علمت "العربي الجديد" أن هناك اتصالات تجري بين النقابة العامة لمحامي مصر من جهة، ومسؤولين في الأجهزة الأمنية ووزارة العدل من جهة أخرى، لمحاولة احتواء أزمة المحامين المصريين الستة، الذين حكم عليهم بالسجن لمدة عامين مع الشغل والنفاذ، بتهمة "التعدي على موظفين عموميين"، قبل استفحالها.
وبينما توقع محامون أن "يتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يمنع تفاقم الأزمة، وخصوصاً في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد، ومع قرب الذكرى الحادية عشرة لثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، وذلك عبر إيجاد صيغة للحل والإفراج عن المحامين"، قال أحد أعضاء مجلس نقابة المحامين إنه يتوقع أن "تستمر الأزمة دون الوصول إلى حل، وذلك بسبب حالة التشدد والعناد المعتادة لدى السلطة الحالية".
وأضاف أنه "يبدو وكأن السلطة تعاقب المحامين على الوقفات الاحتجاجية التي كانوا ينظمونها بالآلاف أمام مقر نقابتهم بشارع رمسيس، اعتراضاً على المنظومة الضريبية الجديدة".
وأشار عضو في مجلس نقابة المحامين، فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن "المشهد الحالي الذي تعيشه مصر، يشبه إلى حد كبير المشهد الذي كانت عليه البلاد قبيل ثورة يناير 2011، حيث ظلت المناوشات الفئوية تكبر وتستفحل، حتى خرجت عن السيطرة تماماً وأدت إلى الثورة على النظام".
وبعد قرار مجلس نقابة المحامين، الذي صدر في وقت متأخر من ليل أول من أمس الأربعاء، بتعليق العمل والحضور أمام محاكم الجنايات وتحقيقات النيابة العامة في كافة أنحاء الجمهورية، اعتباراً من صباح أمس الخميس، ولأجل غير مسمى، يترقب محامو مصر جلسة (جنح مستأنف)، الأحد المقبل، للنظر في الاستئناف المقدم من دفاع محامي مطروح الـ6 الذين صدر ضدهم حكم بالحبس لمدة سنتين مع الشغل والنفاذ، من محكمة جنح مرسى مطروح، الأربعاء الماضي، في الدعوى المقدمة ضدهم بالتعدي على ثلاثة موظفين في ديوان محكمة مرسى مطروح.
قرار المحامين يعتمد على حكم الاستئناف
وقال عضو المجلس إن "قرار النقابة العامة فيما يتعلق بالتعاطي مع الأزمة، سوف يعتمد على الحكم الذي ستصدره محكمة جنح مستأنف مطروح على الزملاء الستة الأحد المقبل، فإما أن يتم تعليق الإضراب أو الاستمرار فيه وتصعيده إلى إجراءات أخرى يتم الاتفاق عليها".
ولفت المصدر إلى أن "قرارات مجلس نقابة المحامين، التي صدرت الأربعاء الماضي، لم تكن ستتخذ لولا الضغط الذي مارسته قواعد المحامين بجميع محافظات مصر على النقيب والمجلس". وأضاف أنه "دون تلك الهبة من المحامين، لواجه الزملاء الستة في مطروح أزمتهم دون دعم حقيقي وقوي".
وقرر مجلس نقابة المحامين المصرية، تعليق العمل والحضور أمام محاكم الجنايات وتحقيقات النيابة العامة في كافة أنحاء الجمهورية، اعتباراً من صباح أمس الخميس، ولأجل غير مسمى، مع التزام كافة النقابات الفرعية بتنفيذ ومتابعة هذا القرار. وقال إن ذلك جاء كـ"خطوة أولى"، للرد على حبس محامي مطروح في القضية المعروفة إعلامياً بمحامي مطروح وموظفي المحكمة".
اجتماع طارئ لمجلس نقابة المحامين اليوم
وأعلن مجلس نقابة المحامين، في بيان، أنه قرر أيضاً الدعوة إلى اجتماع طارئ ومشترك لمجلس النقابة العامة مع النقباء الفرعيين اليوم الجمعة، لمناقشة اتخاذ ما يراه مناسباً من إجراءات ومسارات قانونية بشأن جلسة نظر الطعن بالاستئناف على الحكم الصادر بحق الزملاء والمحدد لنظره جلسة الأحد، و"النظر في ما يتعين اتخاذه من إجراءات واجبة حيال عدم التعامل مع هذه الأزمة بالحياد اللازم في إجراءات التحقيق والمحاكمة، ومصادرة كافة حقوق الدفاع وطلباته فيها تحقيقًا ومحاكمة، وبما يحفظ كرامة جموع المحامين"، و"النظر في دعوة الجمعية العمومية للمحامين لانعقاد طارئ".
وجاءت قرارات النقابة العامة، بعد ساعات من اجتماع للنقابة الفرعية في محافظة مطروح، انتهى إلى قرارات تعليق العمل كلياً بمحكمة مطروح الابتدائية وأمام نياباتها، ووقف التعامل مع خزانة محكمة مطروح، وتعليق العمل أمام مأمورية الاستئناف العالي ودوائر الجنايات، وكافة الأعمال الإدارية ذات الصلة، على أن "يستثنى مما تقدم الأعمال المرتبطة بالمواعيد القانونية، بعد العرض على مجلس النقابة، حرصاً على مصالح المتقاضين".
وكانت محكمة جنح مطروح الدائرة الأولى أصدرت، الأربعاء الماضي، الحكم على 6 من محامي مطروح بالحبس لمدة سنتين مع الشغل، وسنتين مراقبة، في القضية.
تفاصيل قضية المحامين الستة
وتعود تفاصيل الواقعة إلى توجه أحد المحامين إلى سكرتير إحدى الدوائر بمحكمة مطروح للسؤال عن أجندة الجلسات والأحكام التي صدرت، فرفض إطلاعه على "رول (جدول) الجلسات" ودارت بينهما مشادة كلامية.
وحسب رواية محامين فقد كتب زميلهم شكوى إلى وكيل النيابة المختصة ورد عليه السكرتير بشكوى أخرى، ومن بعدها، وأثناء وقوف المحامي و5 آخرين من زملائه ألقت قوات الأمن القبض عليهم وأحيلوا لمحكمة الجنح، التي أصدرت حكمها بالحبس سنتين مع الشغل. وأسندت إليهم اتهامات استعراض القوة والتعدي على الموظفين والتجمهر.
وجاءت أزمة محامي مطروح في وقت شهدت فيه مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة أزمة أخرى، لمحامٍ آخر، احتجز في قسم أكتوبر إثر مشادة وقعت بين زوجته وزوجة قاضٍ بمدينة الملاهي الترفيهية في أكتوبر. وقالت مصادر قانونية إن نيابة أكتوبر، باشرت الأربعاء الماضي، تحقيقات موسعة في واقعة تشاجر قاضٍ مع محامٍ داخل ملاهي "دريم بارك"، بعد اشتباك بين زوجتيهما.
تضامن واسع مع المحامين المسجونين
ولقي محامو مطروح تضامناً واسعاً من قبل شخصيات عامة ونقابيين في مهن أخرى. وأعلنت الصفحة الرسمية لائتلاف "أطباء مصر ــ برلمان الأطباء"، على "فيسبوك" تضامنها مع المحامين المحبوسين.
من جهتها أعلنت مها أبو بكر، المحامية الحقوقية وعضو لجنة الخمسين لكتابة الدستور، تضامنها مع زملائها محامي مطروح في أزمتهم، واستعدادها لحضور جلسة الاستئناف الخاصة بهم. وقالت على صفحتها في "فيسبوك": "أضع نفسي تحت تصرفهم فيما يرونه مناسبًا حتى حل الأزمة، فضلًا عن تطوعي لأي دور خاص بذلك، بدءا من ترتيب سفر الزملاء محامي مصر لحضور الجلسة المذكورة والمُحدد لنظرها الأحد المقبل".
من ناحيته، انتقد رئيس المجلس المحلي السابق بمحافظة مطروح سعيد الحفيان الحكم على "محامي مطروح" بالسجن مدة عامين بتهمة الاعتداء على موظفي المحكمة. وقال، في تصريحات تلفزيونية أول من أمس، إن "ذلك الحكم من شأنه أن يشعل المجتمع"، على حد وصفه.
وكان آلاف المحامين نظموا، أخيراً، وقفات احتجاجية، في محافظات عدة، ضد قرار إلزام المحامين بالفاتورة الإلكترونية، ما أدى إلى إعلان وزارة المالية تأجيل تطبيق القرار الذي كان مقرّراً أن يدخل حيّز التنفيذ يوم 15 ديسمبر/كانون الأول الحالي، في محاولة لامتصاص غضب المحامين.
وندّد المحامون في تظاهرات خرجت بمحافظات القاهرة والإسكندرية وأسيوط وسوهاج وبني سويف والفيوم وكفر الشيخ وأسوان والدقهلية وقنا والقليوبية والمنوفية، بسياسات رفع الأسعار، وزيادة الأعباء الضريبية. كما هتفوا ضد وزير المالية محمد معيط وصندوق النقد الدولي.
وكان اللافت في تلك التظاهرات، تركيز وسائل الإعلام المحلية عليها ونشر أخبارها، من دون تشويه وتخوين منظميها، أو إلقاء الشرطة القبض عليهم كما حدث سابقاً في وقفات احتجاجية لعمّال بعض الشركات. في المقابل، هناك حالياً تجاهل من قبل وسائل الإعلام لقرار نقابة المحامين بتعليق العمل أمام محاكم الجنايات المصرية.