كشفت مصادر دبلوماسية مصرية وأخرى عربية، عن تحركات تجري داخل أروقة جامعة الدول العربية، للدعوة إلى عقد اجتماع طارئ على مستوى وزراء الخارجية العرب، لحثّ المجتمع الدولي على الاعتراف بدولة فلسطينية، والتوجه إلى مجلس الأمن الدولي عبر المجموعة العربية من أجل تلك الخطوة.
وقال دبلوماسي مصري في إحدى السفارات المصرية بالخارج، لـ"العربي الجديد" طالباً عدم ذكر اسمه، إن القاهرة "أجرت مباحثات مع مسؤولين في الإدارة الأميركية من أجل اتخاذ خطوة للدفع باستقرار الأوضاع في المنطقة، من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية، على أن يتم الحديث في مرحلة لاحقة، بشأن حدود تلك الدولة وشكلها". وأوضح أن "مسؤولين بارزين في الإدارة الأميركية، يُدركون أن حلّ الصراع الحالي وتوفير الأمن للإسرائيليين، لن يأتي إلا عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة".
مناقشات واسعة وترحيب عربي
من جهته، قال دبلوماسي عربي في الجامعة العربية، تحفّظ على ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "طرح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يحظى بمناقشات واسعة في أروقة الجامعة"، لافتاً إلى أن "مسألة الدعوة لاجتماع طارئ للجامعة على مستوى وزراء الخارجية، لا تزال محل تباحث في عدد من العواصم العربية ذات الثقل"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "نحو 5 دول أعضاء في الجامعة حتى الآن أبدت موافقة على عقد الاجتماع وترحيباً بالطرح".
يجري بحث عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب لمناقشة تفعيل مخرجات القمة العربية الإسلامية ومن بينها كسر الحصار المفروض على غزة
وأوضح الدبلوماسي العربي أن "الحديث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لا يتناقض مع حلّ الدولتين، لكنه بمثابة خطوة يمكن أن تحرك المياه الراكدة، حال تم التوافق عليها بين القادة العرب، ومن ثم تتم دعوة المجتمع الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مشيراً إلى أن "الظرف الدولي الراهن، قد يكون مؤيداً لمثل تلك الخطوة، بقوة الدماء التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد مجدداً".
ولفت المصدر إلى أن "هناك تحركات في الوقت الراهن، على أكثر من مستوى، بعضها دبلوماسي والآخر إغاثي، من أجل ضمان استمرار وصول المساعدات الإغاثية إلى سكان قطاع غزة، رغم انهيار الهدنة المؤقتة، إضافة إلى اتصالات مع مستويات مختلفة في واشنطن، من أجل دفع الإدارة الأميركية للضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على القطاع".
وأوضح الدبلوماسي العربي أن "اجتماع وزراء الخارجية العرب الجاري بحث انعقاده، ستكون ضمن أجندته مناقشة تفعيل مخرجات القمة العربية الإسلامية في الرياض، والتي كان من بينها كسر الحصار المفروض على القطاع".
عائق الفيتو الأميركي بوجه الاعتراف بدولة فلسطينية
وتعليقاً على ذلك، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، لـ"العربي الجديد"، إن "مسألة استكمال الاعتراف بدولة فلسطينية، خصوصاً لدى الدول الأوروبية والدول التي لم تعترف بها بعد، تستغرق بعض الوقت، حيث اعترفت 138 دولة بالدولة الفلسطينية، وقبلتها عضواً مراقباً في الأمم المتحدة في عام 2012"، مضيفاً "أما قبولها عضواً عاملاً في منظمة الأمم المتحدة، فيتوقف على عدم استخدام الفيتو الأميركي، وهو أمر مستبعد جداً في المرحلة الحالية، نظراً لتوافق الموقف الأميركي مع الموقف الإسرائيلي في استمرار الحرب على غزة، إذ لم ينطق أي مسؤول أميركي بتعبير وقف كامل لإطلاق النار".
رخا أحمد حسن: تجب التفرقة بين المطلب العاجل جداً وهو وقف النار، وبين المطلب الذي يليه أولوية، وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية
وأضاف حسن: "من هنا تجب التفرقة بين المطلب العاجل جداً وهو الوقف الكامل لإطلاق النار، وهو ما يجب أن تركز عليه الدول العربية والإسلامية وتعمل على تنفيذه في الحال، وبين المطلب الذي يليه في الأولوية، وهو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وطلب ضمّها عضواً عاملاً في منظمة الأمم المتحدة".
وفي السياق، قال السياسي الفلسطيني والقيادي السابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ذو الفقار سويرجو، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "كل ما يتم الحديث عنه الآن، مرهون بالوضع الميداني وقدرة المقاومة على فرض معادلات ميدانية لا يمكن تجاوزها". وأضاف: "نحن نتحدث عن أسابيع قليلة، استطاعت خلالها المقاومة أن تحقق نتائج عسكرية مؤلمة جداً لجيش الاحتلال، وهي مرشحة للتصاعد، إذا ما نفذ جيش الاحتلال تهديداته في اجتياز المناطق الجنوبية".
وتابع سويرجو: "السياسة هي مرآة النتائج الميدانية والمفاجآت. ومن المبكر الحديث عما بعد المعركة وهي لم تُحسم بعد وقد تستمر لأشهر طويلة. لكن هذا لا يعفي الفلسطينيين من ترتيب أوضاعهم الداخلية، وتشكيل قيادة جامعة تستند إلى حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم وأراضيهم وحقهم، وفي تقرير مصيرهم، بعيداً عن كل التشكيلات القديمة التي تم تجريبها وكانت أداة طيعة في يد المانحين".
وأكد سويرجو أن "ما يمكن نقاشه، هو كيف يمكن أن نطبق قرارات الشرعية الدولية في منح الفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وليس التفاوض على الحقوق وعودة مسلسل أوسلو. أما من يقود الشعب الفلسطيني، فهذا أمر يخصّ الفلسطينيين وحدهم".