مصر: توسع في تعيين خريجي الشرطة بالنيابة العامة

14 أكتوبر 2021
يفتقد معظم خريجي الشرطة للسمات المطلوب توافرها في القضاة (Getty)
+ الخط -

عادت ظاهرة توسع السلطات المصرية في تعيين خريجي كلية الشرطة، والذين انتسبوا إليها بعد تخرجهم من كلياتهم الأصلية في القضاء، حيث حمل القراران الأخيران الصادران من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بتعيين 739 معاوناً جديداً في النيابة العامة (أول درجة وظيفية في السلطة القضائية)، اختيار أكثر من مائة من خريجي كلية الشرطة، ونحو 40 ممن انتسبوا إليها بعد تخرجهم في كليات الحقوق العادية للتعيين كضباط احتياط، في أكبر عملية تعيينات من الشرطة منذ ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011. وكانت هذه الظاهرة قد تراجعت بشكل ملحوظ في التعيينات القضائية التالية للثورة، في جميع الهيئات، وإن بقيت قائمة.

نسبة التعيينات بالتوريث والقرابة المباشرة في الدفعتين المعينتين حديثاً تزيد عن سابقتها

ولطالما كانت هذه الظاهرة محل انتقاد واسع، بسبب افتقاد السواد الأعظم من خريجي الشرطة للكفاءة العلمية والسمات المطلوب توافرها في القضاة، وحرصهم الشديد على إرضاء رؤسائهم وتنفيذ التعليمات أياً كانت. ودفع ذلك مراقبين ومتخصصين في عهود سابقة، للمطالبة بمنع تعيين خريجي الشرطة في القضاء إلا بعد اجتياز دورة تدريبية خاصة، بينما يرى المؤيدون لتعيينهم أن عملهم القصير في الأقسام بعد التخرج، يفيدهم في استيعاب الإجراءات العملية والعلاقات بين جهات التحقيق والتحري.

وقال مصدر قضائي مطلع في محكمة النقض إن تعيين معاوني النيابة الجدد مرّ بالعديد من عمليات التصفية والتحريات الأمنية والرقابية المتكررة، فضلاً عن وقف تعيين أي خريج سبق تعيينه في هيئة رقابية أو قضائية أخرى، خصوصاً من خريجي دفعة 2017، ما أدى إلى انخفاض عدد المعينين منها بشكل عام. وأضاف المصدر أن عدداً كبيراً من المعينين من خريجي الشرطة هم أيضاً أبناء أو أبناء أخوة وأخوات مستشارين في هيئات قضائية مختلفة، كما أن نسبة التعيينات بالتوريث والقرابة المباشرة في الدفعتين المعينتين حديثاً تزيد عن سابقتها لتصل إلى نحو 50 في المائة من إجمالي المعينين، مع مراعاة أنه تم استبعاد العشرات لتعيينهم في أماكن أخرى.

وأشار المصدر إلى ظاهرة جديدة أخرى، وهي تعيين أكثر من 20 خريجاً كانوا قد عُينوا بالفعل في النيابة العسكرية نقلاً من القوات المسلحة بعد استقالتهم، وشرح ذلك بأن القضاء العسكري توسع في الفترة الأخيرة في تعيين الخريجين من كليات الحقوق المختلفة عند التحاقهم بالجيش لأداء الخدمة العسكرية، لمواجهة الزيادة الكبيرة في الوقائع المحالة إليه خلال العامين الأخيرين، خصوصاً في ملف مخالفات البناء وجرائم العدوان على الأراضي التي انتقلت إليه بقرار تنفيذي من الحكومة مشكوك في دستوريته.

واجتاز الخريجون المعينون الاختبارات الشفهية ومقابلات الهيئة التي أجراها مجلس القضاء الأعلى على دفعات، ثم تم توزيعهم لتلقي دروس ومحاضرات في الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة للاستخبارات العامة، كأداة ترشيح أخيرة ونهائية لاختيار القضاة، شأنهم في ذلك شأن المتقدمين للعمل الدبلوماسي والوظائف الحكومية الأخرى. وهذا الأمر كان مجلس القضاء الأعلى يرفضه في البداية، ثم رضخ للضغوط لتتقلص سلطته في الاختيار، على أن يتم إبلاغ أسماء المقبولين الذين اجتازوا الاختبارات والمقابلات الشخصية، على أن يتم ترشيحهم من قبل الجهات الأمنية والسيادية والرقابية، ثم يتم إلحاق المرشحين المجازين أمنياً بالأكاديمية، وفي النهاية لا يتم تعيين إلا من اجتازوا هذه الدورة.

تمّت إعادة للتحريات الأمنية والرقابية على أقارب الخريجين المقبولين، حتى الدرجة الرابعة

وذكر المصدر أنه قد تمّت إعادة للتحريات الأمنية والرقابية على أقارب الخريجين المقبولين، حتى الدرجة الرابعة، بالمخالفة لأحكام سابقة من المحكمة الإدارية العليا بحظر مؤاخذة المتقدمين بأفعال وجرائم ارتكبها أقارب لهم، أو بتصنيفات أمنية مزعومة للأقارب، حيث نتج عن هذه العملية، بحسب المصادر، استبعاد نحو مائة من المقبولين. وتضمنت المراجعة الأمنية استبعاد بعض هؤلاء لأسباب تتعلق بالآراء الشخصية لذويهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلاقات العمل الخاصة بآبائهم وأمهاتهم، وتحريات أمنية مزعومة عن معارضة بعضهم للنظام الحاكم، وذلك كله بعدما تمت تصفية المقبولين أنفسهم بحسب معايير مشابهة خلال دراستهم في الأكاديمية الوطنية. وأدت هذه المراجعات إلى تأخير إعلان المقبولين بضعة أشهر، بعدما تم بالفعل إبلاغ العشرات من المقبولين بالتعيين وخضوعهم للكشف الطبي، لتظهر الأسماء حاملة تلك التغييرات التي بلغت حد استبعاد أبناء وأخوة بعض القضاة المصنفين من قبل الأمن الوطني كمعارضين للنظام وكذلك أقارب القضاة الذين سبق فصلهم في قرارات التنكيل التي تلت أحداث عام 2013.


 

المساهمون