كشف مسؤول عسكري جزائري أن بلاده دمّرت أكثر من ثمانية ملايين لغم أرضي منذ عام 2004، كانت زرعتها قوات الاستعمار الفرنسي، خاصة على الحدود مع كل من المغرب وتونس، وذلك خلال مؤتمر دولي حول مكافحة وإزالة الألغام المضادة للأفراد في القارة الأفريقية، اختتم اليوم في الجزائر.
وقال الضابط بالجيش الجزائري في سلاح هندسة القتال، إلياس طرودي، إن بلاده "تمكنت في الفترة الممتدة ما بين عامي 2004 إلى 2016 من تدمير أكثر من ثمانية ملايين لغم، وتطهير أزيد من 62 ألف هكتار من الأراضي الملغمة".
وكشف أن الإحصاء يهم المرحلة الثانية التي سبقتها خطة سابقة بين عامي 1963 الى 2004، تمكنت خلالها وحدات هندسة العسكرية من تدمير أكثر خمسة ملايين لغم أرضي. وأشار إلى أن الجزائر تمكنت "بعد عقود من الكفاح والمجهودات المبذولة على جميع الأصعدة من القضاء التام على خطر الألغام المضادة للأفراد والذي تسبب في سقوط ضحايا وكبل (كبح) عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على طول الأشرطة الحدودية الشرقية والغربية للوطن".
وتم خلال المؤتمر استعراض تجربة الجزائر في مجال تدمير الألغام وتطهير المناطق الحدودية خاصة من حقول الألغام الكبيرة. وقال وزير المجاهدين (قدماء محاربي ثورة التحرير) العيد ربيقة خلال المؤتمر الذي عقد تحت شعار "من أجل أفريقيا آمنة وخالية من الألغام"، إن "الجزائر أطلقت عاماً بعد استقلالها، عام 1963، خطة شاملة لتطهير ترابها من الألغام المضادة للأفراد، والتكفل الصحي والاجتماعي والنفسي بضحايا الألغام، وتم تجنيد موارد وطنية مهمة لإنفاذ هذه الخطة، خاصة المناطق الحدودية مع كل من المغرب وتونس، والتي كانت محاطة بخطوط مكهربة وحقول ألغام لمنع تهريب الأسلحة ودخول الثوار إلى الجزائر من الحدود".
وأكد ربيقة أن الجزائر نفذت بشكل كامل البرنامج الوطني الخاص بإزالة الألغام، وفق ما نصت عليها اتفاقية أوتاوا المتعلقة بحظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدميرها، وأوضح أن عمليات التطهير من الألغام سمحت للمواطنين بالاستفادة من أراضيها في الزراعة، وللدولة من تجسيد مشاريع تنموية بما يخدم الصالح العام للوطن وجعلها مصدرا للازدهار والرخاء بعدما كانت مناطق محرمة تحصد الأرواح وتزرع الموت.
وتحدث عن استعداد بلاده التي انخرطت مبكراً في الاتفاقية الدولية لحظر الألغام للمساهمة ومد يدها للمجتمع الدولي بطريقة فعالة ومنسقة في رفع تحدي إزالة الألغام المضادة للأفراد المزروعة في شتى بقاع العالم للحد من التهديدات الإنسانية والاقتصادية الناجمة عنها.
من جانبها، قالت الأمينة العامة المساعدة للندوة الأممية لنزع الأسلحة، ميلاني ريغيمبال، في مداخلة مسجلة، إن أكثر من 55 مليون لغم مضاد للأفراد قد تم تدميرها عبر العالم.
أما ممثل الحملة الدولية لمكافحة الألغام أيمن سرور، فأكد وجود مشكلات جدية تعاني منها الكثير من الدول الأفريقية، في مجال تدمير هذا النوع من الألغام، يخص عدم وجود ميزانيات وطنية ولو ضئيلة لمكافحة الألغام وضعف التنسيق بين الجهات الرسمية والمنظمات غير الحكومية، داعياً إلى تعاون أفريقي في مجال مكافحة الألغام.
وتعود هذه الألغام إلى فترة الاستعمار الفرنسي، حيث لجأت سلطات الاستعمار إلى إقامة أسلاك شائكة وحقول من الألغام على الحدود الجزائرية الشرقية والغربية بطول 1710 كيلومترات، في الفترة بين 1956 و1962، لمنع تسلل الثوار الجزائريين من تونس والمغرب، وإدخال السلاح والذخيرة لدعم الثورة الجزائرية.
وتعترف السلطات الفرنسية في تقارير رسمية بزرع 11 مليون لغم، حيث استغلت المساجين الجزائريين الذين أجبرتهم على العمل في المشروع، وقامت بتهجير ثلاثة ملايين من الجزائريين من سكان المناطق الحدودية لإقامة خطين مكهربين وزرع حقول من الألغام.
وفي 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2008، سلمت السلطات الفرنسية الجزائر رسمياً خرائط لمزارع وحقول الألغام التي زرعتها، للمساعدة في نزعها وتدميرها.
وتتسبب بقايا الألغام المزروعة سنويا في عدد من القتلى والمعطوبين، حيث تسجل بشكل مستمر انفجار عدد منها على سكان المناطق الحدودية، كان آخرها قبل أشهر عندما انفجر لغم أرضي على خمسة أشخاص كانوا في رحلة صيد في منطقة تبسة على الحدود بين الجزائر وتونس. وتحصي الجمعية الجزائرية لضحايا الألغام أن أكثر من أربعة آلاف شخص قضوا بسبب انفجار الألغام منذ عام 1963، إضافة الى ما يقارب أربعة آلاف شخص أصيبوا بعاهات مختلفة.