مصر: اعتقالات تستهدف معارضين وصحافيين وأقارب ناشطين

01 سبتمبر 2023
معتقلون خلال محاكمة في القاهرة، إبريل 2022 (خالد كامل/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت الأيام القليلة الماضية حملة اعتقالات طاولت سياسيين وحقوقيين وصحافيين، وذلك على الرغم من استمرار الحوار الوطني والتأهب للانتخابات الرئاسية المقبلة، المقررة في موعد غير محدد بعد في عام 2024.

وكان على رأس المستهدفين، الكاتب والناشر هشام قاسم، والصحافي بمنصة "متصدقش" كريم أسعد، وعلاء الدين العادلي والد الناشطة السياسية التي تحمل الجنسية الألمانية، فجر العادلي، وجمال زيادة والد الصحافي، أحمد زيادة، المقيم في الخارج.

في 20 أغسطس/آب الماضي، ألقي القبض على قاسم، وهو رئيس مجلس أمناء التيار الحر، على خلفية استدعاء من النيابة لسماع شهادته، في بلاغ من وزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة يتهمه فيه بالسب والقذف.

ثم في اليوم التالي، تم استدعاء قاسم والدفاع إلى مكتب النيابة مرة أخرى، لفتح محضر جديد على وقع اتهام ضابط شرطة واثنين من الأمناء قاسم بإهانة موظف عام، على أن يمثل غداً السبت في هذه القضية أمام محكمة الجنح الاقتصادية.

اعتقال أقارب ناشطين

وفي 18 أغسطس الماضي، ألقت السلطات الأمنية في مطار القاهرة الدولي، القبض على علاء الدين العادلي، والد الناشطة السياسية فجر العادلي، والمقيم بصفة دائمة في ألمانيا.

وجرى التحقيق من قبل الأمن الوطني، قبل عرضه على نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، بتهم نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون. وقررت النيابة حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات، وذلك رغم ضغوط من السفارة الألمانية بالقاهرة.


ماهينور المصري: التغيير حالياً يتم عبر توسيع مظلة الاعتقالات

كما اعتُقل جمال زيادة، المقيم في الخارج، على يد مجموعة من الأشخاص ترتدي زياً مدنياً، في 22 أغسطس الماضي، في قرية ناهيا التابعة لمحافظة الجيزة. وظهر جمال بنيابة أمن الدولة لمواجهة اتهامات بإساءة استخدام وسائل التواصل، ونشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة محظورة، وتم ترحيله إلى سجن العاشر من رمضان.

وأمضى أحمد زيادة، نجل جمال، أكثر من عام ونصف في السجن احتياطياً، بعد اعتقاله في 28 ديسمبر/كانون الأول 2013 أثناء تغطيته الاشتباكات التي دارت بجامعة الأزهر، وتنقله بين عدة أماكن احتجاز، قبل أن تقضي المحكمة ببراءته في إبريل/نيسان 2015. وفي عام 2019، اعتُقل الابن مجدداً، في مطار القاهرة عقب عودته من تونس، ولم يتم التحقيق معه إلا بعد مرور 14 يوماً من توقيفه، وظهر بعدها أمام نيابة العمرانية التي اتهمته في ذلك الوقت بـ"بنشر أخبار كاذبة" على ذمة القضية رقم 67 لسنة 2019. وقررت النيابة إخلاء سبيله بكفالة عشرة آلاف جنيه بعد مرور أكثر من شهرين من الاحتجاز، ليُسافر عقب ذلك إلى بلجيكا.

وفي 19 أغسطس الماضي، ألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على الصحافي كريم أسعد، أحد أعضاء فريق تحرير منصة (متصدقش)، من منزله بمدينة الشروق بسبب نشر أكثر من نص وفيديو عن الطائرة المصرية المتحفظ عليها في زامبيا، ونشر معلومات عن 5 مصريين مشتبه في تورطهم بالحادث قبل أن يتم الإفراج عنه. كما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على الصحافي محمد سعد خطاب في 23 أغسطس، واقتادته إلى جهة غير معلومة على إثر تغريدات على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، تنتقد بعض الأوضاع.

وتأتي كل تلك الوقائع بالتزامن مع استمرار تجديد حبس المئات من المحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا سياسية. ورصدت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، خلال النصف الأول من العام الحالي في دوائر الإرهاب في مرحلة ما قبل المحاكمة، انعقاد 3 دوائر إرهاب خلال 67 جلسة.

ونظرت هذه الدوائر بما لا يقل عن 19718 قرار تجديد حبس، موزعين على 1661 قضية أمن دولة. وذكرت "الجبهة" في تقرير نُشر في 28 أغسطس الماضي، أن هذه الدوائر أخلت سبيل 3 متهمين فقط، بنسبة لا تتجاوز 0.015 في المائة من إجمالي أوامر الحبس المنظورة، في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، فيما أصدرت قرارات بتجديد الحبس تلقائياً لمدة 45 يوماً للباقين.

كما سُجلت الاعتقالات في وقت انتهت فيه الجولة الأولى من اجتماعات الحوار الوطني، بعد نحو مائة يوم من المناقشات التي لم تسفر عن تحقق مطالب المعارضة المصرية، ومن بينها وقف استهداف المعارضين، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، إلا أن الحملة الأمنية المستمرة في مصر، والموجهة ضد معارضين، جاءت كمؤشر على سياسة السلطة في التعامل مع المعارضة.

توسيع مظلة الاعتقالات في مصر

في هذا الإطار، اعتبرت الحقوقية المصرية، ماهينور المصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يوجد أي تغيير في سياسات النظام المصري، فمنذ مطلع عام 2014، وهو يسجن الصحافيين والنشطاء والمعارضين".

وأشارت إلى أن "التغيير حالياً يتم عبر توسيع مظلة الاعتقالات، لتشمل المواطنين الذين لا يتدخلون بشكل مباشر في الشأن العام، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة دعتهم إلى التعبير عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليصبحوا في دائرة الاستهداف الأمني".


حليم حنيش: استخدام القوة الأمنية ضد المعارضين سياسة مستمرة منذ 2014

بدوره، رأى الحقوقي المصري حليم حنيش، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "استخدام القوة الأمنية لاستهداف المعارضين وأهاليهم، وكذلك أهالي المعتقلين في سجون النظام، سياسة مستمرة بلا تراجع منذ عام 2014".

وأضاف: "استخدام سياسة (العداء التام) مع كل من ينتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر، ومحاولة السيطرة عليهم، من خلال الضغط عليهم بشكل مباشر أو على عائلاتهم، يأتي في إطار تصفية الحسابات مع المعارضين".

أما مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، خلف بيومي، فقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ملاحقة الصحافيين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان، لم تتوقف على مدار السنوات العشر الماضية".

وأوضح أنه "رغم وعود بعض المحسوبين على النظام بتغير الأوضاع وتحسن الأحوال، إلا أنه كلام ألغته أفعال من النظام، ولعل اعتقال النظام لهشام قاسم في الفترة الأخيرة، وما بعده من استهداف أقارب بعض النشطاء، يؤكد نيته وسلوكه في الفترة المقبلة".

من جهته، رأى المعتقل السياسي السابق رامي شعث، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حالة القمع التي نشهدها بعد انتهاء الحوار الوطني متوقعة، إذ أخذ النظام المصري مراده من الحوار بتجديد الشرعية له، رغم أننا حذرنا من أنه حوار صوري غير حقيقي من بداية تركيبته والدعوة له، لا سيما في ظل استمرار الاعتقالات وحالات القمع خلال السنة الماضية التي زاد فيها عدد المعتقلين وسواء أحوال السجون، وحتى قوائم الإفراج والعفو كانت منتقاة، ولم تحصل بشكل قانوني وفقاً لمعايير محددة".