يلتقي وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، اليوم الاثنين، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شمال أفريقيا جوشوا هاريس، الذي حلّ أمس الأحد في العاصمة الرباط، في زيارة تحمل عنواناً بارزاً هو مناقشة ملف الصحراء، في وقت ترى فيه واشنطن "ضرورة التوصل، دون مزيد من التأخير، إلى حل سياسي متفاوض بشأنه".
وتُعتبر زيارة هاريس إلى المغرب هي الثانية من نوعها في غضون ثلاثة أشهر فقط، بعد الزيارة الأولى في بداية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، والتي قادته إلى العاصمة الجزائرية، ومخيمات تندوف بجنوب الجزائر والعاصمة المغربية، بالتزامن مع جولة إقليمية نظمها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى المنطقة وشملت لأول مرة مدينتي العيون والداخلة بالصحراء، فضلاً عن الجزائر وموريتانيا.
إلى ذلك، استبقت وزارة الخارجية الأميركية زيارة هاريس إلى الرباط، بتأكيد أن الموقف "الواضح والثابت" للولايات المتحدة إزاء قضية الصحراء لم يتغير، مجددة دعم واشنطن للمخطط المغربي للحكم الذاتي باعتباره "جاداً، وذا مصداقية، وواقعياً".
وأوضحت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان لها، عشية زيارة هاريس إلى المغرب (17 و18 ديسمبر/ كانون الأول)، أن المسؤول الأميركي "سيجدد التأكيد"، خلال مباحثاته بالرباط، "على أنه ليس هناك أي تغيير بشأن الموقف الواضح والثابت للولايات المتحدة".
وقالت إن "الولايات المتحدة تدعم بشكل تام المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في تيسير عملية المفاوضات الرامية إلى التوصل لحل عادل ودائم ومقبول لدى الأطراف" للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
ولفتت إلى أن واشنطن "ترى ضرورة التوصل، دون مزيد من التأخير، إلى حل سياسي متفاوض بشأنه"، معتبرة أن "نتيجة المفاوضات التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدة، المتفق عليها من قبل الأطراف والتي تعكس التزامها بجهود الأمم المتحدة بروح من الواقعية والتوافق، ستشكل الحلّ النهائي لهذه القضية".
من جهة أخرى، كشفت الخارجية الأميركية أن زيارة هاريس إلى الرباط ستركز أيضا على "تعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة والمغرب، وعدد من الأولويات في مجال الأمن الإقليمي".
وكانت مصادر صحراوية متابعة للملف قد رأت، في حديث سابق مع "العربي الجديد"، أن زيارة مسؤولين أميركيين إلى المنطقة تدخل في سياق عملية استكشاف الأفق، للدفع في اتجاه تسوية ملف الصحراء، لافتة إلى أن واشنطن تحاول جرّ جبهة "البوليساريو" والجزائر بدرجة أولى في اتجاه أن تخطو خطوة إلى الأمام في الاتجاه المؤدي للتسوية مع المغرب.
وربطت المصادر ذاتها التحركات الأميركية بمخرجات الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في شهر أغسطس/ آب الماضي إلى واشنطن، ولقائه نظيره الأميركي أنتوني بلينكن ومسؤولين كبار في الوزارة ومجلس الأمن القومي. وبرأيها، فإنّ "ما تمّت مناقشته خلال تلك الزيارة والتحركات الدبلوماسية الأميركية حالياً، تشير إلى وجود خطوات تهدف إلى إعادة ترتيب العلاقات المغربية الجزائرية وإيجاد حل لنزاع الصحراء".
وأوضحت المصادر أن القرار الرئاسي الذي أصدره الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والقاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء لم يتغير قيد أنملة مع إدارة جو بايدن، وأن هذه الأخيرة تسعى، من خلال تحركاتها الحالية المرتبطة بتدبير مصالحها، إلى الحفاظ على مصالح حليفها المغرب، من دون خسارة الجزائر لفائدة خصومها، وأنه من أجل تحقيق هذه المعادلة، تحاول التقريب بين الرباط والجزائر لإيجاد حلّ لملف الصحراء في إطار تدبير أممي.
وكان المغرب قد قدّم في عام 2007 مبادرته حول الحكم الذاتي في الصحراء، باعتبارها "فرصة حقيقية من شأنها أن تساعد على انطلاق مفاوضات، بهدف التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف على أساس إجراءات توافقية تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة".
وتعتبر حوالي 100 دولة أن المقترح المغربي للحكم الذاتي يشكل حلاً واقعياً من أجل إنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء، وفق سفير المغرب الدائم بالأمم المتحدة عمر هلال.