مسؤولون أميركيون: واشنطن ما زالت تعاني من عواقب غزوها للعراق

16 مارس 2023
عدد القتلى من الجيش الأميركي في العراق وسورية وصل إلى 4599 (Getty)
+ الخط -

يرى مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون أنّ الولايات المتحدة ما زالت تعاني من عواقب غزوها للعراق قبل نحو 20 عاماً، التي تراوح بين "تمكين إيران، وتضاؤل نفوذ الولايات المتحدة، نهايةً بتكلفة بقاء القوات الأميركية في العراق وسورية لمواجهة مقاتلي (داعش)".

ويقول المسؤولون إنّ قرار الرئيس السابق جورج دبليو بوش، في عام 2003، إطاحة صدام حسين بالقوة، وتقليص أعداد القوات الأميركية الذي أدى إلى اندلاع الصراع الطائفي، ثم الانسحاب الأميركي في نهاية المطاف عام 2011، عوامل أدت إلى تشكيل الوضع المعقد للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

وترك انسحاب القوات الأميركية من العراق في 2011 فراغاً ملأه تنظيم "داعش"، بحسب المسؤولين الأميركيين، الذي استولى على ما يقرب من ثلث العراق وسورية، وأثار مخاوف دول الخليج من عدم قدرتها على الاعتماد على الولايات المتحدة.

وبعد الانسحاب، أعاد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قواته إلى العراق في 2014، حيث بقي نحو 2500 جندي، وانتشرت قواته في سورية في 2015، إذ يوجد نحو 900 جندي هناك. وتقاتل القوات الأميركية في البلدين تنظيم "داعش" الذي ينشط من شمال أفريقيا وحتى أفغانستان.

وقال النائب السابق لوزير الخارجية الأميركي ريتشارد أرميتاج، ملقياً اللوم على فشل واشنطن في تأمين العراق، إنّ "عدم قدرتنا وغياب رغبتنا في إحكام سيطرتنا الأمنية سمحا بحدوث فوضى أدت إلى ظهور (داعش)".

وأضاف أرميتاج، الذي عمل في عهد بوش المنتمي إلى الحزب الجمهوري عندما غزت الولايات المتحدة العراق، أنّ الغزو الأميركي "ربما كان خطأً استراتيجياً كبيراً" مثل غزو هتلر للاتحاد السوفييتي في 1941، وهو ما انتهى بهزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.

تكاليف باهظة

وفقاً لتقديرات دراسة "تكاليف الحرب"، التي نشرتها جامعة براون هذا الأسبوع، فإنّ تكلفة الحربين في العراق وسورية بالنسبة إلى واشنطن، وصلت حتى الآن إلى 1.79 تريليون دولار أميركي، بما في ذلك إنفاق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ووزارة الخارجية ورعاية المحاربين القدامى، والفائدة على ديون تمويل الصراعات. وسترتفع هذه التكلفة إلى 2.89 تريليون دولار عند الأخذ في الاعتبار تكلفة رعاية المحاربين القدامى المتوقعة حتى 2050.

وتقدّر الدراسة عدد القتلى من الجيش الأميركي في العراق وسورية على مدار أكثر من 20 عاماً بأنه وصل إلى 4599 قتيلاً، وعند احتساب المدنيين في كلا البلدين والجيش والشرطة ومقاتلي المعارضة والإعلاميين وغيرهم، يصل العدد إلى ما بين 550 و584 ألفاً، يشمل هذا العدد القتلى الذين سقطوا في الحرب، لكنه لا يشمل الوفيات غير المباشرة الناتجة من المرض أو النزوح أو المجاعات.

وتلقت مصداقية الولايات المتحدة ضربة قوية جراء قرار بوش بالغزو بناءً على معلومات استخباراتية تبين في نهاية المطاف أنها زائفة ومبالغ فيها وخاطئة بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل.

وقال جون بولتون، أحد المدافعين عن الحرب، والذي عمل في إدارة بوش، إنّه على الرغم من ارتكاب واشنطن خطأً بعدم نشر العدد الكافي من القوات، وبقرارها إدارة العراق بدلاً من تسليم السلطة للعراقيين، فإنّه يعتقد أنّ إطاحة صدام حسين تبرر التكاليف.

وأضاف: "الأمر كان يستحق، لأن السؤال لم يكن: ‬‬هل يشكل صدام تهديداً بأسلحة الدمار الشامل في 2003؟‬ بل كان: ‬هل سيشكل تهديداً بأسلحة الدمار الشامل بعد خمسة أعوا‭م‬؟‬ (...) أعتقد أنّ الإجابة بوضوح كانت ‭‭‬‬نعم‭.‭"

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتابع: "أسوأ خطأ ارتُكب بعد إطاحة صدام حسين (...) كان الانسحاب في 2011"، قائلاً إنّه يرى أنّ أوباما أراد الانسحاب، واستخدم عدم الحصول على ضمانات لتوفير الحصانة للقوات الأميركية من البرلمان العراقي "كذريعة".

"ناقوس الخطر يُدَق في الخليج"

يقول رايان كروكر، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة في العراق، إنّ الغزو في 2003 لم يقوض النفوذ الأميركي في الخليج، بل كان الانسحاب في 2011 هو السبب، وهو ما دفع الدول العربية إلى التأكد من رهاناتها.

وكان أحدث مثال على تراجع النفوذ الأميركي، الاتفاق الإيراني السعودي، يوم الجمعة الماضي، برعاية الصين، لإعادة العلاقات بعد سنوات من العداء.

وقال كروكر، مشيراً إلى عدم رغبة الولايات المتحدة في مواصلة التضحية بالأموال والأرواح لتأمين العراق: "قررنا أننا لا نريد القيام بمثل هذه الأشياء بعد الآن، بدأ ذلك (...) بإعلان الرئيس أوباما (...) أنّه سيسحب كل القوات، هذه القرارات الأميركية لم يفرضها اقتصاد منهار أو محتجون في الشوارع. قيادتنا قررت أنها لا تريد القيام بمثل هذه الأمور، ومن هنا بدأ يدق ناقوس الخطر في الخليج".

وقال نائب وزير الخارجية في إدارة أوباما جيم ستاينبرج، إنّ الحرب أثارت تساؤلات عن استعداد واشنطن للعمل بمفردها والتعويل عليها كشريك.

وتابع: "النتيجة النهائية (...) كانت سيئة بالنسبة إلى التأثير والنفوذ الأميركيين، وقدرتنا على عقد شراكات مع دول في المنطقة".

وما زال الجدل محتدماً بين المسؤولين السابقين بشأن قرار أوباما بالانسحاب.

ولا يؤمن الكثير من المسؤولين الحاليين والسابقين بما يعتقده بولتون بأن إطاحة صدام كانت تستحق هذه التكلفة.

وعند سؤاله عما يتبادر إلى ذهنه عند الغزو وما تلاه، أجاب أرميتاج بكلمة "فوبار"، وهو اختصار عسكري يرمز إلى "فوضى تفوق كل الحدود". بينما كانت إجابة لاري ويلكرسون، كبير موظفي وزير الخارجية السابق، بأنها كانت أول "كارثة". فيما أجاب ستاينبرج: "غير ضرورية".

(رويترز)

المساهمون