طالب عضو المجلس الثوري لحركة فتح، الأسير المحرر فخري البرغوثي، اليوم الأحد، كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس واللجنة المركزية والمجلس الثوري لفتح، بالتوقف عن إصدار قرارات، وصفها بأنها "ليس لها رصيد"، مشيراً إلى أنّ "الشعب بحاجة لقرارات لها قيمة وقرارات لها معنى".
ووجّه البرغوثي، خلال وقفة تطالب باسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي، على دوار المنارة في رام الله وسط الضفة الغربية؛ رسالة إلى المجلس الثوري الذي يجتمع اليوم في مقر المقاطعة (الرئاسة الفلسطينية) في رام الله، قائلا: "لا نريد خطابات ولا اجتماعات إلا بقرارات تهم الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة، لأن الشعب بحاجة إلى قرارات لها قيمة وقرارات لها معنى، من أجل أن يقف على قدميه، لأن المرحلة القادمة صعبة جدا".
البرغوثي الذي علم "العربي الجديد" أنه لم يحضر اجتماع المجلس وكان قد ترشح في انتخابات المجلس التشريعي، التي ألغاها الرئيس عباس، على قائمة "الحرية"؛ طلب من المجلس العمل على الوحدة الفلسطينية.
وقال: "واجب عليهم أن يشعروا مع الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة، ونقول للرئيس كفانا قرارات لا نستطيع أن نأخذها بشكل جدي، واجب علينا ألا نسكت، فكل يوم هناك شهيد، نريد أن نكون على قدر المسؤولية في أي قرار يتخذه المجلس الثوري (فتح) أو المركزي (منظمة التحرير)".
ونظم أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم وقفة أمام دوار المنارة وسط رام الله، ثم تحولت إلى مسيرة جابت شوارع المدينة، بعد طلب شخصي من بنات الشهيد راني أبو علي؛ الذي أعدمته قوات الاحتلال يوم الثلاثاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قرب المدخل الشمالي لمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، بعد تنفيذه عملية دهس شرق رام الله وانسحابه من المكان، حيث أعلن الاحتلال مقتل مجندة بعملية الدهس.
وكانت زوجة الشهيد أكدت، أمس، لـ"العربي الجديد"، هاتفياً، أن بناتها هن من أردن الوقوف والمطالبة باسترداد جثمان والدهن، فيما لم تستطع الحديث خلال وقفة اليوم بسبب تأثرها الشديد باستشهاد زوجها.
نريد أبناءنا وآباءنا لكي ندفنهم
بدورها، أكدت نورا، ابنة الشهيد أبو علي، لـ"العربي الجديد"، أن العائلة قررت الدعوة لهذه الفعالية من أجل المطالبة بإتاحة الفرصة للعائلة وعائلات الشهداء لدفن الجثامين، قائلة: "نريد أبناءنا وآباءنا لكي ندفنهم، لترتاح أرواحهم ونرتاح نحن، أبي كان كل شيء بالنسبة لنا، سندنا وعزوتنا، ولم يكن لنا أحد غيره في الحياة، أن ندفنه يعني لنا الكثير، يعني أن نستطيع الذهاب لنقرأ على روحه الفاتحة حين نشتاق له".
وشاركت العديد من عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم، وعائلات شهداء آخرين، وأسرى محررون، ونشطاء في حراكات طلابية في الجامعات الفلسطينية، في الفعالية، وحملوا صورة كبيرة لأبو علي وصور شهداء آخرين يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم.
وقال مجاهد، شقيق الشهيد حابس ريان، من بلدة بيت دقو شمال غرب القدس المحتلة، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الصعب على العائلة بقاء الجثمان في الثلاجة"، مستهجناً "طريقة تعامل الاحتلال بعد استشهاد شقيقه قرب حاجز بيت عور غرب رام الله، حيث لم يتم استدعاء أي من أفراد العائلة للكشف على الجثمان، وهو ما تتعرض له كل العائلات منذ سنوات".
لماذا كل هذا الصمت؟
وأرسل المحامي محمد عليان، والد الشهيد المقدسي بهاء عليان وأحد مؤسسي حملة "بدنا ولادنا" لاسترداد جثامين الشهداء، في حديث مع "العربي الجديد"؛ عدة رسائل أهمها للاحتلال، قائلا: "لن تستطيع أن تثني الشعب باحتجاز الجثامين، ولن تثنينا عن المطالبة بدفن أبنائنا، وسنظل نقاتل من أجل استعادة جثامين جميع الشهداء ودفنها دفنا كريما".
ووجه رسالة للمستوى الرسمي الفلسطيني والمؤسسات القانونية والأهلية، قائلاً: "انظروا إلى هذا الحشد الذي يطالب بجثامين أبنائهم، اسمعوا هذه الصرخات التي تطاول السماء، نحن نريد أولادنا لا نريد شيئاً سوى دفن أبنائنا، لماذا كل هذا الصمت وكل هذا الهدوء من طرفكم؟ عائلات الشهداء لا تطالب بشيء إنما تطالب باستعادة أبنائها، وعليكم أن تتحركوا اليوم وليس غداً". كما أرسل رسائل إلى المجتمع الدولي مستنكراً عدم وجود صوت دولي في هذا الملف.
وتواصل سلطات الاحتلال احتجاز 119 جثمان شهيد فلسطيني منذ إعادة سياسة احتجاز الجثامين عام 2015؛ كان آخرهم الشاب عمار مفلح الذي أعدمه جيش الاحتلال يوم الجمعة الماضي في حوارة جنوب نابلس، وأقدمهم الشهيد عبد الحميد أبو سرور الذي استشهد في إبريل/نيسان 2016.
وأقر الاحتلال في عام 2017 أنه دفن 4 شهداء من الذين ارتقوا بعد عام 2015 في ما تسمى بمقابر الأرقام، وهم عبد الحميد أبو سرور، ومحمد الطرايرة، ومحمد الفقيه، ورامي عورتاني، كما يتواصل احتجاز جثامين 256 شهيداً في مقابر الأرقام، وجميعهم استشهدوا قبل عام 2015، حسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين.
الرئيس عباس: مرحلة دقيقة وصعبة
ومساء الأحد، وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس المرحلة الراهنة بأنها "غاية في الدقة والصعوبة" بسبب المتغيرات في المنطقة والعالم. ورأى عباس أن ذلك يتطلب "من كل أبناء شعبنا وقيادته في الوطن والخارج، والأمتين العربية والإسلامية، وكل مؤيدي القضية الفلسطينية، التكاتف والوحدة لمواجهة هذه المتغيرات".
جاءت تصريحات عباس، خلال ترؤسه جلسة افتتاح الدورة العاشرة للمجلس الثوري لحركة "فتح"، مساء الأحد، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله.
ووضع الرئيس عباس، الحضور، في صورة آخر المستجدات السياسية على صعيد القضية الفلسطينية، والتطورات السياسية، والعدوان والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، والتي كان آخرها إعدام الشاب عمار مفلح عديلي في بلدة حوارة، ما يرفع عدد الشهداء منذ بداية العام الجاري إلى 211 شهيدًا.
وقدم للحضور خارطة طريق في ظل انسداد الأفق السياسي، من أجل مناقشتها واتخاذ مواقف موحدة لحشد الدعم العربي والدولي لقضية الشعب الفلسطيني.
وتطرق الرئيس عباس إلى ما يجب القيام به في مواجهة الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يشارك فيها عتاة المتطرفين الإسرائيليين، مؤكدا التمسك "بحقوقنا التي لن نحيد عنها مهما كانت الضغوط والتحديات".
كما شدد الرئيس عباس على التمسك بالثوابت الوطنية التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988، والقرار الوطني المستقل، مؤكداً أهمية العمل الدبلوماسي والسياسي والإعلامي في مواجهة الرواية الصهيونية الزائفة التي تتناقض مع الرواية الفلسطينية، "التي يجب علينا التمسك بها ونقلها لأبنائنا وأحفادنا والأجيال القادمة باعتبارها تمثل تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا".
وقال عباس: "إن القمة العربية، وافقت على جميع القرارات التي طلبتها دولة فلسطين، التي أكدت أهمية تشكيل وفد وزاري عربي للتحرك على المستوى الدولي، لفضح ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وشرح روايتنا، والالتزام بتنفيذ مبادرة السلام العربية، وحشد الدعم لنيل المزيد من الاعتراف من قبل الدول الأوروبية بدولة فلسطين، ودعم الطلب الفلسطيني بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2334 والقرارين 181و194، وأيضا تفعيل شبكة الأمان العربية لمواجهة الحصار المالي المفروض علينا".
وأضاف: "سنواصل الانضمام للمنظمات الدولية والتوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الكاملة، ومطالبة الدول التي لم تعترف بفلسطين الاعتراف بها".
وبشأن المصالحة، أكد المضي فيها على أساس اعتراف كافة الفصائل بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، والقبول بالشرعية الدولية لحمية المصالح الفلسطينية.
وأكد عباس الاستمرار في بناء المؤسسات الفلسطينية على أساس سيادة القانون، ودعم دور القطاع الخاص في بناء اقتصاد وطني قادر على المنافسة والصمود، رغم الضغوط والمعيقات والاحتلال.
وجدد الرئيس عباس الالتزام بإجراء الانتخابات العامة، الرئاسية والتشريعية، باعتبارها الأساس لبناء "منظومة سياسية قائمة على تبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع"، على أن تشمل جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها مدينة القدس، بحسب الاتفاقات الموقعة برعاية دولية، كما في الأعوام: 1996 و2005 و2006.