خاض الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، مساء الأحد، مفاوضات ربع الساعة الأخير من أجل التوصل إلى تسوية بين المعارضة وحكومة بنيامين نتنياهو، عشية تصويت البرلمان على بند أساسي في مشروع قانون التعديل القضائي الذي أثار احتجاجات غير مسبوقة.
وتخطط حكومة نتنياهو التي تضم أحزاباً يمينية متطرفة ودينية متشددة، للحد من صلاحيات المحكمة العليا بذريعة أن التغييرات ضرورية لضمان توازن أفضل للسلطات.
وتوجّه الرئيس الإسرائيلي العائد للتو من زيارة للولايات المتحدة، إلى مستشفى شيبا للقاء نتنياهو الذي خضع ليل السبت لجراحة زرع جهاز منظّم لضربات القلب.
وقدم الرئيس الإسرائيلي عرضاً جديداً للتسوية بين الائتلاف الحكومي والمعارضة بشأن التعديلات القضائية.
وبحسب قناة "كان" التابعة لسلطة البث الإسرائيلية، فإنّ الصيغة التي نقلها هرتسوغ، لنتنياهو، خلال لقائهما في المستشفى، تنص على إحداث تعديل على القانون الذي يلغي "حجة المعقولية"، بحيث يسمح بأن تواصل المحكمة العليا التدخل في القرارات الصادرة عن الحكومة والسياسات التي تتبناها، فيما لا يحق لها التدخل في القرارات الصادرة عن وزراء الحكومة بشكل فردي.
ولفتت القناة إلى أن الصيغة تتحدث عن تأجيل سنّ بقية تشريعات خطة التعديلات القانونية إلى 8 أشهر.
وبدأ أعضاء البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، الأحد، مناقشات حول بند "المعقولية" تستمر حتى اليوم الاثنين، موعد التصويت النهائي. ويتيح البند للقضاء إلغاء قرارات حكومية.
وسبّبت التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي اقترحتها حكومة نتنياهو اليمينية المتشددة في يناير/كانون الثاني الماضي، انقساماً حاداً في دولة الاحتلال، وواحدة من أكبر حركات الاحتجاج في تاريخها.
وجاء في بيان أصدرته الرئاسة الإسرائيلية: "إنه زمن (تسوده) حال طوارئ. يجب التوصل إلى اتفاق".
لاحقاً التقى هرتسوغ زعيم المعارضة يئير لبيد، على أن يلتقي أيضاً زعيم المعارضة الآخر بيني غانتس. ولم تشأ الرئاسة الإسرائيلية الإدلاء بأي تعليق.
وحض الرئيس الأميركي جو بايدن، الأحد، إسرائيل على عدم استعجال إصلاحات قضائية "مثيرة للانقسام" بشكل متزايد، نظراً إلى التحديات الأخرى التي تواجه حليف الولايات المتحدة.
ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي، فجر اليوم الاثنين، عن بايدن قوله: "بالنظر إلى التهديدات والتحديات التي تواجه إسرائيل حالياً، فإنّ من غير المنطقي استعجال التصويت على التعديلات القضائية"، مشدداً على ضرورة التركيز على إيجاد إجماع إسرائيلي.
وتابع بايدن: "يبدو أن اقتراح الإصلاح القضائي الحالي أصبح أكثر إثارة للانقسام وليس أقل".
عصر الأحد، توجّه نتنياهو بالشكر لمناصريه على متابعتهم وضعه الصحي وللأطباء في مركز "شيبا" الطبي على رعايتهم.
وقال نتنياهو في مقطع فيديو نشره مكتبه: "كما ترون، أنا بخير". وأضاف: "سنواصل جهودنا لاستكمال التشريع والجهود المبذولة لتحقيق ذلك بالاتفاق (مع المعارضة)".
وتابع: "بكل الأحوال، أود أن أخبركم بأنني سأنضم صباح غد (الاثنين) إلى أصدقائي في البرلمان".
وتظاهر عشرات آلاف الأشخاص في شوارع القدس ضد اقتراح نتنياهو الحد من سلطات القضاة في مشروع يقول معارضوه إن من شأنه تقويض الديمقراطية، فيما بدأ المشرعون مناقشة بند أساسي فيه.
في الأثناء، تجمّع متظاهرون مؤيدون للحكومة ومشروعها للتعديلات القضائية في تل أبيب التي شهدت خلال 29 أسبوعاً متتالياً احتجاجات مناهضة للحكومة.
وقال زعيم المعارضة يائير لبيد في مستهل النقاشات: "نريد أن نواصل العيش في دولة يهودية وديمقراطية". وأكد أنه "يجب أن نوقف هذا التشريع".
أما القيادي في المعارضة بيني غانتس، فدعا إلى وقف العملية التشريعية والتصويت.
وأضاف لبيد أمام البرلمان: "لا يزال بإمكاننا التوقف والتوصل إلى اتفاق حول بند المعقولية"، مضيفاً: "علينا أن نوقف كل شيء".
إذا أُقرّ بند "المعقولية" بالغالبية، اليوم الاثنين، فإن البند الرئيسي الأول في خطة الإصلاح القضائي المقترح سيصبح قانوناً نافذاً. وتشمل التغييرات المقترحة الأخرى إعطاء الحكومة دوراً أكبر في تعيين القضاة والحد من سلطة المستشارين القانونيين الملحقين بالوزارات الحكومية.
وتعهد المتظاهر أمير غولدشتاين، الذي أمضى الليلة في خيمة احتجاج قرب البرلمان، مواصلة الضغط على الحكومة. وقال: "علينا مواصلة الضغط وإنقاذ ديمقراطيتنا".
ويتهم المعارضون رئيس الوزراء الملاحق قضائياً بتهم فساد ينفيها، بالسعي لإقرار التعديلات بهدف إلغاء أحكام محتملة ضده.
ارتكزت المحكمة العليا الإسرائيلية أخيراً على "بند المعقولية" لإجبار نتنياهو على إقالة وزير في الحكومة بسبب إدانته سابقاً بتهمة التهرب الضريبي.
ومساء الجمعة، هدّد ما لا يقل عن 1142 من جنود الاحتياط في القوات الجوية، بينهم طيارون مقاتلون، بتعليق خدمتهم التطوعية إذا أقر البرلمان مشروع القانون.
(فرانس برس، العربي الجديد)