نفى مسؤول بوزارة الاقتصاد الوطني الفلسطينية أن يكون امتناع الوزارة عن إصدار شهادة تجديد ترخيص مجموعة "محامون من أجل العدالة" الحقوقية كشركة مدنية؛ بسبب طلب من جهاز المخابرات العامة، مشيراً إلى أن الأمر متعلق بإجراءات رسمية وفق قانون الشركات يوجب عليها تزويد الوزارة بميزانية وملف ضريبي.
في المقابل، يصر مدير "محامون من أجل العدالة"، المحامي مهند كراجة، على روايته بإبلاغ مراقب الشركات له بوجود مشكلة لدى جهاز المخابرات العامة مع الشركة وبضرورة مراجعة الجهاز لحلها.
وكانت منظمتا "فرونتلاين ديفيندر" و"هيومن رايتس ووتش" قد نددتا بعدم تجديد السلطة الفلسطينية لترخيص المجموعة، المعروفة بمتابعة ملفات المعتقلين السياسيين.
وقال مراقب الشركات في وزارة الاقتصاد الوطني، طارق المصري، لـ"العربي الجديد" إن تصريحات كراجة عارية عن الصحة.
وروى المصري رواية مغايرة لما أدلى به كراجة في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن الوزارة طلبت منه تزويدها بميزانية الشركة حسب قانون الشركات، من أجل تجديد شهادتها، وكذلك أبلغته بضرورة إحضار براءة ذمة من ضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة. وقال إن مدير "محامون من أجل العدالة" لم يقم بفتح ملف ضريبي رغم مرور ثلاثة أعوام على إنشاء الشركة، مضيفاً أن كراجة أقر أمامه بأنه غير ملتزم ضريبيا، وأنه لم يقم بفتح ملف ضريبي.
وأكد المصري أن كراجة هو من ربط عدم تجديد شهادة الشركة بوجود مشكلة لديه مع جهاز المخابرات العامة، وأن الجهاز يتهمه بالحصول على تمويلات بحجة أن الشركة غير ربحية.
وتابع المصري: "أبلغته أن هذا الأمر مخالف للقانون ولكن لا علاقة لنا به، وما طلبته منه تقديم ميزانية حسب الأصول، وملف ضريبي، وبعد ذلك يمكن أن نجدد الشهادة، وأبلغته بأننا سنصدر كتابا رسميا له بهذا الخصوص، لكنه لم يراجعنا لاحقا لاستلام الكتاب، وفوجئنا بنشر الموضوع إعلاميا".
ونفى المصري ورود أي شيء إلى الوزارة من جهاز المخابرات حول الأمر، قائلا إنها تتعامل وفق الأصول وما يحكمها هو القانون، وإن الامتناع عن إصدار الشهادة مرتبط بإجراءات رسمية وفق قانون الشركات.
وحول القضية التي رفعها كراجة في المحكمة الإدارية، قال المصري إن الوزارة لم يصل إليها أي شيء من المحكمة حتى الآن.
في المقابل، قال المحامي كراجة لـ"العربي الجديد" إن توضيحات وزارة الاقتصاد غير صحيحة مصرا على روايته، وأكد أن مراقب الشركات أبلغه شخصيا قرابة خمس مرات بوجود مشكلة لدى جهاز المخابرات مع المجموعة، وأن حلها يتطلب مراجعة الجهاز.
وأضاف أن مراقب الشركات اصطحبه إلى مكتب موظفة أخرى في الوزارة، والتي بدورها أبلغته أمام المراقب بوصول رد من جهاز المخابرات العامة؛ بالتأكيد على عدم إصدار ترخيص للمجموعة، وأنه في إحدى المرات كانت برفقته محامية زميلة له وأبلغا بالأمر سويا.
وأكد أن مراقب الشركات لم يطلب منه ميزانية أو تقارير مالية، ورفض إعطاءه شهادة لغايات فتح ملف ضريبي، وهو إجراء متبع حسب كراجة، بإعطاء شهادة لغايات معينة للشركات التي تواجه مشكلات، وليس شهادة كاملة.
وحول الملف الضريبي، قال كراجة إنه يملك ملفا ضريبيا شخصيا باسمه كمحام، وإنه استعد لفتح ملف ضريبي للشركة وإغلاق ملفه الضريبي الشخصي بسبب عدم جواز ازدواجية الملفات الضريبية، لكنه كان بحاجة إلى شهادة لغايات ذلك ولم يحصل عليها.
ونفى كراجة أن تكون الوزارة أبلغته بإصدار كتاب رسمي وأن عليه العودة لاستلامه، مؤكدا أن ما قيل له هو ضرورة الذهاب لجهاز المخابرات لحل مشكلته.
وكان "العربي الجديد" أجرى مقابلة مع كراجة أمس الخميس، قال خلالها إن مراقب الشركات أبلغه بأن الرفض جاء من جهاز المخابرات، وإن المجموعة تقدمت بطعن أمام المحكمة الإدارية في 5 إبريل/ نيسان الجاري.
وعلق على ذلك قائلا "المجموعة ومنذ تأسيسها في عام 2011، تواجه مضايقات وملاحقات، ومنها اعتقالي شخصياً، ومحاكمتي وإحالتي إلى النيابة العامة، وكل ذلك بسبب نشاطات محامون من أجل العدالة".
واعتبر كراجة أن ما يحدث هو جزء من مسلسل الملاحقات والتحريض الدائم ضد المجموعة، ومحاولة محاصرتها، وتقويض عملها، ووضع عقبات أمامها، وخاصة لوجود دور لها محلياً ودولياً في مجال حقوق الإنسان، وأخذت شرعية كبيرة في هذا المجال، حسب كراجة.
وقالت "هيومن رايتس ووتش"، أمس الخميس، في بيان لها، إنّ "دعوات السلطة الفلسطينية إلى حماية المجتمع المدني الفلسطيني وحماية حقوق الإنسان ستظل جوفاء، طالما أنها تمنع المجموعات من ممارسة عمل يركز على انتهاكاتها".
وكانت منظمة "فرونتلاين ديفندرز" الدولية قد اعتبرت في بيان، القرار تجميداً لترخيص المجموعة الحقوقية من قبل وزارة الاقتصاد قسراً، بطلب من المخابرات العامة الفلسطينية.
وتعمل المجموعة منذ العام 2011 في مجال حقوق الإنسان، فيما تم تسجيلها كشركة مدنية في العام 2020، وتركز على ملف الاعتقال التعسفي والمعتقلين السياسيين، بالتمثيل القانوني والمناصرة الإعلامية. وبحسب كراجة، فقد انضم للمجموعة على مدار السنوات الماضية قرابة 80 محامياً، فيما يعمل حالياً في إطارها حوالى 20 محامياً.