مصر: تفاصيل الطعن على رفض دعوى بطلان تعيين رئيس المجلس الأعلى للقضاء

04 أكتوبر 2023
قدم طعن برفض مجلس الدولة دعوى أمين (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

حصل "العربي الجديد" على الطعن القضائي المقدم من المحامي المصري ناصر أمين، على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بعدم قبول الدعوى التي يطعن فيها على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخاص بتعيين رئيس محكمة النقض، المستشار حسني عبد اللطيف، رئيساً لمجلس القضاء الأعلى، لانتفاء شرطي الصفة والمصلحة، وهو ما رد عليه أمين في طعنه.

واختصم الطعن كلاً من السيسي، ووزير العدل عمر مروان، ورئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى المعين، حسني عبد اللطيف.

واستند الطعن إلى 5 دفوع، وهي "فساد الحكم المطعون عليه، في الاستدلال على توافر شرطي الصفة والمصلحة". وفي هذا الصدد، ذكر مقدم الطعن أن "أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال، إذ انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك، إذ استندت المحكمة في اقتناعها، إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها، أو وقوع تناقض بين هذه العناصر".

انتفاء شرطي الصفة والمصلحة للطاعن

وقد تأسس الحكم المطعون فيه، القاضي بعدم قبول دعوى ناصر أمين، على "انتفاء شرطي الصفة والمصلحة، على ما زعم به من خلو أوراق الدعوى ومستنداتها مما يكشف عن صلة الطاعن بصفته بالقرار المطعون فيه، وأنه يمس بحق ذاتي للمؤسسة التي يمثلها".

وجاء في الطعن أن ذلك الأمر "مجافٍ للواقع ومناقض تماماً لما قدمه الطاعن من مستندات تكشف عن صلته بالقرار المطعون عليه، وعن مساس هذا القرار الطعين بمصلحة الكيان القانوني الذي يمثله، وهي (مؤسسة دعم العدالة)، وهي مؤسسة أهلية مسجلة برقم 712 لسنة 2015 طبقاً لأحكام القانون رقم 84 لسنة 2002".

ناصر أمين: قرار السيسي تجاوز للمستحقين لشغل المنصب

وقال أمين في طعنه إن "من أهداف المؤسسة والغرض من تأسيسها هو نشر وترسيخ قيم ومفاهيم حقوق الإنسان ودعم وتعزيز العدالة، وذلك على النحو الوارد بلائحة النظام الأساسي لها، وهو الأمر الذى ينبئ عن أن الحكم الطعين قد خانته فطنة القضاء وفروضه وأصوله وسننه، فضلَّ الطريق وجَنح جنوحاً مؤسفاً، حيث قصرت رؤيته وخلت بصيرته، وتمثل ذلك فيما سطره بمدوناته في شأن تحصيله لواقعات الطعن".

ودفع الطعن أيضاً بـ"عدم مشروعية القرار الطعين، لمخالفته الدستور والقانون". وفي هذا الصدد ذكر الطعن أن "المادة 185 من الدستور نصت على أن تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شؤونها، ويؤخذ رأيها في مشاريع القوانين المنظمة لشؤونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة. ويعين رئيس الجمهورية رؤساء الجهات والهيئات القضائية من بين أقدم سبعة من نوابهم، وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون".

وأضاف الطعن: "كما نصت المادة 44 من قانون 77 لسنة 2019. بتعديل قانون السلطة القضائية على أن يكون شغل الوظائف القضائية، سواء بالتعيين أو بالترقية، بقرار من رئيس الجمهورية، ويعين رئيس محكمة النقض بقرار من رئيس الجمهورية من بين أقدم سبعة من نواب رئيس المحكمة، وذلك لمدة أربع سنوات أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله".

القرار خالف الدستور والقانون المصري

وجاء في الطعن أنه "بتطبيق مواد القانون والدستور ينكشف أن القرار الطعين خالف الدستور والقانون المصري". وذكر مقدم الطعن أن "عيب الانحراف في استخدام السلطة، كما عرفه فقهاء الدستور الدوليون، هو أن يتخذ رجل الإدارة قراراً ضمن اختصاصاته تماماً، ويسلك بشأنه الأشكال المنصوص عليها قانوناً، لكنه يستعمل سلطته التقديرية في حالات ولأسباب غير تلك التي من أجلها منح هذه السلطة".

وتابع الطعن أنه "بالنسبة، لتعريف العيب المستمد من القضاء المصري، فقد استقر على سوء استعمال السلطة نوع من سوء استعمال الحق، والموظف يسيء استعمال سلطته كلما استعمل نصوص القانون ونفذها بقصد الخروج على أغراض القانون وأهدافه، فهو استعمال للقانون بقصد الخروج عليه، ولهذه الغاية تكون إساءة استعمال السلطة ضرباً من تعمد مخالفة القانون مع التظاهر باحترامه، فهي لا تخرج عن كونها مخالفة متعمدة لأهداف القانون، بل وللقانون ذاته لتعذر التفرقة بين نصوص القانون وأهدافه".

القرار تجاوز للمستحقين لشغل منصب رئيس مجلس القضاء

وأضاف أنه "بتطبيق الأمر على الحالة المقدم بشأنها الطعن، يتبين أن القرار تجاوز للمستحقين لشغل المنصب، وأغفل القرار الظروف والملابسات التي دعت مصدره لمخالفة النطاق المحدد للاختيار وشغل المنصب بتعيين المستشار حسني عبداللطيف في المنصب، رغم كونه من غير أقدم سبعة نواب لرئيس المحكمة".

وتابع: "كما افتقد القرار الغاية المشروعة لإصداره، خاصة أن القرار يتعلق بالصالح العام للمجتمع، كون المنصب يقع على قمة مرفق القضاء العادي، ويتعلق مباشرة بتحقيق العدالة بين الناس، وبذلك يكون القرار الطعين، قد صدر معيباً بعيب الانحراف بالسلطة من قبل مصدره، وهو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وحقيقاً بوقف تنفيذه وإلغائه".

وذكر الطعن أيضاً أن "منصب رئيس محكمة النقض (رئيس مجلس القضاء الأعلى)، منصب بغاية الأهمية بالنسبة للسلطة القضائية، نظراً لما يختص به من الاختصاصات الهامة الواردة بقانون السلطة القضائية".

وقال: "لذلك حرص المشرع الدستوري على وضع إجراءات خاصة لشغل المنصب، وتلك الإجراءات لها غرض واضح، هو التروي وعدم الاستعجال بإصدار قرار على هذا المستوى من الأهمية، فالإجراء هنا ليس شكلياً، بل إجراء جوهري يمثل ركناً موضوعياً لصحة القرار ما يعني، أنه لا يحق لمصدر القرار الخروج على الإجراء الذي حدده القانون".

وتابع: "من ثم فإن القرار الطعين صدر معيباً بعيب الشكل الجوهري لمخالفته الإجراء القانوني واجب الاتباع، بتعيين المعلن إليه الثالث رئيساً لمحكمة النقض رغم كونه من غير أقدم سبعة نواب لرئيس المحكمة، ما يصل به إلى درجة الانعدام حقيقاً بوقف تنفيذه وإلغائه".

وجاء في الطعن أن "الإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون ومبادئ الأمم المتحدة، جاء في سابقة تعد الأولى في تاريخ القضاء المصري، فقد انعقدت المحكمة بتاريخ 8 أغسطس/أب 2023 الساعة 10.30 صباحاً، وانتهت المرافعات في الدعوى الساعة 11 صباحاً، ورفعت الجلسة على أن تعود للانعقاد في تمام الساعة 12.30 ظهراً".

وأضاف: "تقدم ممثل هيئة مفوضي الدولة بتقريره في الدعوى، ثم انعقدت الجلسة مرة أخرى، وعرضت المحكمة ما انتهى إليه تقرير المفوضين وقررت حجز الدعوى للحكم بذات اليوم الساعة 4 عصراً، مع التصريح للطاعن بصفته بتقديم مذكرة بدفاعه في موعد غايته الساعة 3.30 عصراً من ذات اليوم. وهذا أمر مستغرب وضد طبيعة عمل القضاء في مصر، ولم يسبق للطاعن بصفته، وهو محام مترافع أمام القضاء المصري منذ ما يربو على ثلاثة عقود أن ترافع في دعوى انتهت في غضون سويعات".

وفي نهاية الطعن طالب مقيمه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون عليه بتعيين عبد اللطيف رئيساً لمحكمة النقض، وما يترتب عليه من آثار، وإلزام المطعون ضدهم بالأتعاب والمصاريف، مع حفظ كافة الحقوق الأخرى للطاعن.

وكان المحامي والخبير الدستوري، عصام الإسلامبولي، قد أعلن تضامنه مع أمين في دعواه، وأنه سيلتقي به للطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أن الحكم "خاطئ تماما ومتناقض مع بعضه البعض في مضمونه".

دعوى أمين تعود للفلسفة الجديدة للنظام القانوني بمصر

من جهته، قال النائب السابق لرئيس محكمة النقض، المستشار محمد ناجي دربالة، لـ"العربي الجديد"، إن "الدعوى التي قدمها ناصر أمين، والاعتراض عليها والنقض، تعود إلى الفلسفة الجديدة للنظام القانوني في مصر".

محمد ناجي دربالة: تدخل السلطة التنفيذية في شؤون زاد بأضعاف ما كان عليه الوضع سابقاً

وأوضح أنه "في دستور 2012، تم إعطاء دور لمجلس حقوق الإنسان، في التدخل لصالح كل المواضيع، بما فيها الدعوى الجنائية، دفاعاً عن حقوق الإنسان، وجرى التوسع في حقوق الإنسان وفي قضاياها، وأصبح من حق أي أحد الدفاع عن الحقوق، مثل المؤسسات المدنية والحقوقية أو كأفراد. أما اليوم، في أزمنة التضييق على القضاء، فلم يعد القضاء هو ملك الميزان في الفصل بين المتنازعين، وأدخلنا في دوامة أن مقدمي الدعوى (غير ذوي صفة)، برغم أنهم مواطنون وحقوقيون ومحامون، ولهم باع طويل في هذا المجال، وهذا كاف لتقديم أي دعوى".

واعتبر دربالة أن "تدخل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء ليس جديداً، إلا أنه زاد بأضعاف ما كان عليه الوضع سابقاً، ولا يوجد أحد رفع صوته للدفاع عن استقلال القضاء وتغول السلطة التنفيذية، خصوصاً القانون الذي يعطي رئيس الجمهورية حق اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وهذا تدخل صريح في استقلالية القضاء، حيث يتم الاختيار حسب معياره الشخصي، ومعيار الأجهزة المحيطة به التي تمده بالمعلومات عن كل شخص، ولا يعود الأمر إلى اختيار السلطة القضائية ومعاييرها التي ينص عليها القانون".

وتابع: "في المقابل لا يوجد اعتراض، لا من أي منظمة حقوق إنسان ولا منظمات قضائية حتى نادي القضاة، حول التوسع في الاعتداء على القوانين، كتمديد مدد الحبس الاحتياطي دون سند قانوني، والذي لم ينتقده أو يعترض عليه أحد".

واعتبر دربالة أن "مسألة الاعتداء على القضاء وانتزاع اختصاصاته لصالح السلطة التنفيذية، تغول على السلطة القضائية، وفقدها استقلاليتها".

وشدد على أن "مبدأ (غير ذي صفة)، وحرمان الناس من اللجوء إلى القاضي، لكي يصحح الأخطاء، بدعوى أنهم (ليسوا أصحاب صفة)، طبعاً ينتقص من حق أصيل من حقوق كل المواطنين، لإبداء الرأي في الشأن العام". وقال أن "المواطنين جميعاً والأمة جمعاء، أصحاب صفات، وحرمان المواطنين من اللجوء إلى القضاء بقرار يأتي من القضاء نفسه، ينتقص من استقلالية القضاء وهذا غير معقول".

المساهمون