وجه عدد من المعلقين والكتاب الإسرائيليين انتقادات إلى مضامين الخطاب الذي ألقاه قبل يومين رئيس الوزراء نفتالي بينت أمام الأمم المتحدة، سيما تجاهله الصراع مع الشعب الفلسطيني وإبرازه المعضلة التي تواجه إسرائيل في مواجهتها البرنامج النووي الإيراني.
وقال الكاتب دافيد هورفيتس إن خطاب بينت الذي تضمّن 2000 كلمة، خلا تماماً من أية إشارة إلى القضية الفلسطينية، وهي القضية "التي تشغل المجتمع الدولي".
وفي تحليل نشره موقع "تايمز أوف إسرائيل"، لفت هورفيتس إلى أنه على الرغم من أنه ليس بوسع بينت التطرق إلى موقف محدّد من القضية الفلسطينية بسبب الاستقطاب الحاد بين الأحزاب التي تتشكل حكومته منها، إلا أنه كان عليه، على الأقل، تأكيد التزام إسرائيل تحت قيادته "بمد اليد بحثاً عن السلام".
وأشار إلى أن بينت عبّر عن موقف أكثر تطرفاً من سلفه بنيامين نتنياهو في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، على اعتبار أن الأخير كان يؤكد "الرغبة في السلام، حتى عند انتقاده الرفض الفلسطيني وتجنبه دعم حل الدولتين، وحتى إذا كانت تأكيداته غالباً ما تُقابل بالتشكيك".
أما المعلق السياسي لموقع "والاه" براك رفيد، فقد أشار إلى أنه في الوقت الذي ذكر بينت كلمة "إيران" في خطابه 34 مرة، لم يذكر الفلسطينيين مطلقاً. وفي تحليل نشره الموقع، لفت رفيد إلى أن ما يثير الاستهجان في سلوك بينت تجاه الفلسطينيين حقيقة أن "كل الأزمات السياسية والأمنية التي تعالجها حكومة إسرائيل منذ أن تولى بينت الحكم ترتبط بالصراع معهم"، مشدداً على أن تجاهل القضية الفلسطينية يدل على أن بينت "غير ذي صلة بالواقع". وأضاف أن بينت يرى أن الصراع مع الفلسطينيين يمكن التعايش معه، وأنه لا يتوجب استثمار طاقات كبيرة في محاولة حله، لافتاً إلى أنه يتبنى إستراتيجية "إطفاء الحرائق" في التعاطي مع الصراع مع الشعب الفلسطيني.
أما المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرنوت" رون بن يشاي، فقد أشار إلى أن ما ورد في خطاب بينت بشأن البرنامج النووي الإيراني دلّ على أنه لا يوجد لدى إسرائيل خيار عسكري "موثوق وفعال" لمواجهة التطلعات النووية الإيرانية.
وفي تحليل نشرته الصحيفة، شدد بن يشاي على أن بينت كشف في خطابه "المعضلة الإستراتيجية" التي تواجهها إسرائيل في التعاطي مع المشروع النووي الإيراني، سيما في ظل حرص كل من الولايات المتحدة وأوروبا على توطيد علاقاتها بطهران، وفي ظل غياب الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني الذي فرض قيوداً على الطموحات النووية الإيرانية.
وأشار إلى أن بينت عبّر في خطابه عن قلق إسرائيل من عدم وجود طرف داخل نظام الحكم في طهران يمكن أن يضفي اعتدالاً على التوجهات المتشددة التي يتبناها الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي. وادعى أن خطاب بينت عكس خشية إسرائيل من تمكن إيران من أن تتحول إلى دولة نووية قبل أن "يعود فيه الأميركيون وحلفاؤهم إلى رشدهم ويفهموا ما يسعى إليه النظام الجديد (في طهران) حقاً".
وأوضح أن إسرائيل معنية بمنع إيران من تطوير قدرات نووية، وهي بالتالي مطالبة "باستجداء" الولايات المتحدة والأوروبيين للعمل بحزم ضد المشروع النووي لطهران، وذلك عبر ثلاث آليات عمل، على رأسها فرض عقوبات اقتصادية، سيما تلك التي يمكن أن تؤثر على المكونات التكنولوجية الهامة في البرنامج النووي.
وشدد على أن الآلية الثانية يجب أن تتضمن العمل على "الإضرار المادي المباشر بالمفاعلات النووية"، في إشارة إلى استخدام أنشطة الحرب السرية. وحسب بن يشاي، فإن التحرك الثالث يتمثل في محاولة تهديد فرص بقاء النظام في طهران، من خلال شن حرب "سيبرانية" يتم فيها توظيف "مواقع التواصل الاجتماعي"، مشيراً إلى أن هذا ما قصده بينت عندما قال في خطابه: "الكلمات لن توقف أجهزة الطرد المركزي، إيران أضعف بكثير وأكثر عرضة للخطر مما تبدو عليه".