- حركات فلسطينية تنعي دقة وتحمل إسرائيل المسؤولية، مطالبة بمحاسبة المسؤولين ودعوة لتدخل دولي لضمان حقوق الأسرى وتلقيهم العلاج اللازم.
- دقة ترك بصمة في الحركة الوطنية والأسيرة وكان أديبًا وكاتبًا، مع مطالبات بتحسين ظروف الأسر ووقف الانتهاكات بحق الأسرى.
أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني في بيان صحافي، أن استشهاد الأسير وليد دقة جاء بعد سلسلة من الجرائم الطبية التي نفّذها الاحتلال بحقّه هادفًا إلى قتله.
وجاء في البيان: "إنّنا ننعى قائدًا وطنيًا، ومفكرًا صلبًا أمضى حياته من أجل قضيته الأولى فلسطين، وترك إرثًا وطنيًا وفكريًا خاصًا حمل هويته. وواجه دقة سياسات التعذيب والتنكيل والحرمان والعزل، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة المتتالية (عملية القتل البطيء) إلى أن أُعلن عن استشهاده اليوم".
وتابعت الهيئة والنادي القول إنّه "كان من المفترض أنْ يكون تاريخ حريته في الـ25 من مارس/آذار 2023، بعد 37 عامًا من الاعتقال، إلا أنّ الاحتلال أضاف إلى حكمه عامين آخريْن ليصبح حكمه 39 عامًا، رغم الكشف عن إصابته بمرض سرطان الدم، والذي تطور إلى مرض سرطان نادر يُعرف (بالتليف النقوي)، جراء الجرائم الطبية التي استمرت بحقّه".
وفي حديث مع "العربي الجديد"، قالت نادية دقة، محامية الشهيد وليد دقة: "اليوم نسقت موعداً لزيارة له يوم الخميس في عيد الفطر، وزرته آخر مرة في 24 مارس/آذار الفائت، وكان يبتسم خلال اللقاء الأخير في عيادة سجن الرملة". وأضافت أن "وليد كان من أكثر الحالات تقصيرا من الناحية الصحية، فحالته كانت تستدعي متابعة عن كثب، وكان من المفترض أن تتدخل عائلته بشكل أكبر بكل الإجراءات الطبية له، لكن ما حدث هو العكس، حيث مُنعت العائلة من متابعة تطورات حالته الصحية".
وأضافت دقة أن "زيارة المحامين له كانت تحصل بصعوبة، فالمرة الأولى التي استطعت أن أزوره فيها كانت بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول الفائت، وجرى ذلك بعد الالتماس من المحكمة".
حركات وأحزاب فلسطينية تحمّل إسرائيل المسؤولية عن استشهاد دقة
في السياق، نعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، الشهيد الأسير والقائد الوطني وليد دقة، مؤكدة في بيان أن "سياسة الإهمال والتسويف والمماطلة التي مارستها سلطات الاحتلال بحقّ الأسير الشهيد دقة بالرغم من تدهور وضعه الصحي؛ تعد جريمة مكتملة الأركان، وتدلل على مدى استفحال النزعة الفاشية لدى منظومة الاحتلال الاستعمارية التي رفضت الإفراج عن الأسير الشهيد دقة متجاهلة التدخلات والمطالبات والالتماسات في هذا الصدد".
وبينت الحركة أن هذه الجرائم تُمارس بشكل ممنهج حيال الأسرى في معتقلات الاحتلال، تُضاف إلى ذلك الاعتداءات ذات الدوافع التصفوية مثلما جرى مع عضو اللجنة المركزيّة للحركة، مروان البرغوثي، أخيرًا. وحمّلت منظومة الاحتلال الاستعماريّة المسؤوليّة الكاملة عن جريمة إعدام الأسير دقة، باعتبار أن هذه المنظومة التي أخلّت باتفاق الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى التي أصرت القيادة الفلسطينيّة أنْ يتم الإفراج عنهم، وفي مقدمتهم، الأسير الشهيد دقة، تتحمل المسؤولية أيضا عن حياة الأسرى القابعين في معتقلاتها، وعلى وجه الخصوص المرضى منهم.
في الشأن ذاته، زفت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، الأسير الشهيد وليد دقة. قائلة في بيان: "نزف إلى شعبنا الفلسطيني العظيم وأمتنا الإسلامية والعربية وأحرار العالم استشهاد الأسير القائد وليد دقة (62 عاما) من باقة الغربية في الداخل المحتل والمعتقل منذ 38 عاما، عانى فيها من مرض السرطان، ومن الإهمال الطبي المتعمّد والمفضي للقتل في سجون الاحتلال النازي".
وأضافت الحركة: "إننا وفي خضم معركة "طوفان الأقصى" المباركة وما تبذله المقاومة وشعبنا الفلسطيني العظيم في غزة دفاعاً عن القدس والأقصى ووفاء للأسرى والمسرى، لنجدد عهدنا مع أسرانا على الحرية القريبة رغم أنف الاحتلال وقادته النازيين الجدد". وزادت أن "جرائم المأفون إيتمار بن غفير في حق الأسرى، والتي كان آخرها استشهاد وليد دقة، هي محاولة لإفشال جهود الوسطاء، ووضع العراقيل أمامهم".
إلى ذلك، طالب حزب التجمع الوطني الديمقراطي في الداخل الفلسطيني المحتل، ليل الأحد الاثنين، بتحميل دولة الاحتلال الإسرائيلي، المسؤولية عن جريمة استشهاد الأسير الفلسطيني وليد دقة (62 عاماً) المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1986، والذي فارق الحياة اليوم في مستشفى آساف هروفيه بالرملة، بسبب تدهور حالته الصحية.
وقال الحزب في بيان له: "تلقينا الخبر الأليم ببالغ الحزن والأسى، ونعتبر في التجمع الوطني الديمقراطي أن استشهاد الرفيق وليد هو نتاج عملية الإعدام البطيء التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية ضد الأسرى الفلسطينيين من خلال الإهمال الطبي وظروف الأسر الصعبة، والتي تجعل التعامل مع أي مرض مستحيلا".
وأضاف الحزب: "كان وليد دقة مناضلًا عنيدًا وشغل منصب عضو لجنة مركزية سابق في التجمع، وله من البصمات على الحركة الوطنية والأسيرة والعمل السياسي الكثير، إلى جانب كون المرحوم أديبًا وكاتبًا وأحد أعمدة الفكر السياسي في السجون وخارجها".
وطالب الحزب بتقديم كل المسؤولين عن الإهمال الطبي الذي تعرض له وليد دقة للمحاسبة، وفرض هيئة دولية تراقب أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وتهتم بتلقيهم العلاج والدواء والرعاية الطبية اللازمة، وتمنع إسرائيل من تعذيبهم والتنكيل بهم.
لجنة المتابعة: دقة واجه قراراً غير معلن بالإعدام
من جهتها، أكدت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، أن الأسير الشهيد وليد دقّة، واجه قراراً غير معلن بإعدامه، من خلال الإهمال الطبي الذي زاد حدة في الأشهر الستة الأخيرة، رغم أنه أمضى وأنهى حكم السجن الأول 37 عاماً، واستمر في الأسر بحكم انتقامي لعامين إضافيين، وتنكرت المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة لكل الدعوات المحلية وحتى العالمية لإطلاق سراحه، ليمضي ما تبقى له من عمر في حضن عائلته، وهو يعاني من المرض.
وقالت اللجنة في بيانها، إن ما واجهه الأسير دقّة في الأشهر الأخيرة، هو نموذج لما يواجهه الأسرى في السجون الإسرائيلية على مدى عشرات السنين، وبشكل خاص في الأشهر الستة الأخيرة، التي تزايد فيها استشهاد الكثير من الأسرى داخل السجون، ونحن على يقين بأن الإحصائية الحقيقية لعدد الشهداء في سجون الاحتلال من الصعب معرفتها في الظروف القائمة.
ووفق البيان، لم تكتفِ حكومة الحرب - الطوارئ بالخرق القائم أصلاً لحقوق السجناء الأمنيين والأسرى في سجونها على مر عشرات السنين، بل سنّت في الأشهر الستة الأخيرة قوانين تخرق كل المواثيق الدولية، لتشديد ظروف الأسر بشكل وحشي، وهذا عدا عن جرائم التعذيب التي يتعرض لها آلاف الأسرى، ويجري التكتم عليها، ويرشح منها القليل للرأي العام.
وتعرض دقّة لانتكاسات متتالية منذ شهر آذار العام الماضي، وتوالت هذه الانتكاسات جراء استمرار الجرائم الطبية الممنهجة ضدّه، وعمليات النقل إلى ما تسمى (عيادة سجن الرملة)، حيث أمضى معظم فترة اعتقاله أخيرًا، في ظروف بالغة الصعوبة. وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، أقدمت إدارة السّجون على نقله إلى سجن (جلبوع)، ثم أعادت نقله مجددًا إلى (الرملة) وتتالت عمليات نقله مرارًا إلى مستشفى أساف هروفيه لاستمرار انتكاساته الصحيّة. وقد واجه دقة، كما آلاف الأسرى الفلسطينيين، ظروفَ الاعتقال الوحشية غير المسبوقة بعد السابع من أكتوبر، وحُرمت عائلته من زيارته، ولم تتمكن من التواصل معه منذ ذلك الحين.
وولد وليد دقة في 18 يوليو/تموز 1961 في بلدة باقة (الغربية) في المثلث الفلسطيني. وأنهى تعليمه المدرسي سنة 1979. لكن دقّة، وجرّاء ما تعرض له هو وعائلته من سياسات العنف الاستعماري العنصرية، ونتيجةً لما شهده في طفولته وصباه من جرائم دولة الاحتلال، ابتداء بحرب النكسة 1967 ومروراً بيوم الأرض 1976 وانتهاء بمجزرة صبرا وشاتيلا 1982، التحق بالعمل الوطني تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1983، وذلك في إطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ولاحقاً، انضم إلى التجمع الوطني الديمقراطي سنة 1996، وصار عضواً في لجنته المركزية.
وبعد ثلاثة أعوام من انضمام دقة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، جرى اعتقاله في 25 مارس في العام 1986، وحكمت عليه المحكمة العسكرية في اللد في مارس التالي من العام 1987 بالسجن المؤبد. ومن الجدير بالذكر أنّه قد تم تحديد سنوات المؤبد في العام 2012 بـ 37 عاماً، ما يعني أن تاريخ تحرر دقّة كان يفترض أن يكون في 24 آذار من العام 2023. إلا أنّه وفي 28 أيار 2018، أصدرت محكمة بئر السبع حكماً جائراً بحقه من خلال زيادة سنتين إضافيتين على محكوميته بادّعاء ضلوعه في قضية إدخال هواتف نقالة لتواصل الأسرى مع عائلاتهم. وبناء على ذلك، أمسى تاريخ تحرره الجديد هو 24 مارس من العام 2025.
وجرى تشخيص وليد دقة بمرض السرطان في ديسمبر/ كانون الأول 2022، ومنذ ذلك الحين تدهورت حالته الصحية وخضع لعملية قسطرة واستئصال جزء من الرئة. ونقل في 13 مارس إلى مستشفى آساف هروفيه بالرملة، بسبب تدهور حالته الصحية. وكانت إدارة السجون تمنع زيارته منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت.