بدأت الطواقم المصرية في قطاع غزة، التابعة للهلال الأحمر المصري، في إنشاء أول مخيم نزوح منظم داخل قطاع غزة، سيتسع لأكثر من 7 آلاف نازح فلسطيني، كمرحلة أولى، بعد إدخال المعدات والمواد اللازمة لإنشاء هذا المخيم وتجهيزه، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأطلقت جمعية الهلال الأحمر المصري، الأربعاء الماضي، بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعمال إقامة مخيم مصري للنازحين الفلسطينيين في غرب مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، ضمن جهود وتحركات القاهرة للتخفيف من حدة الأزمة التي يعانيها سكان قطاع غزة في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل. وكانت قناة "القاهرة الإخبارية" الحكومية قد أكدت، الأربعاء الماضي، أن القيادة السياسية المصرية وجّهت بإنشاء "مخيم إغاثي" بمدينة خانيونس.
أول مخيم نزوح منظّم في غزة
ويأتي هذا التحرك المصري في إنشاء هذا المخيم المنظم الأول في قطاع غزة، من خلال توفير كل ما يلزم من خيام ودورات مياه وطعام وشراب للنازحين، بعد اقترابهم من الحدود المصرية الفلسطينية بين قطاع غزة وسيناء، خلال الأسابيع القليلة الماضية، في ظل ضغط جيش الاحتلال على المواطنين في كل محافظات قطاع غزة للتوجه إلى مدينة رفح الحدودية مع مصر.
وكانت "العربي الجديد"، قد كشفت في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن تحركات مصرية لإقامة مخيم كبير للنازحين بإدارة مصرية أممية، بهدف احتواء تداعيات عمليات النزوح الفلسطيني الداخلي، ومنع اندفاع سكان القطاع نحو الحدود المصرية تحت وطأة القصف الإسرائيلي ونقص المواد الإغاثية.
عامل في الهلال الأحمر المصري: ستُنشأ خيام تتسع لـ7 آلاف نازح
وأدخلت الطواقم المصرية المعدات اللازمة لهذا المخيم من خلال معبر رفح البري الفاصل ما بين قطاع غزة ومصر. وتضمنت المعدات آليات حفر وآليات هندسية، بالإضافة إلى أسلاك شائكة، لإغلاق المخيم وإحكام السيطرة عليه من قبل الطواقم المصرية، على أن يتم إنشاء الخيام بشكل متراص وجيد، ما يسمح باستقبال منظم للنازحين الذين لا يتوفر لديهم أي مكان للبقاء فيه في مدينة رفح، مع اكتظاظها وتكدس أكثر من 1.2 مليون نسمة داخل مدينة رفح وحدها، على مدار الأسابيع الماضية، في ظل استمرار العملية البرية الإسرائيلية في المناطق المختلفة من قطاع غزة.
وفي السياق، قال مسؤول الإمداد والتجهيز في الهلال الأحمر الفلسطيني محمود أبو العطا، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "هذا المشروع المصري يعتبر إنجازاً كبيراً لأنه سيكون منظماً بشكل جيد، وتقوم السلطات المصرية من خلال الهلال الأحمر المصري بتقديم كل الدعم اللازم اليومي من وجبات طعام وخدمات علاج لهؤلاء النازحين داخل المخيم خلال الفترة المقبلة حتى انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة وبشكل منظم وجيد، وبالتالي فإن هذا المخيم يعمل على تخفيف الأزمة الإنسانية الحاصلة في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة".
وأوضح أبو العطا أن "هذا المخيم يأتي في ظل تكدس النازحين في كل المناطق الغربية من مدينة رفح، وبالتحديد في المنطقة القريبة من الحدود بين مصر وقطاع غزة، بالتزامن مع استمرار القصف الإسرائيلي على كل المدن بما فيها مدينة رفح التي يتكدس فيها النازحون".
وأشار إلى أن منطقة رفح "بحاجة لإنشاء المزيد من هذه المخيمات أو تطوير المخيمات التي بدأت بها مصر، من خلال إنشاء المزيد من المناطق، ونصب المزيد من الخيام، وتوفير المزيد من الدعم والمساعدات الانسانية لهؤلاء النازحين الذين هم بحاجة ماسة لإدخال كل هذه المساعدات عبر معبر رفح، من خلال استمرار عمل وتوسيع دائرة إدخال المساعدات بكميات أكبر مما هو عليه حالياً".
من جهة أخرى، أوضح أحد العاملين في فرق الهلال الأحمر المصري التي جاءت برفقة هذا المخيم وبدأت في عملية الإنشاء، إن "المرحلة الأولى من المخيم تقوم على إنشاء 300 خيمة بالإضافة إلى دورات المياه اللازمة للنازحين، وكذلك توفير عيادة طبية متنقلة ستكون موجودة داخل المخيم لتقديم العلاج للنازحين، بالإضافة إلى فتح جسر بري لإدخال المساعدات بشكل يومي إلى هذا المخيم تحديداً".
ولفت المصدر إلى أنه "سيتم استقبال العائلات التي نزحت خلال الفترة الأخيرة من مدينة خانيونس في ظل التوغل البري في تلك المنطقة"، وأشار إلى أن هذا المخيم "جاء بتعليمات سيادية مصرية إلى الهلال الأحمر المصري للتخفيف من حجم الكارثة الإنسانية على سكان مناطق قطاع غزة، لا سيما النازحين منهم الذين يبيتون في العراء منذ عدة أسابيع".
وكشف العامل في فرق الهلال الأحمر المصري أن المرحلة الأولى "تتضمن إنشاء خيام تتسع لـ7 آلاف نازح، على أن يتم توسيع المخيم خلال الفترة المقبلة ورفع العدد إلى أكثر من 20 ألف نازح، على أن يتم إنشاء مخيمات أخرى داخل مناطق مواصي، غرب رفح وخانيونس، التي أعلن جيش الاحتلال أنها مناطق آمنة، ويمكن للمدنيين النزوح إليها. وسيتم العمل ووفقاً للقرارات الصادرة من الجهات السيادية المصرية للهلال الأحمر المصري، على توسيع هذه المخيمات وتقديم كل الدعم اللازم للنازحين فيها".
وحول هذه التطورات، ذكر مصدر مصري مطلع على تحركات القاهرة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لـ"العربي الجديد"، أنه "تم التنسيق مع جميع الأطراف من أجل الدفع بعدد من الآليات والمعدات المصرية، مع عدد من الطواقم الهندسية، لإقامة المخيم".
وأضاف أنه "جرى ترتيب أمر المخيم مع الجانب الإسرائيلي لضمان المرور الآمن للمعدات والمستلزمات"، لافتاً إلى أنه "تم تحديد موقع المخيم في الشريط الذي سبق وحدده جيش الاحتلال كمنطقة آمنة، وتم إخطار الجانب الإسرائيلي بإحداثيات موقع المخيم بشكل دقيق لمنع استهدافه".
مصدر مصري: جرى ترتيب أمر المخيم مع الجانب الإسرائيلي
وكشف المصدر أنه "تم البدء في إقامة المخيم بعد مناقشة أمره مع وفد حركة حماس الذي زار القاهرة أخيراً، إذ شغل الحديث عن زيادة المساعدات حيزاً واسعاً من المناقشات، كما أكد المسؤولون في القاهرة ضرورة إبعاد أنشطة المقاومة عن موقع المخيم لمسافة كبيرة، حتى لا تعطي الذرائع للإسرائيليين لعرقلة الخطوة المصرية".
مخيم النزوح ورفض تهجير الفلسطينيين
وجاء الإعلان عن مخيم النزوح من الجانب المصري في الوقت الذي أكد فيه السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال لقائهما في القاهرة الأربعاء الماضي، "رفضهما التام لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخلياً"، مشددين على أن "الحل الوحيد الذي يجب أن يدفع المجتمع الدولي نحو تنفيذه هو الوقف الفوري لإطلاق النار، ودخول المساعدات الإغاثية بالكميات والأحجام والسرعة اللازمة التي تحدث فارقاً حقيقياً في التخفيف من معاناة أهالي القطاع".
في السياق، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري رخا أحمد حسن، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "مصر لم تنشئ مخيمات للنازحين الفلسطينيين في غزة، وإنما ساهمت في مساعدتهم بتقديم خيام تحمي النازحين من البرد والمطر، وهم الذين يختارون مع الإدارة الفلسطينية في غزة أماكن إقامتها، بحيث تكون في أماكن أقل عرضة للقصف الإسرائيلي".
وأضاف حسن: "طالما أن سكان غزة مصممون على عدم مغادرة أرضهم حتى لا تتكرر مأساة أو نكبة 1948، فإنهم في أمسّ الحاجة إلى هذه الخيام بأكبر كميات ممكنة، خصوصاً أن عدد النازحين في قطاع غزة بلغ نحو 1.7 مليون نازح، يعيشون في ظل أسوأ ظروف إنسانية، من نقص في الغذاء والماء والدواء والوقود والمرافق الصحية، وإن تقديم مصر خياماً لهم أقل واجب طالما أن هذا يخفف بعضاً من معاناتهم غير الإنسانية بسبب الحرب الإسرائيلية الهمجية العنصرية التي تسعى لإرغامهم على الهجرة القسرية من بلدهم".