طالب مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي، اليوم الثلاثاء، في مقابلة مع صحيفة "كيهان" الإيرانية، أرمينيا بإنهاء احتلال المناطق الأذربيجانية، غير أنه خاطب في الوقت ذاته باكو، قائلا إن ذلك "ليس له حل عسكري"، وفي وقت اتهم تركيا بصب الزيت على النار، دعت الأخيرة قادة دول العالم لدعم الجيش الأذربيجاني في النزاع القائم.
وأضاف ولايتي أن حل النزاع في إقليم ناغورني كاراباخ "يجب أن يكون سياسيا"، قائلا إن بلاده "تعارض أي إجراء عسكري من أي من الطرفين"، متهما تركيا بصب الزيت على النار والإصرار على الحرب في هذه المنطقة، حيث قال "إننا ننصح أصدقاءنا في تركيا بأن يساعدوا لندعم المظلوم وتحرير المناطق المحتلة لجمهورية أذربيجان، بدلا من صب الزيت على النار".
ولفت إلى أن "أرمينيا جارتنا ولدينا تاريخ مشترك طويل معها، ولا نرغب أن يتحمل الأرمن خسائر في الأرواح ولا أن يتحمل الأذريون أيضا"، منتقدا العلاقات الأذربيجانية الإسرائيلية، ليقول إن "الكيان الصهيوني غير مشروع من أساسه، وبني على أساس احتلال أرض فلسطين، وهو لا يحق له أن يصرح بشأن كاراباخ ولا ينبغي أن يكون له حضور في المنطقة".
كما انتقد ولايتي التصريحات الفرنسية تجاه الأزمة، قائلا إن "فرنسا من أقصى الدنيا تتدخل وتتخذ مواقف حول هذه القضايا"، متسائلا "ما علاقة هذا الموضوع بفرنسا؟".
انتقد ولايتي التصريحات الفرنسية تجاه الأزمة
وفي إشارة إلى أنباء عن نقل مقاتلين من سورية وليبيا إلى منطقة كاراباخ، أعرب المسؤول الإيراني عن أمله في "أن تكون الأنباء عن دخول الإرهابيين التكفيريين غير صحيحة"، مؤكدا أن "من يقف وراء ذلك يتحمل المسؤولية".
كما تطرق إلى سقوط قذائف خلال المواجهات بين أرمينيا وأذربيجان داخل الأراضي الإيرانية، قائلا إن "صبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية له حدود، ولا يمكن استمرار سقوط شظية أو رصاص داخل التراب الإيراني، ونحن نقف بقوة ضد المحاولات من قبل عناصر متآمرين لضرب الاستقرار".
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، إن موقف بلاده بشأن المواجهات بين أرمينيا وأذربيجان هو "ضرورة الانسحاب من المناطق الأذربيجانية المحتلة"، مضيفا أن طهران تعتبر أن "تدخل الأطراف الثالثة مضر ولا نرى أن الحل عسكري".
وقال ربيعي إن "إيران من الدول القليلة التي تربطها علاقات جيدة مع البلدين وتحاول إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن".
وتأتي التصريحات الإيرانية وسط انتقادات داخل إيران وفي أذربيجان وتركيا لموقفها من الأزمة واتهامها بدعم أرمينيا. وفي السياق، غرد البرلماني الإيراني السابق علي مطهري، في وقت سابق من الشهر، داعيا الخارجية الإيرانية إلى عدم تكرار "دعمها لأرمينيا مثلما فعلت ذلك لملاحظات قومية خلال المواجهات السابقة بين أذربيجان وأرمينيا"، قائلا إن "مجرد الدعوة إلى وقف إطلاق النار والتفاوض لا يكفي، يجب أن نرى الحق مع من".
اتصال روحاني وعلييف
من جهته، أجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني اتصالا هاتفيا مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، مساء اليوم الثلاثاء، معربا عن قلقه من "تدخل دول أخرى" في النزاع بين أذربيجان وأرمينيا و"احتمال تحول المواجهات إلى حرب إقليمية".
وأكد روحاني على "ضرورة إنهاء المواجهات العسكرية"، معلنا عن استعداد إيران لحل الأزمة بناء على "القوانين الدولية والحدود المعترف بها بين البلدين".
ووصف روحاني دولة أذربيجان بأنها "جارة جيدة" لإيران، قائلا إن "حكومتي البلدين وشعبيهما بينهم علاقات وطيدة جدا"، مضيفا أن "مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية اتخذوا مواقف واضحة وصريحة جدا حول النزاع الأخير".
كما أعرب روحاني، وفق موقع الرئاسة الإيرانية، عن قلقه من "تحول المواجهات الحدودية بين أرمينيا وأذربيجان إلى حرب المدن"، مؤكدا على "ضرورة مراعاة أمن الحدود الإيرانية مع أذربيجان وأرمينيا والحفاظ على أرواح سكان القرى الإيرانية المجاورة لهما".
وبدوره، وفق ما أورده موقع الرئاسة الإيرانية، شكر الرئيس الأذربيجاني إيران على "المواقف البناءة والتأكيد على وحدة الأراضي الأذربيجانية وحل نزاع كاراباخ"، معلنا تفهم بلاده قلق الرئيس الإيراني حول أمن الحدود الإيرانية و"احتمال اختراقها من مجموعات إرهابية"، ومؤكدا أن باكو "لن تسمح بأن يؤدي هذا النزاع إلى ضرب الاستقرار في دول الجوار".
واعتبر أن العلاقات بين أذربيجان وإيران "تطورت خلال السنوات الأخيرة، وباكو ترحب بذلك"، مشددا على أن "الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة ضرورة وعلينا جميعا أن نسعى إلى تحقيقهما".
اتصال ظريف ولافروف
في الأثناء، أجرى وزيرا خارجية إيران وروسيا محمد جواد ظريف وسيرغي لافروف مباحثات هاتفية مساء اليوم الثلاثاء، هي الثانية من نوعها منذ الجمعة الماضي، تناولت تطورات الأوضاع في منطقة ناغورني كاراباخ.
وذكرت وكالة "إيسنا" الإيرانية أن الخارجية الروسية أعلنت أن ظريف ولافروف "أعربا عن قلقهما من تدخلات محتملة للمليشيات السورية والليبية في نزاع كاراباخ"، كما "أعربا عن قلقهما الشديد لاحتدام المواجهات في هذه المنطقة بشكل غير مسبوق".
تركيا تدعو لدعم الجيش الأذربيجاني
وفي مقابل التصريحات الإيرانية، دعت تركيا دول العالم لدعم أذربيجان وقللت من أهمية الحاجة لوقف إطلاق النار، في وقت تواصلت المعارك بين القوات الأرمينية والأذربيجانية حول منطقة ناغورني كاراباخ لليوم العاشر على التوالي.
وجاءت تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو خلال زيارة إلى أذربيجان، غداة دعوة من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، الاثنين، إلى وقف "غير مشروط" لإطلاق النار.
وقال جاووش أوغلو إن "وضع هذين البلدين على قدم المساواة يعني مكافأة المحتل. على العالم أن يكون إلى جانب أصحاب الحق، وتحديدا إلى جانب أذربيجان".
جاووش أوغلو: وضع هذين البلدين على قدم المساواة يعني مكافأة المحتل
في المقابل، دعت كندا وبريطانيا، الثلاثاء، إلى حل للنزاع يستند إلى المفاوضات، وقالتا في بيان مشترك إنهما تضمان صوتهما إلى الاتحاد الأوروبي "لوقف العمل العسكري بشكل عاجل".
واعتبر وزيرا الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباني والبريطاني دومينيك راب إن "حلا كاملا للنزاع في كاراباخ هو أمر منتظر منذ وقت طويل، وهذا لا يمكن أن يتم إلا عبر حل تفاوضي وليس عبر عمل عسكري".
وقال وزير الخارجية التركي إن الدعوة الأخيرة لوقف إطلاق النار "لا تختلف" عن سابقاتها، مضيفا "أنهم يوجهون نفس النداء منذ قرابة 30 عاما".