مصر تحذر إسرائيل: أي تحرك للسيطرة على محور فيلادلفيا تهديد خطير لعلاقاتنا

22 يناير 2024
معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (Getty)
+ الخط -

حذرت هيئة الاستعلامات المصرية (تابعة للرئاسة)، مساء الاثنين، من أن أي تحرك إسرائيلي للسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وقطاع غزة سيؤدي إلى "تهديد خطير وجدي" للعلاقات المصرية - الإسرائيلية. وقالت إن "القاهرة قادرة على الدفاع عن مصالحها والسيادة على أرضها وحدودها، ولن ترهنها في أيدي مجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين ممن يسعون لجر المنطقة إلى حالة من الصراع وعدم الاستقرار".

ونفت الهيئة، في بيان لرئيسها ضياء رشوان، صحة ما ورد من تصريحات، خلال الفترة الأخيرة، على لسان مسؤولين إسرائيليين في مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حول وجود عمليات تهريب للأسلحة والمتفجرات والذخائر ومكوناتها إلى قطاع غزة بواسطة أنفاق عبر الأراضي المصرية. وكان مسؤولون إسرائيليون، على رأسهم نتنياهو، توعدوا بالسيطرة على محور فيلادلفيا باعتباره خطوة لحسم الحرب، بحسب تقديراتهم.

وجاء في البيان أن "ما يؤكد كذب هذه المزاعم هو حجم الجهود المصرية لتحقيق الأمن والاستقرار في شبه جزيرة سيناء، وتعزيز الأمن على الحدود بين مدينة رفح المصرية وقطاع غزة خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث عانت مصر كثيراً من هذه الأنفاق خلال المواجهة "الشرسة" مع المجموعات الإرهابية (المسلحة) في سيناء، في أعقاب إطاحة نظام الإخوان (الانقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي) في يونيو/ حزيران 2013، وحتى عام 2020".

وأكد رشوان أن هذه الأنفاق كانت تمثل وسيلة لتهريب المقاتلين والأسلحة إلى سيناء من أجل تنفيذ "عمليات إرهابية، راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف شهيد (قتيل) من قوات الجيش والشرطة والمدنيين، بالإضافة إلى ما يزيد على ثلاثة عشر ألفاً من المصابين".

وأضاف رشوان أن الإدارة المصرية اتخذت خطوات أوسع للقضاء على هذه الأنفاق بشكل نهائي، من خلال إنشاء منطقة عازلة بطول خمسة كيلومترات من مدينة رفح المصرية، وحتى الحدود مع غزة، وتدمير أكثر من 1500 نفق، فضلاً عن تقوية الجدار الحدودي مع القطاع الممتد لنحو 14 كيلومتراً، وتعزيزه بجدار خرساني طوله 6 أمتار فوق الأرض، ومثلها تحت الأرض.

وتابع أنه يوجد ثلاثة حواجز الآن بين سيناء المصرية ورفح الفلسطينية، تستحيل معها أي عملية تهريب فوق الأرض أو تحتها، مستطرداً بأن "مصر لديها السيادة الكاملة على أرضها، وتحكم السيطرة بشكل تام على كامل حدودها الشمالية الشرقية، سواء مع قطاع غزة أو مع إسرائيل".

ومضى قائلاً إن "إسرائيل تتحدث بهذه الطريقة غير الموثقة عن ادعاءات تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة، وهي الدولة المسيطرة عسكرياً على القطاع صغير المساحة، وتملك أحدث وأدق وسائل الاستطلاع والرصد، ومستوطناتها وقواتها البحرية تحاصره من ثلاثة جوانب، وتكتفي بالاتهامات "المرسلة" لمصر من دون أي دليل عليها".

وذكر رشوان أن أي ادعاء حول عمليات التهريب عن طريق الشاحنات التي تحمل المساعدات والبضائع إلى غزة، من الجانب المصري لمعبر رفح، "هو لغو فارغ ومثير للسخرية، لأن أي شاحنة تدخل القطاع من المعبر يجب أولاً أن تمر على معبر كرم أبو سالم، التابع للسلطات الإسرائيلية، بغرض تفتيش جميع الشاحنات التي تدخل إلى القطاع".

وأضاف أن من يتسلم هذه المساعدات هو الهلال الأحمر الفلسطيني والمنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة كأونروا، "وهو ما يضيف دليلاً آخر على كذب المزاعم الإسرائيلية"، وفق البيان.

ادعاءات إسرائيلية هدفها السيطرة على محور فيلادلفيا

وقال رشوان إن الجوهر الحقيقي لادعاءات إسرائيل هو "تبرير استمرارها في عملية العقاب الجماعي، والقتل والتجويع لأكثر من مليوني فلسطيني داخل القطاع، وهو ما مارسته طيلة 17 عاماً سابقة"، مضيفاً أن "إمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب هو محاولة منها لخلق شرعية بشأن سعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا (صلاح الدين) في غزة على طول الحدود مع مصر، وذلك بالمخالفة للاتفاقيات والبروتوكولات الأمنية الموقعة بينها وبين مصر".

وجدد رشوان رفض بلاده القاطع لتهجير الفلسطينيين قسراً أو طوعاً إلى سيناء، وقال إن مصر بادرت بالاتفاق مع إسرائيل عامي 2005 و2021 إلى زيادة حجم قوات وإمكانيات حرس الحدود في المنطقة الحدودية، من أجل تأمين الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي، "احتراماً منها لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وحتى لا تتخذ الأخيرة أي خطوة انفرادية".

وواصل قائلا إن الحكومة الإسرائيلية مطالبة بإجراء تحقيقات جادة داخل جيشها، وأجهزة دولتها، وقطاعات مجتمعها، بحثاً عن المتورطين الحقيقيين في تهريب الأسلحة إلى غزة بهدف التربح، "إذ إن العديد من الأسلحة الموجودة حالياً في القطاع هي نتيجة التهريب من داخل إسرائيل، علاوة على المواد ثنائية الاستخدام فى التصنيع العسكري للأجنحة العسكرية بالقطاع".

واستشهد رشوان بما تنشره بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية عن التحقيقات "التي تجرى مع أفراد من الجيش الإسرائيلي، على خلفية اختفاء أسلحة أو بيعها في الضفة الغربية ومنها ترسل إلى قطاع غزة".

وقال إن معظم عمليات تهريب الأسلحة الثقيلة إلى غزة تحصل عبر البحر المتوسط، حيث تسيطر على شواطئه بصورة تامة القوات الإسرائيلية البحرية والجوية، "في حين أظهرت بعض المواد المصورة وجود العديد من ورش تصنيع الأسلحة والصواريخ والمتفجرات داخل الأنفاق بغزة، ما يعني أن هناك احتمالاً كبيراً لأن يكون جزء كبير من تسليح حماس والفصائل الفلسطينية تصنيعاً محلياً، وليس عبر عمليات التهريب"، على حد قوله.

واعتبر البيان أن "الادعاءات الإسرائيلية هي استمرار لسياسة الهروب إلى الأمام التي تتبعها الحكومة بسبب إخفاقاتها المتوالية في تحقيق أهدافها المعلنة للحرب على غزة، فهي تبحث عن مسؤول خارجها عن هذه الإخفاقات، كما فعلت الشيء نفسه مؤخراً باتهام مصر في محكمة العدل الدولية بأنها تمنع وتعوق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، رغم علمها التام بأن مصر لم تغلق معبر رفح".

وأضاف أن "سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة التعسفية أدت إلى القضاء على أي آفاق للحل السلمي للقضية الفلسطينية، وتشجيع انفصال قطاع غزة تحت قيادة حركة حماس عن السلطة الفلسطينية، بما في هذا غض الطرف عما يصلها من تمويل، والحصار الخانق للقطاع، وصولاً إلى الأوضاع الحالية التي تزعم إسرائيل، من وقت إلى آخر، أن مصر هي المسؤولة عنها".

وتابع البيان أن "هذه السياسات هي جزء من استراتيجية نتنياهو لتعميق الانقسام الفلسطيني، وضمان فصل غزة عن الضفة الغربية لإضعاف السلطة الفلسطينية، وحتى يكون لديه المبرر لرفض الدخول في أي مفاوضات حول حل الدولتين".

وختم البيان بالتأكيد على أن التضامن والدعم الشعبيين والرسميين للقضية الفلسطينية لا يتعارضان مع تأمين الحدود المصرية، ومنع التهريب منها وإليها، بدعوى أن دعم القضية الفلسطينية لها الكثير من الطرق السياسية، "كما أن الادعاءات الإسرائيلية الكاذبة لا تخدم معاهدة السلام التي تحترمها مصر، وتطالب الجانب الإسرائيلي بأن يظهر احترامه لها، ويتوقف عن إطلاق التصريحات التي من شأنها توتير العلاقات الثنائية في ظل الأوضاع الحالية الملتهبة".

المساهمون