استخدمتها إسرائيل كورقة ضغط سياسية على مصر".

في هذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، لـ"العربي الجديد"، إن الحديث المتصاعد عن منح ومساعدات عربية وأوروبية ودولية تتدفق على النظام السياسي في مصر، والقول إن ذلك يأتي في إطار تداعيات أزمة طوفان الأقصى على الأوضاع الاقتصادية في مصر، يحتاج إلى إعادة ضبط، لأنه حتى الآن لم يثبت رقمياً حجم هذه التداعيات على مصر، إلا في ملف الغاز الطبيعي الذي يستورده النظام المصري من الاحتلال الإسرائيلي، والمفترض أيضاً ألا يكون له تأثير، لأن تصريحات المسؤولين في مصر، خلال السنوات الماضية تقول إنه حقق الاكتفاء الذاتي، وإن مصر أصبحت دولة مصدرة وليس العكس. وأضاف: كما أن أزمة الكهرباء وانقطاعها في مصر، قائمة منذ أسابيع قبل معركة الطوفان، وبالتالي يفقد هذا المبرر مصداقيته بشكل كبير. 

تدفق مالي على مصر

واعتبر أن "هذا التدفق المالي، يجد تفسيره في العديد من المطالب والشروط التي تم التنسيق بشأنها مع النظام في مصر، وفي مقدمتها ملف التوطين، وهو ملف جاءت تداعيات الطوفان الكارثية على الكيان لتقدم فرصة على طبق من ذهب للنظام ليساوم على مبالغ ومساهمات أكبر، وليس كما تم الاتفاق عليه في 2017، وتم تمريره في 2020 في ظل إدارة (الرئيس الأميركي الأسبق دونالد) ترامب".

عبد الشافي: التدفق المالي يجد تفسيره في العديد من المطالب والشروط التي تم التنسيق بشأنها مع مصر

وأضاف أن "الملف الثاني المهم الذي يمكن أن يكون مبرراً لهذه المساعدات الآن، هو استمرار تدفق الغاز من مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أوروبا، خصوصاً أن الحرب في أوكرانيا ما زالت قائمة، وأوروبا دخلت شهور الشتاء، والأزمة ما زالت متفاقمة، ويمكن أن تتفاقم في ملف الطاقة".

الملف الثالث، في رأي عبد الشافي، "هو تعزيز قدرات النظام في مصر على فرض سيطرته على الشارع الداخلي، والتصدي لكل الدعوات الشعبية بالتظاهر، ومنع الأصوات المعارضة صاحبة التأثير والحضور الشعبي مثل شيخ الأزهر (أحمد الطيب)، الذي ارتفع سقف خطابه الإعلامي ضد الكيان الصهيوني بعد المجازر التي ارتكبها".

أما الملف الرابع، "فهو الحيلولة دون انهيار ملف التطبيع، لأنه كلما طال أمد الأزمة، ومع اتساع تداعياتها، وتصاعد استخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية ضد الكيان والشركات الداعمة له، فإن ذلك ستكون له تداعياته السلبية على مسارات التطبيع"، وفق عبد الشافي.

المساهمون