مصر: اتهامات للهيئة المشرفة على الانتخابات بعدم الاستقلالية

03 أكتوبر 2023
خلال إعلان موعد الانتخابات، القاهرة 20 سبتمبر (إسلام صفوت/Getty)
+ الخط -

في وقت اشتكى مرشحون محتملون لانتخابات الرئاسة في مصر المقررة في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، إلى الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات، من التضييق عليهم، ومنع مؤيديهم من تحرير توكيلات الترشح لهم بأساليب مختلفة، منها تعنت موظفي مكاتب التوثيق (الشهر العقاري)، والتحرش والضرب من قبل بلطجية مدعومين من الشرطة، وحتى القبض على عدد من أنصارهم، جاء رد الهيئة، الخميس الماضي، بما يشبه التحذير للمرشحين، بتوقيع العقوبات القانونية عليهم.

واعتبرت الهيئة أن ما ورد في بيانات تلك الشكاوى "ادعاءات كاذبة"، مضيفة أنه بعد قيامها بالفحص والمتابعة، تبيّن "عدم وجود مخالفات أو محاباة أو مضايقات"، محذرة من ترويج "الادعاءات".

هيئة الإشراف على الانتخابات في مصر تنفي الانتهاكات

وفي السياق، قال مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان" المحامي خلف بيومي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الهيئة الوطنية للانتخابات، بدأت التعامل مع أول وأكبر الانتهاكات، المتمثلة في عدم تمكين بعض مؤيدي المرشحين من عمل توكيلات، برد مشابه تماماً لأسلوب وزارة الداخلية، التي تنفي دائماً وأبداً وجود انتهاكات".

بيومي: أسلوب هيئة الإشراف على الانتخابات  مشابه لأسلوب وزارة الداخلية

وأضاف أن هذا الرد "يخالف طبيعة الهيئة، باعتبار أنها هيئة قضائية مستقلة، كان ينبغي أن تعلن التحقيق في هذه الشكاوى والبلاغات، التي جعلت أحد المرشحين المحتملين (أحمد الطنطاوي)، يعلق حملته الانتخابية (48 ساعة) ويعلن أنه لم يتمكن من الحصول إلا على عدد اثنين من التوكيلات فقط".

ولفت بيومي إلى أن بيان الهيئة "تضمن لهجة أقرب إلى التهديد منها إلى الإنصاف أو البحث عن حقيقة الواقعة"، مضيفاً أنه "من المعلوم أن فترة عمل التوكيلات هي 10 أيام فقط قاربت على الانتهاء، مما قد يقلل من فرص بعض المرشحين من استكمال التوكيلات". وقال إن "بيان الهيئة يثير شكوكاً حول استقلاليتها وحيادها".

بدوره قال المحامي والحقوقي حليم حنيش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الهيئة الوطنية للانتخابات، مثل بقية مؤسسات الدولة، غير مستقلة وتخضع للسيطرة الأمنية، ولكن كنا نتوقع أن تحافظ على شيء من استقلالها الظاهري، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى في هذه الجولة الانتخابية".

وأضاف: "فوجئنا بما جاء في البيان من تحذيرات للمرشحين، والتناقض بدعوتها المواطنين للتبليغ عن أي تجاوزات، فكيف تدعو المواطنين إلى التبليغ بينما تحذر المرشحين أصحاب الشأن من التبليغ عن أي تجاوز".

ضمانات غير كافية في الانتخابات الرئاسية في مصر

وبحسب نائب رئيس مركز "الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية"، وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر، الدكتور عمرو هاشم ربيع، فإن "الجهة المشرفة على الانتخابات غير مستقلة بالشكل الكافي".

وأوضح ربيع في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "صحيح أن الهيئة موسومة بالاستقلالية، لكنها تضم أعضاء من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وكلاهما تابع لوزير العدل في الحكومة (عمر مروان)، وهذه نقطة مهمة".

ربيع: الوضع سيبقى كذلك، طالما من على رأس السلطة يمسك بكل شيء

واعتبر أن "الوضع سيبقى كذلك، طالما من هو على رأس السلطة، يمسك بزمام كل شيء، ولدينا إعلام منافق بحكم القانون والممارسة، وبرلمان في حالة من التوازن مع السلطة التنفيذية بحكم الدستور، والواقع أكثر من الدستور، وأحزاب سياسية معظمها أكثر من سيئ".

من جهة أخرى رأى ربيع أن "لدينا مجتمعا مدنيا مشوها، ساهمت السلطة في تشويهه، ولدينا عسكرة للمجتمع، فكل مؤسسة قومية فيها خمسون ضابطاً متقاعداً، بالإضافة إلى المحافظين ورؤساء المدن ورؤساء المشروعات القومية، حتى التعليم، يجب أن يمر العاملون به على الأكاديمية العسكرية".

من جهته قال مدير الأبحاث في "مبادرة الحرية" عمرو العفيفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "التباين في استصدار التوكيلات، والتفضيل بين المرشحين في مكاتب الشهر العقاري، جزء لا يتجزأ من غياب العدالة في مصر، وينذر بأن الانتخابات ستُزور لصالح مرشح بعينه، استطاع في يوم واحد استصدار ربع مليون توكيل بينما مُنع الآخرون".

وكانت حملة المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية، جميلة إسماعيل، قد أصدرت بياناً الخميس الماضي، رداً على بيان الهيئة الوطنية للانتخابات، قالت فيه إنه "في رابع أيام جمع التوكيلات الشعبية... ورصد ما شهده مؤيدونا إيجاباً وسلباً في وحدات التوثيق التابعة لمصلحة الشهر العقاري أو حولها في أثناء تحرير التوكيلات، خرجت الهيئة الوطنية العليا للانتخابات ببيانها... لتنفي بشكل قطعي كل ما شكونا منه، وشكا منه معظم المرشحين المحتملين من مماطلة وتحرش وعراقيل خارج اللجان، وتهديد وترويع داخلها لمن يختار تحرير التوكيلات لغير رئيس الدولة".

وأضافت أنه "بدلاً من أن يخرج بيان الهيئة بقرارات في ضوء صلاحياتها للحد من التجاوزات والانتهاكات، التي حدثت ووثقت بالصوت والصورة وجرى تداولها أمام الرأي العام، وتضمنت تعطيل توكيلات المعارضين... ومصادرة بطاقات البعض ممن يرفض تحرير توكيل باسم الرئيس، إذ بالبيان يخرج، محذراً لمن يشكو إلى الهيئة... بل ومهدداً ومتوعداً في أكثر من موضع بتوقيع العقوبة القانونية عليه، معتبراً أن ما ورد في بيانات المرشحين ادعاءات كاذبة". 

المساهمون