وجهت نيابة أمن الدولة العليا بمصر، اليوم الأحد، اتهامات للسياسي يحيى حسين عبد الهادي بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية على علمه بأغراضها"، وقررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية 1356 لسنة 2019، على أن يبدأ تنفيذ القرار حين إخلاء سبيله من القضية 277 لسنة 2019.
وبدلًا من إخلاء سبيل عبد الهادي في القضية 277 لسنة 2019، والمحبوس احتياطيًا على ذمتها منذ 29 يناير/ كانون الثاني 2019، أي قضائه أكثر من عامين حبس، وهي أقصى مدة للحبس الاحتياطي المنصوص عليها قانونًا، تم ضمه اليوم إلى قضية جديدة بنفس تهمة القضية المحبوس على ذمتها، بمحضر تحريات جديد، فيما يُعرف بـ"التدوير".
يُشار إلى أن مصطلح التدوير أطلقه محامون حقوقيون على المعتقلين على ذمة تحقيقات القضايا التي تلفق لهم واحدة تلو الأخرى.
والتدوير نوعان، يتمثل النوع الأول في أنه بعد إخلاء السبيل يتم تنفيذ الإخلاء على الورق، ويظل المعتقل لدى السلطات، وفي اليوم التالي أو بعده بعدة أيام، يُقدم للنيابة بمحضر تحريات جديد، ويتم ضمه لقضية جديدة، وآخر مثال لهذا النوع من التنكيل هو المعتقل السياسي محمد القصاص.
أما النوع الثاني من التدوير، فيتم بعد انقضاء العقوبة وتنفيذها أو انتهاء الحبس الاحتياطي، إذ يتم إطلاق سراح المعتقل فعلًا، وبعد شهر أو عدة أشهر، يتم القبض عليه في قضية جديدة، ومن الذين تم التنكيل بهم بهذا النوع من التدوير، الناشط السياسي البارز، علاء عبد الفتاح، الذي أُلقي القبض عليه يوم 29 سبتمبر/ أيلول 2019، خلال أحدث حملة قمع تشنّها السلطات، من قسم شرطة الدقي بعد خروجه من القسم حيث يقضي المراقبة الشرطية يوميًا من السادسة مساءً للسادسة صباحًا.
ويحيى حسين عبد الهادي واحد من وجوه الثورة المصرية، وأحد محاربي الفساد في مصر قبل أعوام من اندلاع الثورة، كما يُعد أحد أبرز المعارضين للخصخصة، خاصة مع شركة عمر أفندي، التي شارك في عضوية لجنة تقييمها وتوصلت إلى تقدير ثمن الشركة بما يقارب 1300 مليون جنيه مصري، بعد خفض القيمة بنسبة تراوح بين 20 و30 بالمائة لتسهيل الصفقة.
وفُوجئ عبد الهادي بتجاهل هذا التخمين واعتماد تقييم آخر بـ450 مليون جنيه ارتفع إلى 550 مليوناً، إضافةً إلى توقيع اللجنة على ما يشبه اعتذاراً عن تقريرها الأصلي، واعتماد القيمة المنخفضة.
وحينها تقدم يحيى حسين عبد الهادي ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزير الاستثمار في هذا الوقت، محمود محيي الدين، ورئيس الشركة القابضة لعمر أفندي، هادي فهمي، بتهمة الضغط على لجنة التقييم التي كان عضواً منتدباً فيها لتسهيل الاستيلاء على المال العام لصالح شركة أنوال السعودية بمبلغ 450 مليون جنيه في حين أن التقييم الحقيقي 1.3 مليار جنيه، مما يعني إهدار 600 مليون جنيه مصري.
وقد كانت قضية عمر أفندي الحالة الوحيدة التي خرجت من النور بعد بلاغ عبد الهادي، على الرغم من أنه في البداية كان قد وقع موافقاً على تقييم لجنة الوزارة، لكنه أعلن ندمه بعد ذلك والعدول عن قراره ومحاربة عملية البيع هذه مهما بلغت الضغوط التي سيتعرض لها هو وباقي أعضاء لجنة التقييم.
وعلى الرغم أنه استطاع تعطيل عملية البيع لثمانية أشهر، إلا أنه في النهاية تم للمستفيدين من البيع ما أرادوا وذهب عمر أفندي للمستثمر السعودي، وبرغم أن مقاومته لم تأت بنتيجة، فإنه تحمل تكاليفها بحرمانه من جميع مناصبه ليعود مرة أخرى لمركز إعداد القادة مرؤساً ليس رئيساً، كما كان محاضراً بلا محاضرات، إذ ألغيت كل انتداباته.
وبالرغم من ذلك، بدأت صفحة أخرى في حياة عبد الهادي بعد أن اختاره المفكر الراحل، عبد الوهاب المسيري، ليكون ضمن اللجنة التنسيقية لحركة كفاية، حيث وجد فيه شخصية شعبية تتصدى لعمليات البيع لأصول الشركات، مناهضاً للخصخصة ولذلك تم اختياره ليقود الحركة الشعبية "لا لبيع مصر" مع أبو الصناعة المصرية الوطنية الراحل، عزيز صدقي.
وتناهض الحركة عمليات الخصخصة، سواء أكان البيع لمستثمر أجنبي أو مصري، وتعتبر أن كل البيوعات التي تمت غير مشروعة لأنه لم يُؤخذ رأي الشعب فيها، وهو المالك الحقيقي لكل أصول الشركات، إذ يصعب أن يتدارك هذا الخطر حتى بعد زوال النظام الحالي.
وكان عبد الهادي قد اعتبر في بيان أن ما يحدث هو تنفيذ لأجندة خارجية لتدمير مصر وتخريب أصولها، لافتاً إلى أن قافلة البيع هي عنوان هذه المرحلة لمصر وأن الحل للخروج من هذه التجاوزات هو تغيير النظام بسياساته.