مسؤول عراقي يكشف حقيقة تخفيض عدد الموظفين في السفارة الأميركية

03 ديسمبر 2020
لا يعتقد عراقيون أن التخفيض سببه تهديدات بل هو روتيني استعداداً لاحتفالات الميلاد (تويتر)
+ الخط -

أقر مسؤول عراقي بارز في بغداد، اليوم الخميس، بصحة التقارير التي تحدثت عن تخفيض عدد الموظفين الأميركيين العاملين في السفارة الأميركية ببغداد، مؤكداً في الوقت ذاته أن الأمر لم يكن عملية تخفيض دفعة واحدة، بل بشكل تدريجي لموظفين ثانويين، وآخرين في الملحقات الثقافية والتعليمية وجانب الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وتم ذلك دون تبليغ رسمي من قبل المسؤولين الأميركيين لحكومة الكاظمي، متحدثاً عن سببين للتخفيض الحاد في عدد موظفي السفارة لأقل من النصف.

ويأتي ذلك مع تحضيرات تجريها وزارة الخارجية العراقية لاستكمال جلسات الحوار الاستراتيجي بين البلدين، المتوقعة خلال الشهر المقبل، والتي عقدت منها جلستان، واحدة في بغداد عبر دائرة تلفزيونية في مطلع يونيو/حزيران الماضي، والثانية خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن في أغسطس/آب الماضي.

وبحسب مسؤول عراقي في بغداد، فإنه "لغاية الآن لم تبلغ السفارة الأميركية في بغداد ولا وزارة الخارجية العراقية بتخفيض أنشطها أو إلغاء برامج تضطلع بها بالشراكة مع العراق، كالبرامج الثقافية أو العلمية والمتعلقة بالمساعدة على استقرار المدن المحررة، لكن التخفيض تم لموظفين غير أساسيين"، مبيناً أن أسباب هذا التخفيض ترتبط بالجانب الأمني بطبيعة الحال، والخشية من تهديدات جماعات مسلحة مقربة من إيران، بالتزامن مع قرب الذكرى الأولى لمقتل زعيم فيلق القدس قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

معتبراً أن حلول إجازة أعياد الميلاد كان له دور في تراجع عدد موظفي السفارة في بغداد أيضاً، وهو ما يتكرر كل عام في مثل هذا الوقت. ومتحدثاً عن إجراءات أمنية مشددة للقوات العراقية في المناطق التي سبق أن تم من خلالها إطلاق صواريخ كاتيوشا باتجاه السفارة، من بينها مراقبة الساحات والمناطق الفارغة بين الأحياء السكنية، كما أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أجرى في الأيام الأخيرة اتصالات مع الشخصيات المؤثرة داخل الفصائل المسلحة لمنع أي هجمات جديدة قد تنفذها في ذكرى مقتل سليماني والمهندس.

حلول إجازة أعياد الميلاد كان له دور في تراجع عدد موظفي السفارة في بغداد، وهو ما يتكرر كل عام في مثل هذا الوقت

وفي السياق ذاته، لم يستبعد القيادي في منظمة "بدر" معين الكاظمي، وهي من الفصائل المسلحة المقربة من طهران، أن تكون هناك عمليات انتقامية في الذكرى الأولى لاغتيال سليماني والمهندس.

وأضاف الكاظمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "قيام الأميركيين بخفض عدد الموظفين في سفارتهم ببغداد، فيه جانبين، الأول أن ترامب بعد خسارته قد يقدم على حدث معين يشعل المنطقة مع نهاية فترة حكمه، والثاني هو الذكرى الأولى لاغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، فقد تكون هناك عمليات انتقامية من جهات معنية، وهذا الأمر غير مستبعد وهو محتمل". وأضاف الكاظمي أن "هدنة الفصائل المسلحة ما زال معمولا بها، لكن قد تكون هناك أطراف أخرى غير مرتبطة أو محسوبة على هذه الهدنة".

أما القيادي في "الجبهة العراقية" أثيل النجيفي، فقد رأى أن الإيرانيين يسعون للتهدئة ولا يريدون الآن أي استفزاز للولايات المتحدة مع قدوم الرئيس الجديد جو بايدن. وأضاف النجيفي: "إيران تعرف أنه ليس من مصلحتها أن تبدأ عهدها مع جو بايدن بتصعيد كبير في العراق، ولهذا ستسعى إلى بدء صفحة جديدة مع بايدن، لذلك الراجح أنه ستمر ذكرى مقتل سليماني والمهندس بطريقة غير استفزازية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية".

تعرف إيران أنه ليس من مصلحتها أن تبدأ عهدها مع جو بايدن بتصعيد كبير في العراق، ولهذا ستمر ذكرى مقتل سليماني والمهندس دون استفزازات

واعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن خفض الولايات المتحدة عدد دبلوماسييها في سفارتها ببغداد، "إجراء احترازي، ليس أكثر من هذا، كما أن التخفيض لن يؤثر على الوضع الأميركي في العراق، فهذا الوضع سيبقى على حاله ويتحدد لاحقاً ما بعد استلام جو بايدن السلطة بشكل رسمي".

في المقابل، قال الخبير في الشأن السياسي والأمني المقرب من أجهزة الاستخبارات العراقية، فاضل أبو رغيف، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد": "لا نعتقد أن خفض الولايات المتحدة الأميركية عدد دبلوماسييها في سفارتها في العاصمة بغداد، جاء نتيجة تهديدات أمنية، وهذا الانسحاب دائماً ما يكون روتينياً، وخاصة في هذا التوقيت، استعداداً لاحتفالات رأس السنة الميلادية".

وبيّن أبو رغيف أن "هذا التخفيض يأتي بالتزامن مع تخفيض الوجود العسكري الأميركي في العراق، الذي بدأ منذ ما يقارب العام، وتم تسليم سبع قواعد في مختلف المدن العراقية، خصوصاً أن عدد القوات الأميركية في العراق تراجع لأقل من 3000 جندي. وهذا التخفيض في السفارة الأميركية يأتي بالتزامن مع التخفيض العسكري".

وأضاف أن "هناك هدنة مع الفصائل المسلحة، لإيقاف أي عمل عسكري متبادل بين تلك الفصائل والجانب الأميركي، ولهذا فإن القيام بعمل عسكري في ذكرى اغتيال سليماني والمهندس، أمر مستبعد".

المساهمون