مصر في "بريكس": محاولة توازن بين روسيا وأميركا

20 أكتوبر 2024
بوتين والسيسي في قمة بريكس بالصين، 4 سبتمبر 2017 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شكر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال منتدى "بريكس"، مشيرًا إلى أهمية التعاون لمواجهة التحديات الدولية الحالية.
- تسعى مصر من خلال انضمامها إلى "بريكس" لتحقيق منافع اقتصادية، مثل جذب الاستثمارات والاستفادة من فرص التمويل، مع الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
- تأمل مصر في أن يساهم "بريكس" في إنعاش اقتصادها وتعزيز ثقلها الاستراتيجي، مما يدعم نفوذ الصين وروسيا في مواجهة العقوبات الغربية.

في كلمة مصر المسجلة خلال منتدى أعمال تجمع "بريكس"، أول من أمس الجمعة، وجه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الشكر لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، على "الجهود المستمرة خلال الرئاسة الروسية للتجمع للعام الجاري"، قائلاً إن "المنتدى يعقد في وقت يشهد فيه العالم تحديات وأزمات دولية متعاقبة وغير مسبوقة، تتطلّب تكاتف جميع الجهود، لإيجاد حلول فاعلة لها".

بينما تستمر الأزمة بين روسيا والغرب، ومع قرب انتخابات الرئاسة الأميركية، وفي ظل فشل إدارة جو بايدن في الحفاظ على نظام عالمي موحد يقف خلفها، ويساهم في حل الأزمات الكبرى، ومنها وقف الحرب على قطاع غزة، وأيضاً الحرب على لبنان، تراهن موسكو على تحقيق خرق جديد في توجهها نحو وضع أسس نظام مالي عالمي جديد، وذلك من خلال قمة مجموعة بريكس المزمع عقدها في قازان (عاصمة تتارستان الروسية شرق موسكو) في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي. وتعتمد في رهانها ذاك على انضمام قوى إقليمية لها تأثير مثل مصر والسعودية. مقابل ذلك، يرى محللون أن دولاً مثل مصر لديها تطلعات وطموحات تريد تحقيقها من خلال التجمع الذي يضم دولاً كبرى، على رأسها روسيا والصين والهند.

مصر تريد منافع اقتصادية

عمار فايد: مصر تريد بشكل أساسي منافع اقتصادية

في السياق، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، لـ"العربي الجديد"، إن مصر "تريد بشكل أساسي منافع اقتصادية، فهي تريد جذب استثمارات من دول بريكس، فضلاً عن إمكانية الاستفادة من فرص التمويل التي يمنحها بنك التنمية الجديد في شنغهاي (NDB) التابع للمنظمة". أضاف أن "الاستفادة السياسية تظل محدودة، في ظل أن دول بريكس لا تتبنى مشروعاً جيوسياسياً متجانساً أصلاً، وبينها تباينات واسعة، ليس فقط بين الهند والصين، ولكن حتى الدول العربية التي انضمت أخيراً ما تزال حليفة للغرب". وتابع فايد: "مع هذا، فإن دخول مصر بريكس يمثل اعترافاً بأهميتها واستمرار تقدير قوى دولية رئيسية لدور البلاد الجيوسياسي".

تتفق مع ذلك، مديرة برنامج مصر بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، ميريت مبروك، التي أكدت لـ"العربي الجديد" "أن مصر لن تسمح لأي شيء بأن يؤثر على علاقتها الاستراتيجية والعميقة بالولايات المتحدة"، لكن في الوقت ذاته رأت أن التجمع "يعطي مساحة لمصر ودول أخرى، فيها نطاق وحرية أوسع للتحرك، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى نوع من التوازن في العلاقات الدولية (الاستراتيجية) في ما بعد". وأضافت مبروك: "مصر لن تضحّي بعلاقتها بالولايات المتحدة، فهي تبذل جهداً كبيراً جداً لكي تحافظ على هذه العلاقة، ولكنها منذ بضعة أعوام تحاول توسعة نطاق علاقتها الدولية، كي لا تكون معتمدة بشدة على دولة واحدة".

حول ما تريده مصر حالياً من تجمع "بريكس"، قالت إن "مصر تريد عدة أهداف، أولها: الاستقرار الاقتصادي لأن بريكس يمثل ليس سوقاً أكبر فقط، ولكن بلدان جديدة خارج أوروبا والولايات المتحدة، التي شكلت تكتلاً اقتصادياً كبيراً خاصاً بها، ولذلك فإن بريكس توسع الساحة وتعطي فرصة أكبر للبلاد النامية"، مضيفة أن مصر "تريد أيضاً الحرية الاقتصادية والسياسية، لأن أسواق التجمع أكبر ويضم بلداناً ضخمة مثل الهند وغيرها، تمثل أسواقاً كبيرة لمصر".

أهداف مصر من الانضمام لبريكس

أبو بكر الديب: مصر تحاول استعادة فاعليتها السياسية وثقلها الاستراتيجي

قال الباحث في الاقتصاد السياسي والعلاقات الدولية، أبو بكر الديب، لـ"العربي الجديد"، إن مصر "لها أهداف من الانضمام لتحالف بريكس، بالنظر إلى أنه تحالف دولي قوي، ينافس اقتصادياً مجموعة السبع الكبار، ومتوقع له انضمام العديد من الدول، كما أنه يتوقع أن يسبق مجموعة السبع من حيث الناتج المحلي الإجمالي وكذلك معدلات النمو، ولذلك ستكون له مكانة اقتصادية كبيرة، ومعروف أن أي قوة اقتصادية ستشكل قوة جيوسياسية وسياسية وعسكرية".

بدوره، قال الباحث في شؤون الطاقة والعلاقات الدولية، خالد فؤاد، لـ"العربي الجديد": "كان هناك هدفان رئيسيان أولهما الهدف الاقتصادي. ومن الواضح أن اقتصاد مصر متعثر، وكانت هناك محاولات من مصر أن تلتحق بمجموعات اقتصادية ضخمة، ربما تساهم في إنعاش اقتصادها، وبالتالي بريكس كمجموعة اقتصادية كبيرة، فيها دول ذات اقتصادات كبيرة، يمكن أن تساعد أو تقدم بعض الحلول للاقتصاد المصري المتعثر".

وأضاف: "أما من الجانب السياسي، فهناك نقطة مهمة، وهي أن مصر في السنوات الأخيرة، تحاول استعادة فاعليتها السياسية وثقلها الاستراتيجي وسمعتها السياسية بشكل عام، وبالتأكيد كل ذلك تضاءل في السنوات الماضية، سواء على المستوى الإقليمي أو حتى على مستوى القارة الأفريقية، ولذلك ربما تكون محاولات انضمام لمجموعة اقتصادية كبيرة، من شأنه إعادة صورة مصر كدولة لها أهميتها السياسية بشكل عام".

ولفت خالد فؤاد إلى أن "الصين وروسيا لديهما أهداف أيضاً من انضمام مصر والإمارات والسعودية، وذلك في سياق التنافس الكبير مع الولايات المتحدة على ما يسمى الجنوب العالمي، الذي يضم الدول التي تحاول أن تأسس لنفسها علاقات قوية وترابط قوي مع الدول المنافسة القوية للولايات المتحدة".

وأوضح أن "لدى الصين تحديداً هدفاً واضحاً من ضم دول مثل مصر والسعودية والإمارات لبريكس، وهو زيادة نفوذها العالمي، الذي يساعدها أكثر على بناء مشاريعها الضخمة في تلك الدول، وكلها محاولات من الصين لأن تقف عائقاً أمام الجهود الأميركية والغربية للتصدي للصعود الصيني". وتابع: "أما بالنسبة لروسيا، فالأمر مختلف قليلاً، إذ إن موسكو تسعى بالإضافة إلى التنافس على الجنوب العالمي، إلى تحقيق هدف مهم، وهو التصدي للعقوبات الغربية المرتبطة بالحرب الأوكرانية، والحقيقة أن وجود مثل هذه الدول يقدم الدعم لروسيا، ويعطيها مساحة أوسع في التصدي للعقوبات الغربية، أو بمعنى أدق: يضعف تلك العقوبات وأثرها على الاقتصاد الروسي".

المساهمون