انتخب مجلس الأمة الكويتي، اليوم الثلاثاء، مرزوق الغانم رئيساً له، في الانتخابات الرئاسية البرلمانية للفصل التشريعي السادس عشر، وفق عملية اقتراع سرية شابها العديد من التجاوزات والتجاذبات بين المعارضة ورئيس السن حمد الهرشاني.
وحصل الغانم على 33 صوتاً، فيما حصل منافسه بدر الحميدي على 28 صوتاً، وأُبطلت ثلاث أوراق، وغاب عن الحضور وزير الدفاع الشيخ ثامر صباح السالم الصباح، ليصبح مجموع المصوتين من الحكومة والبرلمان 65 عضواً.
وبهذا الفوز، يصبح الغانم رئيساً لمجلس الأمة للمرة الثالثة على التوالي، بعد ترؤسه مجلس الأمة في عام 2013 و2016، فيما حصل النائب أحمد الشحومي على منصب نائب الرئيس، بواقع 41 صوتاً مقابل 19 صوتاً لمنافسه حسن جوهر.
وساد معركة الانتخابات الرئاسية الخطاب الانتخابي في الكويت، إذ أعلن عدد من المرشحين المحسوبين على كتلة المعارضة رفضهم لوجود مرزوق الغانم كرئيس جديد للبرلمان، بسبب ما وصفوه من "نهج محابٍ للحكومة".
عاجل / لحظة فوز النائب مرزوق علي الغانم برئاسة مجلس الأمة. pic.twitter.com/zutWAeSILx
— المجلس (@Almajlliss) December 15, 2020
وبعد ظهور نتائج الانتخابات، واكتساح المعارضة والقبائل لها، اجتمع 42 نائباً وقرروا الاتفاق على ترشيح بدر الحميدي، وزير الإسكان السابق الذي حصل على عضوية البرلمان عن الدائرة الثانية كمرشح للرئاسة، وانسحب النائب المعارض محمد المطير من السباق الانتخابي الرئاسي لحشد أكبر عدد ممكن من الأصوات لصالح الحميدي، فيما لم يعلن الغانم ترشحه للرئاسة حتى جلسة اليوم، مما سبب توتراً كبيراً لدى المعارضة.
لكن كتلة الـ42 تبادلت الاتهامات والشكوك فيما بينها، خصوصاً مع انتشار شائعات تفيد بوجود نواب أعلنوا دعمهم للغانم سراً، وللحميدي علناً في انتخابات الرئاسة، لتقوم المعارضة بجمع أكثر من 38 توقيعاً ليلة انتخابات الرئاسة، طالبوا فيها رئيس السن في مجلس الأمة حمد الهرشاني باعتماد التصويت العلني بدلاً من التصويت السري المنفرد.
ورفض الهرشاني الاستجابة لطلب الأعضاء، مؤكداً أنه مخالف للمادة 35 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، والتي تنص على أن التصويت في انتخابات مكتب المجلس (أي الرئيس ونائبه وأمين السر والمراقب) سري، مما أدى إلى تدخل الأعضاء المعارضين وصعودهم لمنصة الرئاسة.
وحاول النواب بدر الداهوم، الذي بات زعيم المعارضة، ومحمد المطير، وأسامة المناور، إجبار رئيس السن على التصويت العلني، لكن رئيس السن استشهد بأقوال لفقهاء دستوريين كويتيين أبرزهم المستشار القانوني في الديوان الأميري الدكتور عادل الطبطبائي والمستشار القانوني محمد الفيلي، اللذان أكدا أن اللائحة تشترط التصويت السري لانتخابات الرئاسة.
وشهدت الجلسة تهجماً من قبل بعض الحضور على النواب المعارضين للتصويت السري، مما حدا بالنائب عبد الكريم الكندري على الطلب من رئيس السنّ ضبط الجلسة، ومنع الجمهور من التهجم.
واتجه المعارضون إلى خطة أخرى فور رفض التصويت السري، إذ ألزموا كل نائب يذهب للتصويت بتصوير ورقة الاقتراع، وهو ما يشكل مخالفة دستورية، لكن رئيس السن تغاضى عنها.
ولجأ النواب الموالون للغانم سراً والمحسوبون على الحميدي علناً إلى حيلة أخرى، وهي إبطال الأصوات، حيث قاموا بالتصويت لبدر الحميدي وتصوير ورقة الاقتراع، ومن ثم قاموا بإبطال أصواتهم والتي بلغت ثلاثة أصوات، لينتصر الغانم في نهاية الأمر بواقع 33 صوتاً منها 15 صوتاً حكومياً، ويقف رقم بدر الحميدي عند 28.
ويتحدر الغانم من أسرة تجارية كبيرة في الكويت، وهو نجل عضو مجلس الأمة في عام 1971 علي ثنيان الغانم، كما أن خاله هو جاسم الخرافي الذي ترأس مجلس الأمة لخمس دورات برلمانية متتالية.
وأسهم الغانم في استعادة الحكومة الكويتية زمام السيطرة على العملية السياسية في البلاد عقب احتجاجات عام 2011، والتي أدت إلى إسقاط الحكومة آنذاك وانتخاب برلمان معارض في عام 2012 قبل أن يحلّه أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، وإصدار مرسوم الصوت الواحد، مما أدى إلى مقاطعة المعارضة للبرلمان، وانطلاق مسيرات "كرامة وطن" والتي أدخلت الكويت في حالة من الجمود السياسي.
لكن انتخاب الغانم كرئيس لمجلس الأمة عام 2013 وتمريره العديد من القوانين المهمة للحكومة، إضافة إلى إبعاده كافة المعارضين عن مراكز القوى في البلاد، أدّى إلى إنشاء تحالف طويل بينه وبين الحكومة، وهو ما أدى لانتخابه مرة أخرى كرئيس للبرلمان في عام 2016.
ويهدد المعارضون الكويتيون في البرلمان بتقديم كتاب عدم تعاون مع الحكومة، لإجبارها على الاستقالة، أو حلّ البرلمان، مما يعني انتخابات برلمانية جديدة تهدف إلى إبعاد الغانم عن كرسي الرئاسة من جديد.